هؤلاء العباقرة الذين ننظر لهم من بعيد كأنهم كائنات خارقة، وهبت قوة غير عادية تجعلهم يشقون طريقهم للنجاح والإبداع بكل سلاسة، تحوطهم نظرات التقدير من الجميع ولا يعرفون الإحباط أو الفشل.
عندما تبحث في سير ذاتية للعظماء والمبدعين، ستجد أنها مليئة بالتحديات، لم يولد أحدهم وهو يحمل جينات في رأسه تختلف عن باقي البشر.. كانت ميزتهم فقط الفضول والمثابرة.. منهم ظل يبحث ويجرب، ومنهم من كانت إعاقة مثل العمى والصمم دافعًا له نحو تحقيق المستحيل… لكل منهم قصة وحكاية، تعالوا بنا نتعرف عليها ونستلهم منها.
من هو ميغيل دي سرفانتس Miguel De Cervants
ميغيل دي سرفانتس، هو كاتب الرواية الشهيرة دون كيشوت، أحد أكثر الشخصيات الأدبية شهرةً في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
نبذة عن ميغيل دي سرفانتس
ميغيل دي سرفانتس سافيدرا مؤلفٌ إسباني وشاعرٌ وكاتب مسرحي. وتُعتبر رواية دون كيشوت الرواية النموذجية الأولى ذات الأسلوب الأدبي الحديث في عصره.
تأثيره على اللغة والأدب الإسبانيين ضخمُ جدًا، حتى أن اللغة الإسبانية معروفة باسم لغة سرفتانتس. تشتهر كلٌّ من رواياته وشعره بالهجاء الذكي وسهولة فهمه بالنسبة للقارئ العادي، ومن هنا جاء لقبه بأمير الذكاء.
درس العمارة والأدب والفن في روما عندما كان شابًا، ثم انضم إلى البحرية الإسبانية، وأثناء خدمته في البحرية أُصيبت ذراعه اليسرى بجروحٍ بالغة ولم يتمكن من استخدامها بعد ذلك، واعتبر ذلك رمزًا للشرف والتضحية.
بدايات ميغيل دي سرفانتس
وُلد ميغيل دي سرفانتس في 29 سبتمبر 1547، في مكانٍ بالقرب من مدريد في إسبانيا. والداه هما الجراح دون ريدريغو دي سرفانتس وليونور دي كورتنس.
كان الطفل الرابع لوالديه اللذين تزوجا في ظروفٍ صعبة عندما كان جده يبيع والدته لأحد النبلاء، ونظرًا لطبيعة هذا النوع من العلاقات الزوجية، فقد عاشت والدته حياةً زوجيةً تعيسة جدًا لمَ كان لوالده من علاقاتٍ مع نساءٍ أخريات، وتوفيت والدته في 1593.
لا يوجد معلومات دقيقة حول طفولة سرفانتس نظرًا لكونها غير موثقة بشكلٍ صحيح، باستثناء حقيقة أنّه يتجول من مكانٍ إلى مكان مع والديه بسبب بحث والده المستمر عن عمل. وكانت طفولته صعبة، حيث كافحت أسرته باستمرار مع الفقر. ولا معلومات واضحة حول إن كان قد درس في سنواته الأول أم لا، إلّا أن بعض الباحثين يقولون أنّه درس في جامعة سلامانكا.
وقع في حب خادمةٍ تدعى جوزفينا كاتالينا دي باريز عندما كان صبيًا صغيرًا. وقد خطط الاثنان للهرب سويًا، إلّا أنّ والده علم بشأن خطتهما، وطلب من جوزفينا الابتعاد عن ابنه بسبب سوء حالتهم المادية.
إنجازات ميغيل دي سرفانتس
ترك سرفانتس عائلته في صغره وذهب بعيدًا إلى إيطاليا للدراسة في روما، ومن غير المعروف تمامًا سبب مغادرته إسبانيا والذهاب إلى إيطاليا، سواء أكان هاربًا من أمرٍ ملكي للقبض عليه أو لسببٍ غامضٍ آخر.
