قال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إن ما وقع للشابة حياة يدق ناقوس الخطر حول الأوضاع المزرية التي تعيشها الفئات الشعبية وبالأساس شرائح الشباب.
وأضاف بنعبد الله الذي كان يتحدث، أول أمس الخميس بأزمور، في افتتاح الجامعة الصيفية للشبيبة الاشتراكية التي تحمل هذه السنة اسم الفقيد محمد بن الصديق، أن “حياة” أصبحت رمزا لجميع الشباب كما هو معبر عنه بوسائط التواصل الإجتماعي.
وأكد بنعبد الله أن مئات الآلاف من الشباب يعيشون نفس الوضعية الاجتماعية التي كانت تعيشها الشابة حياة وكثير منهم أضحى يفكر في مغادرة الوطن، “وهذا أمر خطير يسائلنا جميعا، حكومة وأحزابا وسلطات عمومية ونقابات ومجتمع مدني وكل من يساهم في النموذج التنموي، حول الوضعية المأساوية التي أصبحنا نعيشها وانسداد الأفق في وجه الشباب”، يقول بنعبد الله.
ودعا الأمين العام لحزب “الكتاب”، في ذات اللقاء الذي سير أطواره يونس سيراج مدير دورة الجامعة الصيفية، إلى ضرورة “الاستيقاظ” والتعاطي مع الأحداث بالجدية اللازمة، وتجاوز الصراعات الهامشية لبعض المكونات السياسية، مستغربا من صراع هذه المكونات، في الوقت الذي يعيش فيه المغرب أحداثا صعبة، وانسدادا للأفق، وتنامي هجرة الشباب بشكل كبير، مشددا على ضرورة الوعي بهذا الخطر الذي يهدد المغرب والذي قد يؤدي في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه إلى نتائج لا تحمد عقباها.
وأوضح بنعبد الله أن قضية “حياة” هي قضية مئات الآلاف من الشباب الذين يطمحون للحياة الكريمة التي لا تستقيم إلا بتوفر الحرية، والشغل، والتعليم، والصحة، والسكن، وغيرها من الأساسيات، مشيرا إلى أن “حياة” لجأت إلى الحل الأخير حينما لم تجد كل هذا، لتغامر بحياتها بحثا عن حياة كريمة، وعن الشغل، وعن فضاء الحرية، والعزة، وشيء من الرفاهية.
وبعدما قدم التعازي لأسرة الشابة حياة باسم حزب التقدم والاشتراكية ومنظمة الشبيبة الاشتراكية، دعا بنعبد الله الحكومة إلى الاستجابة لمطالب الشباب عوض هدر الوقت في “التراشقات” بين بعض مكونات الأغلبية، “لأن ما يحدث اليوم من تعبيرات اجتماعية، سواء من خلال الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها مجموعة من المناطق بالمغرب، منها الحسيمة، وزاكورة، وتنغير، وجرادة، وسلا، ومناطق أخرى يدعونا، يضيف المتحدث، يفرض ” تكثيف الجهود ووضع اليد على مكامن الخلل، والعمل على خدمة فئات شعبنا”.
وأضاف زعيم التقدم والاشتراكية “حان الوقت لنستيقظ، ونهتم بشبابنا وننهض بأوضاعه، ونتجاوز حالة الحيرة التي تخيم على الوضع السياسي العام، وعلى الفئات الاجتماعية، بما فيها شرائح الشباب التي تشكل ثلث سكان المغرب.
وتساءل بنعبد الله الذي حضر إلى جانبه وفد مهم عن المكتب السياسي للحزب، عن جدوى بعض الممارسات والتراشقات “العبثية” والجدل العقيم لبعض مكونات الأغلبية الحكومية، وعن وعي هذه المكونات بخطورة الأوضاع الاجتماعية.
وأضاف المسؤول الحزبي متسائلا “هل الشباب ينتظر صراعات هامشية من هذا النوع، أو ينتظر حكومة قوية قادرة على الاستجابة لطموحات شبابنا وطموحات شعبنا”، قائلا، في هذا السياق “بإمكاننا أن نجيب البعض الذي يتوجه لحزبنا.. لكننا لن نسقط في هذا الفخ، لأننا نعي في حزبنا خطورة الأوضاع وحساسيتها”.
