صدرت رواية جديدة للأديب المغربي محمد الهجابي، عن دار القلم بالرباط شهر فبراير 2024 في قطع متوسط وفي ما يناهز 350 صفحة، لتنضاف بذلك إلى مجموعة متميزة من الأعمال السردية التي أنجزها الكاتب، وهي على التوالي: زمان كأهله (رواية) 2004، بوح القصبة (رواية)2004 ، موت الفوات (رواية) 2005، كأنما غفوت (قصص) 2007،إناث الدار (رواية) 2011، قليل أو كثير أو لا شيء (قصص) 2013، بيضة العقر (رواية) 2015، نُواس (قصص) 2015، زنبركات (قصائد نثرية)2016 ، لك ولهم (قصائد نثرية) 2016، لغوٌ سائرٌ بيْننا (قصص) 2021، المالغيقراط (رواية) 2023.
في زمن مضطرب، حيث كانت الأحلام تصطدم بالواقع، ولدت قصة “حراس ابن خلدون”. تنقلك في رحلة عبر عقدين من الزمن، من أواخر الستينيات إلى غاية مستهل التسعينيات من القرن العشرين. بين أزقة فاس العتيقة، تقع “دار ابن خلدون”. دار ليست كأي دار، بل هي رمز لنضال جيل كامل من الشباب، آمنوا بالعدالة والتغيير. ففي هذه الدار، عاش وعمل أفواج من مناضلي منظمة “23 مارس” اليسارية، حاملين مشعل الأمل في زمن قاتم.
تروي الرواية حكاياتهم، إنجازاتهم وخيبات أملهم، لحظات الفرح والألم، الحب والصداقة، التضحية والوفاء. تسلط الضوء على أفكارهم وتطلعاتهم، وكيف واجهوا تحديات النظام القمعي في تلك الفترة. “حراس ابن خلدون” ليست مجرد رواية تاريخية، بل هي قصة إنسانية عميقة. قصة عن الشباب الذين كسروا حاجز الخوف، وناضلوا من أجل مستقبل أفضل. قصة عن قيم الحرية والعدالة، التي لا تزال حية في قلوبنا حتى اليوم.
فإذا كنت تبحث عن رواية تشعل فيك روح التمرد، وتُلهمك بالكفاح من أجل أحلامك، فهذه الرواية لك. “حراس ابن خلدون”: ملحمة إنسانية تروي حكاية جيل ناضل من أجل الحرية، قصة ستبقى خالدة في ذاكرة التاريخ. في مدينة فاس العتيقة، تقع دار استثنائية، دار حكاية “حراس ابن خلدون”. دار ضمت بين جدرانها أفواجا من مناضلي حركة 23 مارس، طلابًا من مختلف أنحاء المغرب، عاشوا فيها تجارب نضالية وإنسانية عميقة تركت بصماتها على مسار حياتهم.
يأخذنا السارد في رحلة عبر الزمن، من داخل هذه الدار، يتبع مسارات ساكنيها داخل وخارج المغرب، في فرنسا وبلجيكا والجزائر. نُبحر عبر أفكارهم التي ميزتهم عن غيرهم من مناضلي الحركات اليسارية والقوى الوطنية والديمقراطية. تدور أحداث الرواية في سياق صراع حاد بين إرادتين شرعيتين: إرادة النظام الحاكم وإرادة حركة وطنية ديمقراطية، تسعى لتأسيس نظام متوازن يطوي صفحة الحكم الفردي ويُفسح المجال لتطور الفكرة الديمقراطية.
يسلط هذا النص السردي على مسارات أفواج من مناضلي حركة 23 مارس، منذ بدايات العمل السري في سبعينيات القرن الماضي، مرورًا بمرحلة الشرعية القانونية في الثمانينيات، وصولًا إلى انعكاسات هذه المراحل على حياتهم. تُعد رواية “حراس ابن خلدون” مثالًا على النمط الاستبدالي في البلاغة، خاصة في قسم “انزياحات التعويض”. فاستخدام اسم “حراس ابن خلدون” يرمز إلى حراسة الفكر والفلسفة والتاريخ، كما يدل على دور هذه الدار في حماية ذاكرة النضال الوطني.
تُقدم الرواية حكاية رمزية تُجسّد صراعًا تاريخيًا بين قوى التغيير وقوى المحافظة، وتطرح أسئلة حول مستقبل الديمقراطية في المغرب. لا تتبع الرواية نهج المؤرخ في نقل الأحداث. فهي لا تلتزم بالمنهجية العلمية في سرد التاريخ، ولا تعتمد على الوثائق بشكل حرفي. بل تُقدم الرواية رؤية تخييلية للأحداث، تُصاغ من خلال منظور شخصياتها. يُشارك القارئ في رحلة عبر الزمن، حيث يُعايش الشخصيات ويُشاركهم أفكارهم ومشاعرهم. ونرى كيف تُشكل الأحداث حياتهم وتُحدد مسارها. لا تُقدم الرواية حقائق مطلقة، بل تُثير الأسئلة وتُحفز على التفكير.
لذلك، لا يمكننا تصنيف هذه الرواية ضمن خانة “التأليف الروائي التاريخي” بالمعنى التقليدي للمفهوم. فهي تُقدم تجربة أدبية فريدة، تمزج بين الواقع والخيال، وتُقدم رؤية إبداعية للأحداث التاريخية.
حسن لمين