هل تفتح أبواب استثمار أفران حرق النفايات وإنتاج الطاقة الخضراء بالمملكة، سؤال يجد له ضرورة، مع انخراط المملكة بشكل جدي والتزام كبيرين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطوير آليات جمع ونقل والتخلص من النفايات وخفض بصمة الكربون، والتحول إلى إنتاج الطاقة من أفران حرق النفايات، وما يمثل ذلك من أهمية قصوى في التخفيف من أعباء التلوث وتدهور البيئة الذي يكلف سنويا ثمنا باهظا وعبئا ثقيلا على ميزانية.
شهد اليوم الثاني من ورشة المقاربات المستدامة للاقتصاد الأخضر، تقديم عروض حول تجربة دولة كوريا الجنوبية في مجال أفران حرق النفايات المنزلية وإنتاج الطاقة الخضراء وضخها بالتالي في المحولات الطاقة الكهربائية للمدن، وللإشارة فدولة كوريا على سبيل المثال والعاصمة سيول خصوصا تعتبر إحدى أكبر المدن المزدحمة والمتنامية باستمرار.
فقبل سياسات إدارة وإعادة تدوير النفايات، كانت هذه النفايات المنزلية والمختلفة تلقى في مدافن النفايات أو تُحرق في الهواء الطلق، وهو نفس الأمر الذي يعتمد في العديد من المطارح العشوائية ببلادنا رغم القانون رقم 13.03 المتعلق بمحاربة تلوث الهواء،تمنع أي حرق حاليا. قد كانت لدولة كوريا الجنوبية، مشكلات بيئية جمة إذ حاولت التخلص منها بنهج مقاربات تعتمد
التخلص من النفايات الضارة بالبيئة من المصدر والتقليل منها، نظرا للحاجة إلى حلول أفضل لتدبير ولإدارة النفايات من خلال نهج سياسات تشريعات في المجال وقد شرعت في نهجها نسبيًا لإعادة التدوير منذ بداية التسعينيات من خلال الدور الكبير والأساسي وتأثير وزارة البيئة الكورية الايجابي، عبر تطبيق نظام الرسوم على النفايات الذي تم تقديمه في عام 1995 (VBWF) ولقي معارضة ومقاومة كبيرة آنذاك الذي يحدد مسؤولية المستهلكين من خلال الدفع بناءً على كمية النفايات المنتجة، وكذلك الالتزام بشراء أكياس قمامة مخصصة واعتماد إجباري لمبادئ فرز محددة.
ويمكن القول إن الحاجة أم الاختراع بدولة كوريا الجنوبية ونظرا لضيق المساحة والكثافة السكانية المهولة،اهتدت الدولة إلى عملية فرز وحرق النفايات بعد فرز حوالي 15 نوع من النفايات القابلة لإعادة التدوير والتثمين، ويبلغ حجم النفايات بكوريا الجنوبية حوالي 50 مليون طن سنويا من النفايات.
وتمثل نسبة إعادة التدوير نسبة مهمة على الصعيد العالمي، حيث تملك كوريا الجنوبية واحدًا من أعلى معدلات إعادة التدوير في العالم، حيث تتجاوز نسبة إعادة تدوير النفايات 60 في المائة إلي 70 في المائة.
وتعتمد التجربة الكورية بالخصوص على التقليل من حجم النفايات من المصدر وفرز النفايات بحيث يتم فرزالنفايات في المنازل، بحيث تُفصل المواد القابلة لإعادة التدوير،مثلا لبلاستيك والزجاج والمعادن، عن النفايات العامة،والنفايات العضوية.
فيما قدم عبد المجيد بنيس وهو مهندس وخبير مغربي يشغل حاليا مستشارا لدى هيئة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المستدامة، عرضا حول أهم الإجراءات والتدابير العملية التي يجب الاقتضاء بها ونهجها في المغرب للتحول إلى إنتاج الطاقة من أفران النفايات، وما يمثل ذلك من أهمية قصوى في التخفيف من أعباء التلوث وتدهور البيئة الذي يكلف سنويا ثمنا باهظا وعبئا ثقيلا على ميزانية الدولة.
واستعرض الخبير البيئي إجراءات وفق الضوابط الأممية والدولية المعترف بها امميا، وما تقتضيه كذلك مراجعة الترسانة القانونية والمراسيم المرتبطة بهذا النشاط الايكولوجي والمستدام في تطوير نمط إدارة وتدابير جيد ومستدام للنفايات، وفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال وفق دفتر تحملات يستجيب لالتزامات الدولة المغربية في مجال التنمية المستدامة. وقد أبرز الخبير أهم التشريعات الدولية والوطنية في هذا الصدد، خصوصا، مع التحولات الدولية في الاقتصاد الأخضر والمستدام والذي يمكن للمغرب اكتساب الريادة وبالتالي تحقيق السبق على المستوى الإقليمي والإفريقي.
كما تميز اليوم الثاني للورشة بزيارة ميدانية للوفود المشاركة إلى المطرح المراقب بلتاملاست والإطلاع على تجربة مجموعة الجماعات في تدبير هذا المرفق العمومي الجماعي، وقد قدمت للوفود المشاركة شروحات وتوضيحات من المدير المسؤول عن المطرح للوفد الكوري حول آلية اشتغال المطرح المراقب وأهم الطرق المعتمدة في مجال دفن النفايات، واستخلاص عصارة النفايات التي يتم جمعها في أحواض بلغت ثمان أحواض حاليا، وزيارة أخرى للمطرح القديم الذي تم إعادة تأهيله وتحويله لفضاء أخضر،وتخليصه من البيوغاز، والذي تم إغلاقه نهائيا سنة 2008.
رشيد فاسح