أفاد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية، أن الحكومة حرصت من خلال مشروع قانون المالية 2019 على إعطاء إشارات قوية في اتجاه تعزيز التواصل مع المواطن وتقوية ثقته في مؤسسات بلاده، وكذا إعادة الثقة للمقاولة والمستثمرين وكل الفاعلين الاقتصاديين.
وأوضح وزير الاقتصاد والمالية، خلال تقديمه لمشروع قانون مالية السنة المقبلة، مساء أول أمس الاثنين، في جلسة عمومية مشتركة عقدها مجلسا البرلمان، أن تحقيق تلك الأهداف سيتم من خلال استغلال مشروع القانون المالي كل الهوامش على المستوى المالي، وتوجيهها بالأساس لدعم القطاعات الاجتماعية وتقليص الفوارق في إطار تفعيل التوجهات الملكية، مع اتخاذ مجموعة من التدابير التي وصفها بـ “الهامة” لتحفيز الاستثمار ودعم المقاولة.
وبحسب محمد بنشعبون، فإن قانون المالية لسنة 2019 ذو توجه اجتماعي وتضامني، حيث تم تخصيص 7 ملايير درهم في إطار التزام الحكومة بالرفع من النفقات الموجهة للقطاعات الاجتماعية وخاصة التعليم والصحة، وتخصص 3.3 مليار درهم برسم التطور السنوي لكتلة الأجور، و5 مليار درهم برسم استثمارات الميزانية العامة في إطار ما وصفه بـ “المجهود الإرادي للاستثمار العمومي”، بالإضافة إلى تخصيص 2.7 مليار درهم كأثر مالي إضافي لتفعيل مختلف الإصلاحات وخاصة تنزيل الجهوية، وإصلاح العدل، وإصلاح التقاعد وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.
وأضاف وزير الاقتصاد والمالية، أن كل هذا المجهود الاجتماعي، سينتج عنه تزايد لحاجيات تمويل الخزينة برسم السنة المالية المقبلة، بما يفوق 27 مليار درهم، وهو ما حفز الحكومة على اتخاذ مجموعة من التدابير بهدف الرفع من الموارد، كتحسين مستوى تحصيل الضريبة على الشركات، بالموازاة مع إقرار تدابير جديدة ستمكن، حسب محمد بنشعبون، من ضخ موارد إضافية تصل إلى 5.7 مليار درهم.
ومن بين التدابير التي ساقها الوزير أمام البرلمان، إحداث مساهمة اجتماعية للتضامن تحدد في 2.5 في المائة من أرباح الشركات التي تفوق 40 مليون ردهم، والتي ستمكن من تعبئة ما يناهز ملياري درهم، وذلك خلال السنتين المقبلتين، 2019 – 2020 بالإضافة إلى مراجعة استراتيجية مساهمات الدولة في بعض المؤسسات والمقاولات العمومية، عبر تفعيل إصلاح هيكلي تدريجي لهذه المؤسسات، وهو ما سيمكن من توفير موارد مالية إضافية تصل إلى 8 ملايير درهم، ثم الرفع من الضريبة على الاستهلاك خاصة تلك المتعلقة بالتبغ والتي ستمكن من تعبئة موارد إضافية تقدر بـ 1.2 مليار درهم.
وأكد المسؤول الحكومي، أن مشروع القانون المالي حدد ثلاث أولويات أساسية، والمتمثلة في دعم القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والتشغيل، وتقليص الفوار الاجتماعية والمجالية، وإعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولات المتوسطة، والصغيرة، والصغيرة جدا.
فعلى مستوى دعم القطاعات الاجتماعية، قال محمد بنشعبون “إن الحكومة ستعطي الأولوية لتنزيل إصلاح منظومة التربية والتكوين، عبر التركيز على دور هذه المنظومة في تأهيل دور الشباب لولوج سوق الشغل” بالإضافة إلى تقوية العرض المدرسي ببناء 137 مؤسسة جديدة، وتعزيز الموارد البشرية عبر إحداث 15.000 منصب مالي جديد، والشروع في تعميم التعليم الأولي من خلال تسجيل 100 ألف تلميذ إضافي.
وفي السياق ذاته، خصص مشروع قانون المالية لقطاع التعليم ما مجموعه 68 مليار درهم بما فيها 2.1 مليار درهم برسم برنامج تيسير و 4 ملايير درهم كاعتمادات للالتزام، كما خصص المشروع لقطاع الصحة 28 مليار درهم، بما فيها حوالي 7 ملايير درهم كالتزامات برسم بناء وتجهيز المراكز الاستشفائية الجامعية للرباط، وطنجة، وأكادير، ومراكش ووجدة، بالإضافة إلى إحداث 4000 منصب مالي، ويقترح المشروع ذاته، إحداث 25.458 منصب مالي، منها 200 منصب مالي مخصص للأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى 15.000 منصب متعاقد لفائدة قطاع التعليم.
وبتوقع مشروع قانون المالية لسنة 2019 تحقيق نسبة نمو اقتصادي في حدود 3.2 في المائة، مع مواصلة التحكم في التضخم في أقل من 2 في المائة، وضمان استقرار التوازنات المالية عبر حصر العجز في 3.3 في المائة.
وسيتم إعطاء الأولوية، حسب الوزير بنشعبون، لمواصلة مخطط التسريع الصناعي وتثمين المنجزات التي حققها على مستوى إحداث فرص الشغل واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز توقع المقاولات الوطنية على مستوى سلاسل الإنتاج العالمية، وتوسيع مجال المنظومات الصناعية والرفع من وتيرة الاندماج عبر خلق شبكة من المقاولات الوطنية المناولة، مشيرا إلى أن الحكومة تولي أهمية خاصة لدعم المقاولة وبالأساس المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، من خلال اتخاد مجموعة من التدابير تهدف إلى إعادة الثقة للمقاولة وتحفيزها على الاستثمار وخلق فرص الشغل، ويتعلق الأمر أساسا بالتصفية الكلية لدين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم خلال السنوات الماضية، بالنسبة لمقاولات القطاع الخاص وكذا المقاولات العمومية، والذي بلغ 40 مليار درهم، وتقليص آجال أداء الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية لما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات، عن طريق وضع آليات مناسبة للتتبع الدقيق لآجال الأداء واتخاد ما يلزم من تدابير لتقليصها.
وتهم هذه التدابير أيضا، حسب الوزير، تحسين شروط ولوج المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا للتمويل، عبر تبسيط آليات الضمان والرفع من سقف تمويل جمعيات السلفات الصغرى، ومراجعة الأسعار الحالية للضريبة على الشركات بهدف ملاءمتها مع خصوصيات المقاولات الصغرى والمتوسطة، خاصة عبر تقليص سعر الضريبة على هذه الشركات من 20 في المائة إلى 17.5 في المائة.
وأشار إلى أن أسعار البترول والغاز ارتفعت بشكل كبير، حيث سجلت زيادة تناهز 40 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، ونتيجة لذلك من المنتظر أن ترتفع نفقات المقاصة بـ5 ملايير درهم نهاية هذه السنة مقارنة مع التوقعات، مضيفا أنه إذا أخذ بعين الاعتبار تراجع موارد التعاون الخارجي، فإن عجز الخزينة لسنة 2018 سيرتفع ليبلغ 3.8 في المائة، مقابل 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام المبرمجة في القانون المالي.
< محمد حجيوي