ضمن فقرة برنامجه الأدبي والثقافي، احتفى المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته ال29 ضمن فقرة “مسارات” بالشاعرة والأكاديمية مليكة العاصمي.
ورصد مجموعة من الأدباء والمثقفين والشعراء مسار العاصمي من خلال الشعر والسياسة والثقافة وكأستاذة جامعية وفاعلة في مجالات مختلفة. مؤكدين على غنى السيرة والمسارة لمرأة واجهت كل التحديات في مراحل خاصة بعد الاستقلال لتقتحم عوالم مختلفة كانت حكرا على الرجال حينها.
وعاد المتدخلون في اللقاء الاحتفائي بالشاعرة والمناضلة العاصمي الذي سيره الأديب والشاعر ياسين عدنان إلى مسار مليكة العاصمي وإسهاماتها منذ من بداية الاستقلال إلى اليوم في إغناء المشهد الثقافي والأدبي، لتقدم مسارا غنيا يقارب قرنا من الزمن.
في هذا السياق، عاد صلاح بوسريف الشاعر والأكاديمي الى مسار مليكة العاصمي التي قال إنها أحدثت الاختراق في البداية على المستوى السياسي باختيارها الانتماء لحزب الاستقلال، لتصبح مناضلة في تلك المرحلة خصوصا وأنها كانت مرحلة سياسية قاسية تفضي إلى التضييق وتواجه مخاطر القتل أو السجن.
ولفت بوسريف إلى أن العاصمي اختارت أن تكون في الواجهة السياسية بدون خوف، في الوقت الذي كانت فيه تقتحم مجالات أخرى.
وعن الشعر توقف بوسريف للحضور القوي لمسارها حين اقتحمت الذكورية التي كانت تطبع فضاء الأدب والشعر خصوصا فلم يكن هناك إلا الشعراء الرجال لتقاسمهم الحضور القوي والبهي لها من خلال ممارستها الإبداعية.
وإذا حينها كل شاعر يكتب ويبدع انطلاقا من قناعاته الفكرية والسياسية فالعاصمي، حسب بوسريف، لم تكن تكتب لمرجعيتها السياسية فقط، بل كانت وفق تعبيره “واقفة في منطقة البرزخ” وتحاول ضبط “لسان الميزان” حتى لا يختل.. فتقف هنا وهناك.
ويزيد المتحدث “رسالتها عبر الشعر أن يكون الأدب مع الجميع وأن لا يبقى في سياق دوائر مغلقة. فيسقط الانتماء عندها.
ويبرز الأكاديمي والشاعر ما طبع تلك المرحل من تدافع قاسي في السياسة والشعى والأدب الذي كان يطغى عليه السيطرة الذكورية، مشيرا إلى أن الشاعرة تمكنت نوع من اختراق الاسوار وهو ما عبرت عنه في دواوين شعرية بل كان عنوان للمسار الذي عاشته بكل ما تدافع عنه باعتبارها المراة الوحيدة التي كانت توجد في المشهد الشعري وسط الشعراء الذكور فقط وشعراء جيل ظهر المهراز والجيل الجديد الذي بدأ يظهر بعد ذلك.
وتابع بوسريف “حافظت على أن يكون شعرها شعرا يحافظ على عناصر بناءه ويتضمن كل هذه العناصر التي تجعل منه قويا ويخدم قضية من القضايا الأساسية.
بدوره، عاد عبد الجليل الكريفة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش إلى المسارات المتعددة لمليكة العاصمي او كما كان ينطق اسمها في اللقاء “لالة مليكة”.
وأردف الكريفة في شهادته “أريد أن أتكلم بمناظر متعددة، اولها خاص في الطفولة، لم اقرأ لها بعد ولم أسمع عنها ولكنني عشتها.. عرفتها نهاية السبعينيات حين كنت أوصل أختي الى المدرسة “لالة عودة السعدية”، وكانت حينها العاصمي مديرة المدرسة في حي شعبي باب الدباغ فحومة الدباغ..”
