الحكومة تفرض على بحارة المغرب بطالة قسرية عشية عيد الأضحى

بناء على القرار تقرير المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ذي المرجع 10/0524 الصادر يوم 20 ماي 2024، أعلن محمد صديقي وزير الصيد البحري عن راحة بيولوجية للأخطبوط تمتد إلى غاية متم شهر يونيو المقبل.
مما لا شك فيه أن فرض الراحة البيولوجية الخاصة بالأخطبوط يعتبر مؤشرا على الحالة المقلقة للمخزون الخاص بهذا النوع الذي يعتبر أكثر استهدافا، ما يفرض تدابير وقائية تضمن استدامة سوسيو اقتصادية، وتقدم حلا استراتيجيا لمواجهة التحديات المقبلة.
ومما لا شك فيه أيضا أن قرار الراحة البيولوجية يرمي وضع حد لجشع بعض المهنيين ولتدني منسوب الوعي لديهم بالمسؤولية الجماعية والتضامنية اتجاه الثروة السمكية الوطنية التي تتأثر بالسلوكات الإجرامية المتمثلة في استهداف صغار السمك كما حدث في المصيدة الأطلسية الوسطى والمتوسطية، والذي يحول دون استخلاف المخزون بل وسيتسبب في انهيار سلسلة التغذية للأحياء البحرية، حيث أن الكثير من الأصناف المستهدفة وذات القيمة التجارية تشكل غذاء لآلاف الأصناف الأخرى، وبالتالي ستشكل عامل تعطيل للدينامية الاقتصادية مع ما يترتب عن ذلك من توليد للأزمات الاجتماعية اللامتناهية.
بيد أن قرار محمد صديقي خلف ردود فعل قوية في صفوف الشغيلة البحرية العاملة في قطاع الصيد الساحلي والتقليدي لكونه سيفرض عليهم “بطالة اضطرارية” في ظرفية زمنية صعبة تتزامن والارتفاعات المتتالية لأسعار المواد الغذائية الأساسية عقب الزيادة في سعر قنينة الغاز “البوطا”، كما تتزامن مع الاستعدادات لعيد الأضحى الذي يتميز هذه السنة بغلاء مبالغ فيه للأكباش.
واعتبرت الشغيلة البحرية، وفق ما جاء في تصريح للكاتب العام للنقابة الموحدة لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي على الصعيد الوطني، أن تقرير المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ذي المرجع 10/0524 تمت صياغته دون أدنى استشارة معها، تلاه قرار محمد صديقي الذي اتخذ أيضا دون حوار مع ممثلي الشغيلة البحرية.
وقال رشيد السوهيلي، الكاتب العام لهذه النقابة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن القرار الانفرادي لمحمد صديقي خلق مأساة حقيقية داخل قطاع يضم آلاف البحارة الذين يعيلون حوالي مليوني مغربي يعتمدون في معيشهم على النشاط البحري، مضيفا أن هذا العدد الضخم من الشغيلة يوجد اليوم في “عطالة قسرية” لا دخل لهم يواجهون به الحد الأدنى للحاجيات اليومية، ولا ادخار بحوزتهم يسمح لهم ببلوغ فرحة العيد الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام قلائل.
وشدد رشيد السوهيلي، في تصريح لبيان اليوم، على أنه “كان من المفروض في المعهد الوطني للصيد البحري استشارة ممثلي البحارة، مثلما كان على محمد صديقي وزير الصيد البحري استضافتهم للحوار قبل اتخاذ قراره المتسرع الذي رفع عدد جيش العاطلين في المغرب، وأضاف كما هائلا من المشاكل الاجتماعية على جبل المشاكل المتراكمة أصلا في ظل التدبير العشوائي للحكومة”.
وتساءل السوهيلي، في التصريح ذاته، حول ما إذا كان محمد صديقي يتعامل، بمعية المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بمزاجية مع هموم الشغيلة البحرية التي طالما أكدت، عبر وسائل الإعلام الوطنية، أن الراحة البيولوجية للبحر لا يمكن أن تنجح في ظل غياب تعويض مادي للمهنيين، كيفما هو الحال في الدول الأجنبية، لأنه، يقول المتحدث، “بمجرد أن يتوقف العامل البحري عن العمل يعلق انخراطه بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا يحق له الاستفادة من خدماته في التغطية الصحية والتعويضات العائلية، إلى جانب مشكل التقاعد الذي يعاني المهنيون منه بشدة، أي أن الهشاشة هي السمة البارزة للأوضاع الاجتماعية للعمال بقطاع الصيد البحري”.
وهي نفس الأفكار التي دافع عنها فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، حيث توجه للنائب البرلماني، حسن أومريبط، بسؤال كتابي إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول معالجة التداعيات الاجتماعية التي يعاني منها البحارة بفعل فترة الراحة البيولوجية.
وأورد النائب البرلماني في سؤاله الكتابي “في إطار إقرار الوزارة لفترة الراحة البيولوجية، أصبح الآلاف من البحارة في عطالة عن العمل طيلة هذا الشهر. وإذا كان اتخاذ هذا القرار إيجابيا بالنسبة لقطاع الصيد البحري الذي يحتل مكانة بارزة في الأنشطة الإنتاجية ببلدنا العزيز، باعتباره (القرار) آلية مهمة للحفاظ على الموارد السمكية من الاستنزاف، فإن عدم تقاضي الصيادين لأجرة أو أي تعويض خلال فترة توقف مراكبهم عن الإبحار، يعرضهم إلى البؤس ويقوي الهشاشة وسطهم”.
وإذا كان النائب حسن أومريبط قد تساءل عن التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها لمواجهة الإكراهات المادية التي يوجهها البحارة خلال فترة الراحة البيولوجية، فإن البحارة المغاربة يطرحون السؤال ذاته، على لسان الكاتب العام لنقابتهم، رشيد السوهيلي، مع طرح تساؤل حول مصير المهمة التي تكلفت بها لجنة تقنية، تضم وزارة الاقتصاد والمالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وفيدرالية الصيد البحري، والقاضية ببحث إمكانية إحداث نظام لتعويض البحارة الصيادين خلال فترة الراحة البيولوجية التي تم يمنع بموجبها صيد عدد من الأصناف.
فالمطلوب، استعجالا، يقول الكاتب العام للنقابة الموحدة لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي، في تصريحه للجريدة، هو تعويض البحارة الصيادين الذين فقدوا شغلهم خلال فترة الراحة البيولوجية وإحداث نظام اجتماعي جديد خاص بهم يروم ضمان تعويضاتهم ومعاشاتهم، ويمكنهم من دخل يضمن العيش الكريم وفرحة العيد لأبنائهم.

مصطفى السالكي

Top