‎ تقديم كتاب “نوبة الاستهلال، تاريخ، تدوين وتحليل” لمؤلفه عمر المتيوي

‎ تم تقديم كتاب “نوبة الاستهلال، تاريخ، تدوين وتحليل”، لمؤلفه الدكتور عمر المتيوي، والصادر مؤخرا عن أكاديمية المملكة المغربية، مؤخرا بمدينة طنجة بحضور ثلة من المهتمين والباحثين في التراث الموسيقي المغربي.
ويقع الكتاب في جزأين من 526 صفحة، ويتضمن تقديما باللغة العربية للباحث والناقد الكبير الدكتور عباس الجراري، وتقديما بالفرنسية للموسيقار التونسي محمود قطاط، ومقدمة مختصرة للمؤلف باللغة العربية، عرف فيها بمحتويات الكتاب مع مناقشة بعض الإشكاليات المرتبطة بالنظرية الموسيقية الأندلسية-المغربية.
ولاحظ الدكتور عباس الجراري، في كلمة بالمناسبة، أن الكتاب أفاض في الحديث عن نوبة الاستهلال وعن نصوصها وعمل على تقريبها للجيل الصاعد والمتعلم عبر “التنويط”، معتبرا أنه “عمل ليس بالسهل”.
وتساءل الجراري “إلى أي حد يمكن أن ننوط موسيقى الآلة بالطريقة القائمة الآن؟ (أي بالكتابة الموسيقية الغربية)، موضحا أن “الآلة لا تقوم على قوائم مضبوطة، فشيوخ الآلة ‘يزوقون’ ويتدخلون في جمالية الصوت، وهو أمر على الباحثين، من أمثال عمر المتيوي، أن ينظروا فيه”.
وتوقف الدكتور عباس الجراري عند مدى صحة التسمية الشائعة “الموسيقى الأندلسية المغربية”، وإن كان الواقع التاريخي يفيد بأن موسيقى الآلة انطلقت إلينا عبر الأندلسيين الذين هاجروا نحو شمال إفريقيا، معتبرا أنهم “من أصل مغربي، رجعوا إلى أصولهم بنوع من التوسع في الفهم، بتطعيم من الأمويين وبعض الفنانين من العباسيين، ومعروف هنا ما قام به زرياب”.
وأوضح أن “القدماء كانوا يطلقون عليها اسم موسيقى الآلة، إذ أن المغاربة اشتهروا بفنون متعددة، لكن الفنين اللذين كانا يميزان الإبداع المغربي هما الآلة والملحون (كان يطلق عليه الكلام)”، مضيفا أن الأشعار في موسيقى الآلة “كانت ضابطة لإيقاعات الآلة، إذ أن القصد في هذا النوع الموسيقي هي الإيقاعات وأنغام الموسيقى، عكس الكلام (أي الملحون)، الذي كان الغرض منه الصور الشعرية”.
وخلص إلى أنه “يكاد يجمع الدارسون على أن الاستهلال هو من وضع المغاربة”، مشيدا بالكتاب الذي تناول “نوبة الاستهلال” وبصاحبه الباحث عمر المتيوي ذي “الفهم الدقيق والعالم المتمكن بمقتضيات الفن تاريخيا إنشاء وإبداعا وأداء”.
من جانبه، وبعد أن أشاد الدكتور محمد الكتاني، أمين السر المساعد لأكاديمية المملكة المغربية، بجهود صاحب الكتاب في خدمة الموسيقى الأندلسية وطرب الآلة، اعتبر أن هذا البحث “عمل قيم في كتابة وتدوين الموسيقى الأندلسية، خاصة نوبة الاستهلال، حيث أخرج الحلم الذي راود الكثيرين إلى الواقع، انطلاقا من معرفة عميقة بالموسيقى”، معتبرا أن حضور الأكاديمية لتقديم الكتاب “شهادة على مجهود علمي وفني للمؤلف، توج به سنوات من الدراسة والتعمق في الموسيقى والعمل على تدوينها وضبط موازينها وشرح مصطلحاتها”.
بدوره، اعتبر الدكتور عمر المتيوي، مؤلف الكتاب ورئيس جمعية روافد موسيقية، أن هذا الكتاب يهتم بموضوع الموسيقى الأندلسية المغربية، وصادر باللغتين العربية والفرنسية، ويضم عدة فصول تتكلم عن تاريخ ونظرية الموسيقى، كما يقدم تفاسير عن النوبة وشكلها وتدوين كامل لها في 362 صفحة.
وسجل أنه آثر تقديم نوبة الاستهلال ب “كتابة جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل المتطلبات الحديثة التي تفيد القارئ بشكل ديداكتيكي”، موضحا أن هذا الشكل من الكتابة “يتكلم مع الآخر، أي الغرب، كما يقدم الموسيقى العربية بطريقة عالمية”.
ويقع الكتاب في جزأين، حيث يحتوي الجزء الأول (140 صفحة) على ثمانية فصول باللغة الفرنسية، أعطى المؤلف في الأول منها لمحة تاريخية موجزة عن الموسيقى الأندلسية –المغربية، بينما تعرض في الثاني لشرح أسلوب النقحرة وماهيته.
أما الفصل الثالث فيعنى بالنصوص الشعرية من خلال “كناش الحايك”، حيث يقدم جدولا لشعراء نوبة الاستهلال، فيما يتناول الفصل الرابع شرح مفهوم النوبة في موسيقى الآلة، والهيكلة التي تنبني عليها. أما الفصل الخامس فيدرس مفهوم الطبع الذي يشكل محورا أساسيا في فهم تركيبة السلالم الموسيقية المعتمدة في موسيقى الآلة.
ويأتي بعد ذلك الفصل السادس ليعالج مفهوم الميزان أو الإيقاع الذي يلعب دورا محوريا في ضبط القوة والضعف والبطء والسرعة في الأداء الموسيقي، بينما يبرز الفصل السابع دور الآلات الموسيقية وتطورها، بدء من عهد التكامل المغاربي الأندلسي ووصولا إلى يومنا هذا، ويليه الفصل الثامن والأخير وهو عبارة عن مقتطفات من القواعد العامة لأداء النوبة.
أما الجزء الثاني من الكتاب، وهو الأضخم حجما (362 صفحة)، ففي طيه التدوين الكامل لنوبة الاستهلال.

Related posts

Top