ويحكي الكريفة كيف استطاعت العاصمي ان تعيش في هذا الحي الموحل بحسبه في الشعبية والذكورية حيث كان يشتغل به ممتهنو الدباغة وكلهم رجال وبأجسام ضخمة وكبيرة. ووسطهم سيدة هي مديرة هذه المدرسة الخاصة بالإناث وستقرر أن تترشح وسط هذا العالم الذكوري.
ويتذكر الكريفة بعجب كيف اقنعت هذه الشاعرة حينها الرجال الغلاظ الشداد، كما وصفهم، بحومة الدباغ بأن يتبعوها لتستطيع بكلمتها وحسن تسييرها أن تجعلهم يهتفون باسمها وشعاراتها لتنجح في الانتخابات.
وأردف المتحدث “من باب العجب أنها واجهت وأقنعت ووصلت.. وكانت مسألة غريبة لكونها في منطقة موحلة في الذكورية لكنها استطاعت ترويضها وأصبحت كلمتها مسموعة.. وكنا أطفالا حينها نجري ونتابع ورائها حملاتها الانتخابية.
ويستمر الكريفة في الحكي إلى التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش في شعبة الجغرافيا، والذي صادف افتتاح هذه الكلية لمادة “الثقافة الشعبية” والتي ستدرسها مليكة العاصمي التي كانت أول أستلذ تطأ أسوار الجامعة.
ويقول الكريفة في هذا الصدد “ما زلت اسمع صوتها في محاضرات في مادة الثقافة الشعبية وكنت ادرس الجغرافيا، ومحاضراتها لم يكن يحضرها فقط الطلبة المعنيين بل الطلبة جميعا لفن خطابتها ول “حلاوة النطق الفاسي” كما نصف صوتها.
وما تقدمه خلال حصتها، وفق العميد الحالي لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش كان يحبب الطلبة في القدوم لهذه الدروس والمحاضرات التي تلقيها.
ويتابع في الحديث عنها ليقول الكريفة “لالة مليكة عرفتها وهي مولوعة وهاوية لشعر يعتبر ذاكرة المغاربة وهو شعر الملحون وكانت حاضرة في هذا الشعر من خلال تذوقه وتهتم به كتراث وطني، تناضل من أجله”.. متابعا “لالة مليكة كانت أيضا في مراكش رمزا حقيقيا لناضلات المرأة المغربية وكانت عنوانا للنضال مع الحفاظ على الهوية والثقافة. فالأستاذة مليكة العاصمة أول امرأة شاعرة وسياسة وأول امرأة دخلت إلى رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية وهي أول من أسست لدروس الثقافة الشعبية التي ما زال تدريسها متواصلا”.
بدورها، عادت المحتفى بها هي الأخرى إلى الحديث عن مسارها التي قالت إنه يقارب القرن من الزمن، مبرزة أنها وفية لبيت مجاهد وليس مناضل فحسب”، قبل أن تمر نحو “الموقف الفكري الثقافي”، الذي يتجسد أيضا في البيت نفسه الذي يتوفر على مكتبة وعلى زاد أساسي غذى تفاعل العاصمي داخله بمعارفه ومكوناته المختلفة.
وقالت المتحدثة إن هذا البيت منحها “مساحة واسعة من الحركة والمعرفة والإدراك والمتابعة في مستويات فكرية أساسا ميدانية، إبداعية وغيرها”، وعن سر اقتحامها لمجالات مختلفة تردف العاصمي “كتشفت في أواخر الخمسينات أن الساحة فارغة، وكان ضروريا أن أملأها بأشكال وأفكار وأعمال وإنجازات”.
وزادت أن مجموعة الكتب في مسارها الذي انطلق قبل عقود، هي الآن تصل لأكثر من عشرين كتابا، حوالي 25، منها موسوعات.
وتابعت العاصمي: “هذه الكتب، التي أصدرتها والأبحاث التي نشرتها والمقالات والمداخلات وكذا الأفكار والنظريات التي طرحتها، كلها كانت مُؤسسة لكتابات ودراسات وظواهر وتيارات، والأهم أنها منتجة لأجيال وهذا شيء أساسي. وهذا الإنجاز يكفي الإنسان أن يخرج به من الحياة. وهذا ما يمكن أن أعتبره أهم إنجازاتي”.
