بعد مرور عشرين سنة على إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، شرع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في عملية إجراء تحاليل الخبرة الجينية لتأكيد هويات متوفين بالمعتقل غير النظامي السابق تازمامارت، وذلك بعد الاستجابة الواسعة لعائلات ضحايا المتوفيين بالمعتقل السيئ الذكر.
وكشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في بلاغ له، توصلت الجريدة بنسخة منه، أنه بعد مسار كشف الحقيقة وتنفيذ كل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ذات الصلة بجبر أضرار الضحايا وذوي الحقوق، بما في ذلك التعويضات المالية المقررة والإدماج الاجتماعي والتسوية الإدارية والتغطية الصحية، أطلق المجلس، يوم الأربعاء 4 شتنبر الجاري، عملية إجراء تحاليل الخبرة الجينية لتأكيد هويات متوفين بالمعتقل السابق تازمامارت.
وقد تواصلت عملية إجراء التحاليل، حسب المصدر ذاته، طيلة الأسبوع المنصرم، وذلك بعد أن جرى توزيع العائلات على مجموعات، بما فيها مجموعة لعائلات تضم مسنين سيجرون التحاليل بمنازلهم، تحت إشراف النيابة العامة.
وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذه العملية، التي انخرطت فيها عائلات المتوفين، تأتي بعد أن أصبح التطور التكنولوجي يتيح إمكانية استخراج الحمض النووي من عينات عظام متدهورة لتحديد هويات أصحابها.
وفي الوقت الذي ثمن فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان الانخراط الكبير لعائلات المتوفين في هذه العملية، بعد موافقة شخصية، حرة ومستنيرة، كما تقتضي ذلك الشرعة الدولية الوطنية، خاصة القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، واستجابتهم الواسعة لدعوة المجلس، أشاد بالخبرة والكفاءة المعترف بها دوليا للمختبر الجيني الوطني للشرطة العلمية التابع للمديرية العامة للأمن الوطني، كما ثمن دعمه ومواكبته، من منطلق اختصاصاته ومهامه، لتتبع إعمال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي يخلد المجلس هذه السنة الذكرى العشرين لإحداثها.
وذكر البلاغ، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان قد توصل بنتائج إيجابية في يوليوز 2023 من المختبر الجيني الدولي بمدينة نانت الفرنسية بعد إخضاع عينات عظام من رفات مفترضة للضحايا سبق تسليمها للمختبر، بعد أن تعذر، في مرحلة سابقة، استخراج الحمض النووي وإجراء التحاليل لتحديد هويات أصحابها، بسبب تدهور حالتها. وكان المجلس قد أوضح في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022 أنه بعد الاطلاع على التطور التكنولوجي الذي يسمح بإمكانية استخراج الحمض النووي من عينات عظام متدهورة، (أوضح) أن لجنة تشكلت بمبادرة من أمنية بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تضم ممثلين عن لجنة متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ورئاسة النيابة العامة وخبراء من المختبر الجيني الوطني للشرطة العلمية ومصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي بالدار البيضاء.
وأضاف المصدر ذاته، أن هذه اللجنة قامت في يونيو 2022 بزيارة عمل للمختبر الجيني الدولي بنانت-فرنسا من أجل إخضاع عينتين من مجموع العينات المتبقية لدى المختبر الدولي لعملية استخراج الحمض النووي. وقد أعلن المجلس في تقريره السنوي الأخير التوصل في يوليوز 2023 بنتائج أولية إيجابية لتحليل العينتين، تسمح بمواصلة استخراج الحمض النووي لباقي العينات المتبقية المشابهة.
يشار إلى أن مجموع ملفات ضحايا المعتقل غير النظامي السابق تازمامارت يبلغ ثمانية وخمسون (58) ملفا، تمت دراستها من طرف هيئة التحكيم المستقلة للتعويض، ثم من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أصدرت لفائدتهم مقررات تحكيمية قاضية بالتعويض، تجاوزت الكلفة المالية الإجمالية لجبر الأضرار 164 مليون درهم، بالإضافة إلى التغطية الصحية والتكفل الطبي الذي يتابعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفق البلاغ ذاته، على أنه سيقوم بإخبار عائلات المتوفين بنتائج تحاليل الحمض النووي عند التوصل بها، مع مواصلة حرصه على دعم كل الضحايا وذوي الحقوق وعائلاتهم.
< محمد حجيوي