في عام 1570 انضم إلى مشاة البحرية الإسبانية التي انتشرت في نابولي في ذاك الوقت. وقد خدم في الجيش لمدة عام. وفي 1571 أبحر مع أسطول للمشاركة في معركة ليبانتو. وعلى الرغم من أنّه كان يعاني من الحمى في ذلك الوقت، لكنّه طلب السماح له بالمشاركة في المعركة.
أصيب خلال المعركة وبقي في المشفى لمدة 6 أشهرٍ تقريبًا. وخدم بلده بصفته جنديًا حتى عام 1575 وكان متمركزًا في نابولي أغلب الوقت. كانت حياته العسكرية مليئة بالمغامرات كالبعثات إلى كورفو ونافارين، كما شهد سقوط تونس وميناء حلق الوادي.
أبحر عام 1575 من نابولي إلى برشلونة برفقة قوات المشاة البحرية، وفي منتصف الطريق هاجم قراصنةٌ جزائريون السفينة وأُسر مع بقية الركاب، وبقي عبدًا لديهم لخمس سنوات. وبعد ما لا يقل عن 4 محاولات هرب، دفعت عائلته المال لتحريره وعاد إلى مدريد في 1580.
في عام 1585، أعلن عن أول أعماله الأدبية La Galatea، وجسد الرومنسية الرعوية وفشل في كسب الاهتمام. وقد وعد سرفانتس جمهوره بأن يكتب تتمةً لعمله ذاك، إلّا أنه لم يفِ بوعده.
حاول الدخول في مجال المسرح، إلّا أنّه لم يحظَ بالشهرة والمال، وترك العمل هناك.
خلال هذه الفترة عمل مندوبًا للأسطول الإسباني واستهلكت مهمته جمع إمدادات الحبوب من المجتمعات الريفية. وخلال ذلك سّجن مرتين بسبب سوء إدارته، وهي الفترة التي بدأ فيها بكتابة بعض أعماله الأدبية.
عاش حياته فقيرًا وكافح للحصول على المال حتى نشر رواية دون كيشوت عام 1605. وقد كان هدفه الوحيد من الكتابة هو إعطاء القراء نسخةً عن الحياة الواقعية والتعبير عن وجهة نظره بلغةٍ واضحةٍ يمكن أن تصل للجميع. وللأسف لم تجلب له الرواية الشهرة والمال اللذين استحقتهما. وتصور الرواية حياة رجلٍ مسن يسعى للمغامرة بسبب ولعه بقصص الفرسان الشجعان، وأصبحت فيما بعد الرواية الأكثر مبيعًا في العالم.
كتب في عام 1613 مجموعةً من القصص تدعى الروايات المثالية، ونشر في العام التالي Viaje del Parnaso. أمّا في 1615 فقد نشر Eight Comedies and Eight Ne Interludes. وبعد نشر هذه الروايات عمل على روايته الأخيرة التي أطلق عليها اسم Los Trabajos de Persiles y Sigismunda حتى وفاته ونشرت عام 1617.
حياة ميغيل دي سرفانتس الشخصية
تزوج عام 1584 من كاتالينا دي سالازار أي بالاسيوس التي كانت أصغر منه بكثير، واستمر زواجهما حتى وفاته. لم يرزق منها بأي أطفال. لكنّه رُزق بطفلةٍ من علاقته السابقة مع إيزابيل دي سافيدرا وسُميت الفتاة باسم والدتها.
وفاة ميغيل دي سرفانتس
في عام 1616 توفي سرفانتس في مدريد، ووفقًا لرغبته فقد دفن في ديرٍ قريبٍ من منزله وكانت ابنته إيزابيل عضوة في هذا الدير. ثم انتقلت الراهبات إلى ديرٍ آخر ومن غير المعروف ما إذا كنّ قد أخذن الرفات معهن أم لا.
يقال أنه توفي قبل يومٍ واحدٍ من شكسبير، لذا اعتُبر يوم 23 أبريل يومًا دوليًا للكتاب.
> سعيد الحبشي