يشار إلى أن اللقاء عرف تكريم الشاعرة والأكاديمية العاصمي، حيث سلمتها لطيفة مفتقر مديرة المعرض الدولي للكتاب والنشر ذرعا تذكاريا لمسارها المتميز والرائد في مجالات مختلفة ولسيرتها الغنية والثرية بالعطاء.
وأجملت “الشخصية المحوريّة” في اللقاء قائلة: “أعتبر أن أهم ما أعتز به وأنتظر أن يكون ولودا ومتناسلا مستمرا لا ينقطع هو حملكم للمشعل”، متوجهة بالخطاب إلى الشباب الحاضرين بالتأكيد على أنهم “مستقبل البلد”، قبل أن تضيف: “أنا أخص بالذكر هؤلاء الشباب الذين واللواتي أراهم أمامي. أنتم كلماتنا الآتية ومستقبلنا وإنجازاتنا القادمة. عندما تتناسل أعمالنا وأفكارنا ومطامحنا فيكم، فآنذاك نشعر بأننا خرجنا من هذه الحياة راضين بإطلاق”.
بدورها، عادت المحتفى بها هي الأخرى إلى الحديث عن مسارها التي قالت إنه يقارب القرن من الزمن، مبرزة أنها وفية لبيت مجاهد وليس مناضل فحسب”، قبل أن تمر نحو “الموقف الفكري الثقافي”، الذي يتجسد أيضا في البيت نفسه الذي يتوفر على مكتبة وعلى زاد أساسي غذى تفاعل العاصمي داخله بمعارفه ومكوناته المختلفة.
وقالت المتحدثة إن هذا البيت منحها “مساحة واسعة من الحركة والمعرفة والإدراك والمتابعة في مستويات فكرية أساسا ميدانية، إبداعية وغيرها”، وعن سر اقتحامها لمجالات مختلفة تردف العاصمي “كتشفت في أواخر الخمسينات أن الساحة فارغة، وكان ضروريا أن أملأها بأشكال وأفكار وأعمال وإنجازات”.
وزادت أن مجموعة الكتب في مسارها الذي انطلق قبل عقود، هي الآن تصل لأكثر من عشرين كتابا، حوالي 25، منها موسوعات.
وتابعت العاصمي: “هذه الكتب، التي أصدرتها والأبحاث التي نشرتها والمقالات والمداخلات وكذا الأفكار والنظريات التي طرحتها، كلها كانت مُؤسسة لكتابات ودراسات وظواهر وتيارات، والأهم أنها منتجة لأجيال وهذا شيء أساسي. وهذا الإنجاز يكفي الإنسان أن يخرج به من الحياة. وهذا ما يمكن أن أعتبره أهم إنجازاتي”.
يشار إلى أن اللقاء عرف تكريم الشاعرة والأكاديمية العاصمي، حيث سلمتها لطيفة مفتقر مديرة المعرض الدولي للكتاب والنشر ذرعا تذكاريا لمسارها المتميز والرائد في مجالات مختلفة ولسيرتها الغنية والثرية بالعطاء.
وأجملت “الشخصية المحوريّة” في اللقاء قائلة: “أعتبر أن أهم ما أعتز به وأنتظر أن يكون ولودا ومتناسلا مستمرا لا ينقطع هو حملكم للمشعل”، متوجهة بالخطاب إلى الشباب الحاضرين بالتأكيد على أنهم “مستقبل البلد”، قبل أن تضيف: “أنا أخص بالذكر هؤلاء الشباب الذين واللواتي أراهم أمامي. أنتم كلماتنا الآتية ومستقبلنا وإنجازاتنا القادمة. عندما تتناسل أعمالنا وأفكارنا ومطامحنا فيكم، فآنذاك نشعر بأننا خرجنا من هذه الحياة راضين بإطلاق”.
محمد توفيق أمزيان