وتابع المتحدث “لسنا من أنصار “السوداوية”، لكن بالنظر للأوضاع السياسية العامة المتسمة بضبابية كبيرة وانسداد الأفق، وبالتعثرات التي يتخبط فيها الحقل الاقتصادي، سنفهم أن أوضاعا من هذا النوع ممكن أن تؤدي إلى نتائج كارثية”.
وفي كلمة وجهها بنعبد الله إلى عدد من الأوساط الشعبية وللحكومة وأصحاب القرار، دعا إلى الوعي بالتحديات المطروحة اليوم، والهوة الكبيرة بين الشباب والحياة العامة، مستشهدا على ذلك بمجموعة من التقارير الوطنية التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وشدد بنعبد الله على أن هذه التقارير تعطي إشارات دالة على ما يقع، ويجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار، و”هذا الأمر يسائلنا جميعا، ويجب علينا أن نبحث عن الكيفية التي يتعين بها التعامل مع هذه الأوضاع، ومواجهة الإقصاء والهشاشة التي تعاني منها هذه الفئة، يردف المتحدث.
كما أبرز الأمين العام أن قنوات التأطير أصبحت ضعيفة جدا بسبب مجموعة من الممارسات التي شهدتها البلاد في محطات سابقة، مشيرا إلى أن هذا أمر حذر منه حزب التقدم والاشتراكية في أكثر من مناسبة، خصوصا وأن التقارير التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي شخصت هذه الحالة التي يعيشها الشباب من هوة واسعة بين الشباب وصناعة القرار.
وكشف بنعبد الله أن النقاش الجاري بحزب التقدم والاشتراكية في أفق انعقاد الدورة القادمة للجنته المركزية، والاتصالات التي يقوم بها بدءا من يوم الجمعة مع حزب العدالة والتنمية ومع مكونات كثيرة من المجتمع تهدف إلى التأكد من وضعية الحزب الحالية في المشهد السياسي، و”هل ستكون مشاركته في الحكومة لها وقع حقيقي على مسار الإصلاح، وهل هذه الحكومة قادرة على الإنصات للشعب”، يتساءل الأمين العام.
وقال المسؤول الحزبي إن “هناك نوعا من اللامسؤولية وأطماعا أخرى لا علاقة لها بمصلحة المغاربة، وبمصلحة المغرب، لبعض المكونات”، مضيفا “سنقوم باتصالات مع المعنيين بالأمر لنرى هل هناك رغبة حقيقية في الإصلاح ونستمع لشعبنا ونستمع لشبابنا ونقدم أجوية، وحينها سنمضي ونضحي لأنه لدينا مناضلون ومناضلات وليس أشخاص يرغبون في الكراسي”، متابعا “لن يكون معيار موقعنا المقبل في المشهد السياسي مسار أشخاص بل ما يمليه مسار الإصلاح والقضايا الشعبية وإلى أين يمكن أن نذهب بمسار الإصلاح ومع من؟”.
في ذات السياق، أشاد بنعبد الله باختيار الشبيبة الاشتراكية لموضوع الدورة حول الشباب ومشاكله في الصحة والتعليم والشغل والسكن في تفاعل إيجابي مع ما دعا إليه جلالة الملك في الخطابين الساميين بمناسبة عيدي العرش وثورة الملك والشعب، مؤكدا على ضرورة تنزيل هذه التوجيهات الملكية على مستوى الحكومة.
من جهة أخرى ثمن بنعبد الله اختيار الشبيبة الاشتراكية لاسم محمد بنصديق للدورة الجارية من الجامعة الصيفية، مؤكدا على أن هذا الاختيار تكريس لثقافة الاعتراف والعرفان للمجهودات التي يبذلها مناضلاتنا ومناضلونا في صفوف حزب التقدم والاشتراكية وصفوف الشبيبة الاشتراكية وقبلها الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، ومنهم الفقيد الرفيق الفذ محمد بن الصديق.
