أجور الذكور تتجاوز الإناث بنسبة 17 في المائة بالمغرب

لازال أحد الأوجه الأساسية للامساواة بين الجنسين قائما وبشكل فج داخل المجتمع ممثلا في محدودية مشاركة النساء في الاقتصاد، حيث لم تتغير نسبة النشيطات منهن منذ 1999، فالرقم لا يتعدى 25 في المائة بالنسبة للمرأة، مقابل نسبة تتجاوز 72 في المائة للرجال، بفارق يتجاوز 47 نقطة بينهما، فضلا عن وجود تفاوتات في الأجور وفي طبيعة القطاعات التي تشغل كلا الجنسين.
وأكد واضعوا دراسة عبارة عن كتاب أعدته مديرية الدراسات والتوقعات المالية بوزارة المالية ومركز الدراسات والأبحاث (أو، سي، بي، بوليسي سانتر)، على أنه بالرغم من الإصلاحات المؤسساتية والقطاعية التي اعتمدها المغرب فإن تحديات لازال يجب العمل بشكل حثيث من أجل مواجهتها ويتعلق الأمر بتحقيق مستوى جيد في مجال التنمية وخلق فرص شغل لائق ودائم، معتبرين أن التقليص من الفوارق بين الجنسين يمكن أن يساهم في رفع تلك التحديات.
وأظهرت الدراسة التي وضعت تشخيصا لوضعية المساواة بين الجنسين والسياسات العمومية والنمو الاقتصادي في المغرب، أن الفوارق المسجلة بين النساء والرجال في مجال التشغيل، تعاني منها النساء سواء منهن القاطنات في الحواضر أو في القرى، فكلاهما يمسهن التمييز في الحصول على شغل وفي الأجر، وفي التأثير الذي أحدثه التحول البنيوي للاقتصاد الوطني.
وأبانت الدراسة أن النساء يتم تشغيلهن أساسا في القطاعات ذات الإنتاجية الضعيفة، ويتولين بها وظائف تتطلب مهارات محدودة، وأجورا منخفضة، وفي المناطق الحضرية تبقى الفوارق بين نشاط المرأة والرجل أكبر حيث تفوق هذه النسبة الضعف في المجال القروي، بل وسجلت أنه حتى في حال التوفر على نفس المستويات الأكاديمية والمهنية، فإن أجر النساء يقل بنحو 17 في المائة عن أجر الرجال، هذا رغم تراجع التفاوتات نوعا ما على هذا المستوى.
والتفاوتات تطبع حتى الفئات التي تعاني من البطالة، إذ يصل الفارق بين النساء والرجال من حملة الشواهد الذين يعانون من البطالة إلى 8 نقط، حيث بلغت النسبة في صفوف النساء بين سنوات 1999 و2014 22 في المائة، فيما وصلت في صفوف الرجال إلى 14.9 في المائة.
وكشفت ذات المعطيات أن الأمر أفظع بالنسبة للنساء النشيطات في العالم القروي، ذلك أن نسبة كبيرة منهن يعانين من التمييز في الحصول على عمل مقابل أجر، فنسبة تفوق 73 في المائة من النساء القرويات النشيطات سنة 2013، كن يعتبرن في وضعية مساعدة عائلية أو متدربة بدون أجر.
 وفسرت الدراسة وضعية مشاركة النساء في سوق العمل بالمغرب، وضعف نسبتها بالنظر لكونها تتأثر بمستوى التحول البنيوي للاقتصاد الوطني الذي لا يقدم ما يكفي من فرص العمل المناسبة للمرأة وذلك بموازاة غلبة قطاعات توفر يد عاملة كثيرة ولكن بمهارات متدنية مثل الفلاحة والنسيج والجلد، وهو ما يحد من اندماج النساء حاملات الشواهد في الوسط المهني.
 ويفسر مسلسل هذا التحول، جزئيا، العلاقة المحدودة بين مستويات التعليم الثانوي والعالي للنساء، وبين مشاركتهن في سوق العمل وتظهر النتائج أيضا الأثر السلبي للتمدن على مشاركة المرأة في سوق الشغل، وهو ما يمكن إرجاعه، من جهة، إلى عدم التوافق بين مهارات المرأة القروية التي تهاجر إلى المدن، وبين فرص العمل في الوسط الحضري. ويمكن إرجاعه، من جهة ثانية، إلى نوعية مسلسل التحضر الذي يدعو، على الأرجح، إلى ضرورة مواصلة الجهود لتقوية مستوى البنيات التحتية، وخدمات النقل والأمن في الوسط الحضري، وهي كلها عوامل يمكن أن تمنع المرأة من المشاركة في سوق الشغل.
وفيما يتعلق بالجانب الديمغرافي، يتبين أن الخصوبة ونسبة إعالة الشبان تؤثر سلبيا على مشاركة المرأة في سوق العمل مثل دخل الأسرة والعدد المرتفع للأطفال وأهمية الهيمنة الذكورية وعدد الأشخاص البالغين في الأسرة، وأهمية نسبة العمل في القطاع الفلاحي، وانخفاض مستوى تعليم المرأة.
وأوضحت نتائج الدراسة أن عوامل أخرى تعمل لصالح نشاط المرأة مثل المستوى العالي من التعليم لدى سكان كل جهة إدارية وهيمنة عدد النساء داخل نفس الأسرة، وأهمية حصة مناصب الشغل في قطاع الخدمات إلى جانب القرب من الخدمات الطرقية.
و فيما يخص التعليم، سجلت الدراسة أنه رغم التقدم الذي تم إحرازه، لكن ما تزال هناك تحديات هامة ينبغي رفعها على مستوى نسبة الهدر المدرسي والأمية التي تبقى مرتفعة خاصة وسط الفتيات القرويات، معلنا على العكس من ذلك عن تسجيل نقطة ضوء على مستوى ظروف الحصول على الخدمات الصحية، حيث اعتبرت، أنها  تحسنت، وبشكل كبير، خلال العقدين  الأخيرين، وبشكل أخص  في مجال الصحة الإنجابية، وصحة الأم والطفل، منبهة في ذات الوقت إلى  ضرورة بذل جهود إضافية لمواصلة تخفيض معدل وفيات الأمهات والأطفال عند الولادة الذي يبقى مرتفعا في المناطق القروية.

 فنن العفاني

Related posts

*

*

Top