تقديم مستجدات مراجعة قانون الأسرة

حصر سن الزواج في 18 سنة، وجعل الولاية على الأطفال مشتركة بين الرجل والمرأة، وتقييد تعدد الزوجات، وعدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها، مع تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء الزواج وتثمين عمل الزوجة داخل المنزل، تلك أهم أبرز المستجدات التي جاءت بها التعديلات المقترحة لمراجعة مدونة الأسرة.
فقد حصرت التعديلات الرئيسة لمراجعة مدونة الأسرة، سن الزواج بالنسبة للفتاة وللفتى في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء لهذه القاعدة، يحدد فيها القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط، تضمن بقاءه عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”.
ومن أبرز المستجدات التي ساقها عبد اللطيف وهبي، وزير العدل خلال لقاء تواصلي، أول أمس بالرباط، تقييد تعدد الزوجات، وذلك بالتنصيص على إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط.
وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، وفق ما جاء في التعديلات المقترحة لمرجعة المدونة، سيصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية.
كما حملت التعديلات المقترحة، إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج، وفتح إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج دون حضور شاهدين مسلمين في حال تعذر ذلك.
ومن بين مستجدات مراجعة مدونة الأسرة، اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده في حال الاتفاق بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سكنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به، وعدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها.
ومن بين التعديلات التي ساقها عبد اللطيف وهبي، جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يتأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون، وتحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يجريها وليه أو كما أصبح من حق الزوج أو الزوجة الاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون، وتفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع “إرث البنات” القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية، وفتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين في حال اختلاف الدين.

  وستتضمن المدونة الجديدة، وفق عبد اللطيف وهبي ، تأطيرا جديدا لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.
وبخصوص المستجدات المتعلقة بالطلاق، سيتم إحداث هيئة غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار، وجعل الطلاق الاتفاقي، موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يغطي جلها، وتحديد أجل ستة 6 أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق، مع اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق مع قبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.
وبما أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم، بحسب عبد اللطيف وهبي “تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا توقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية”، مشيرا إلى أن المقترحات ذات الصبغة العامة والمواكبة لهذا الإصلاح، تهم بالأساس توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر، ومراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة، وتسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، وتأهيل المقبلين على الزواج من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع.

 محمد حجيوي

Top