ونوه بنعبد الله بخصال الراحل بنصديق التي ميزته لعقود من الزمن منذ أن كان شابا وطالبا جامعيا خارج المغرب، ومنذ أن كان يراسل جريدة “البيان” من مدينة تطوان، وعمله إلى جانب الراحل “علي يعتة”، مثمنا المجهودات التي قام بها الراحل والنضالات التي خاضها في صفوف حزب التقدم والاشتراكية إلى آخر نفس من حياته.
كما قدم نبيل بنعبد الله شهادة في حق القيادي والمناضل التقدمي مصطفى البرايمي الذي جرى تكريمه خلال حفل الافتتاح، منوها بنكران الذات والخصال التقدمية واليسارية التي يتمتع بها هذا المناضل، والذي قال عنه إنه أعطى الشيء الكثير لحزب التقدم والاشتراكية على حساب وقته الخاص وعلى حساب حياته المهنية والأسرية.. وأضاف بنعبد الله في شهادته حول رفيق دربه قائلا: “الرفيق مصطفى البرايمي بالإضافة إلى كونه مناضلا حقيقيا ونموذجيا، فهو أيضا قامة علمية وازنة”.
من جانبه قال جمال كريمي بنشقرون الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية إن تكريم مصطفى البرايمي عرفان من جيل الشباب لجيل الرواد، وعرفانا لما يقدمه هذا المناضل ابن مدينة أزمور لحزب “الكتاب” وذراعه الشبابية.
كما أوضح بنشقرون أن الجامعة الصيفية للشبيبة الاشتراكية تطرح للنقاش مجموعة من القضايا التي تهم الشباب على رأسها الشغل، التعليم، وغيرها من الأساسيات، مشيرا إلى أن شعار “من أجل وطن يتقدم بشبابه” شعار ترفعه الشبيبة الاشتراكية لجميع المكونات وجميع الفرقاء والمكونات، من أجل الاستماع لهموم الشباب وقضاياهم والاستجابة لها.
وبعدما قدم الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية برنامج الدورة الجارية من الجامعة الصيفية، أكد على أن الشبيبة الاشتراكية ومنذ مؤتمرها الأخير اختارت رفع شعار الشباب قوة التغيير، إيمانا منها بضرورة إشراك هذه الفئات من الشعب في صناعة القرار وإدماجهم في الحياة السياسية العامة، لتجاوز حالة الهوة بين هذه الشرائح والمكونات التي تتبوأ مراكز القرار.
إلى ذلك، وفي إطار تكريم مصطفى البرايمي عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية والأستاذ الجامعي، أجمع كل من بدر نور الدين رئيس المجلس البلدي لأزمور، ونائبته نجية الوشيني، وعن فرع حزب التقدم والاشتراكية بالجديدة محمد الرداف، على الخصال المتميزة التي يتمتع بها مصطفى البرايمي وكذا نكران الذات التي يشتغل بها من أجل تنمية منطقة أزمور والنضالات التي يخوضها في صفوف حزب الكتاب من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والحياة الكريمة لساكنة أزمور.
وأجمع المتدخلون الذين قدموا شهاداتهم في حق مصطفى البرايمي، على أن هذا المناضل دائما ما يختار النضال دون أن يحتل الصفوف الأمامية أو يحمل أطماع أو رغبة في منصب معين، مشيرين إلى أن النضال ينبض في عروقه منذ عقود، وأن نضالاته موجهة لخدمة القضايا الشعبية.
جدير بالذكر أن مئات الشباب حلوا صباح الخميس بمدينة أزمور للمشاركة في الجامعة الصيفية التي تنظمها الشبيبة الاشتراكية تحت شعار “من أجل وطن يتقدم بشبابه” والتي اختير لها هذه السنة اسم الراحل محمد بنصديق الذي وافته المنية قبل أشهر.
كما يذكر أنه جرى، خلال حفل الافتتاح، تكريم المناضل التقدمي مصطفى البريمي ابن مدينة أزمور، حيث سلمه كل من محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وجمال كريمي بنشقرون الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاشتراكية هدايا تذكارية عرفانا لما قدمه من نضالات تحت راية حزب التقدم والاشتراكية.
> محمد توفيق أمزيان