إسدال الستار عن فعاليات موسم الخطوبة بإملشيل ومهرجان موسيقى الأعالي

أسدل الستار، السبت الماضي، على فعاليات “موسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي”، بإملشيل، على وقع عقد القران الجماعي، وسط حضور كثيف من الزوار، واحتجاجات عدد من أبناء المنطقة.

وعرفت دورة 2024 من الموسم الذي يعود تاريخه إلى قرون عدة، بمنطقة بوزمو وإملشيل (إقليم ميدلت)، برمجة غنية ومتنوعة، ساهمت في خلق رواج اقتصادي بالمنطقة من جهة، وتعزيز التراث الثقافي غير المادي لهذه الجهة من المملكة، والحفاظ عليه وإدامته، والعمل على إشعاع تقاليد وعادات الثقافة الأمازيغية.. من جهة أخرى.

وسلطت هذه التظاهرة الضوء على التراث الموسيقي المحلي، كما مكنت الجمهور من التعرف أكثر على الفنون المحلية لمنطقة الأطلس الكبير بهدف جعلها قاطرة لترويج السياحة في المنطقة.

وعرف برنامج الموسم والمهرجان أمسيات فنية أحيتها عدة فرق شعبية، إضافة إلى معرض لمنتوجات الصناعة التقليدية والمنتوجات المحلية لفائدة التعاونيات المحلية.

وتميز الموسم بشكل خاص، على غرار كل دورة، بعقد قران جماعي تقليدي لشباب وشابات ينحدرون من مختلف قبائل المنطقة، كما تمت الإشارة آنفا، وهو ما يرفضه عدد من الشباب بالمنطقة، خاصة منهم الطلبة، مبررين ذلك بالوصم الذي أصبح يلتصق بهم، على أساس أنهم “يبيعون النساء”، إذ يتعرضون للتنمر والتهكم من طرف زملائهم.

وفي هذا الصدد، قال محمد أوزني، رئيس جمعية “أخيام”، التي تشرف على تنظيم موسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، إن الموسم خلق رواجا اقتصاديا منقطع النظير في محيط التظاهرة، مؤكدا أن جميع الفنادق والمنازل المعدة للكراء امتلأت عن آخرها خلال هذا الموسم.

وأضاف أوزني، أن الموسم هو الفرصة الوحيدة لإشعاع المنطقة وطنيا ودوليا، وتحقيق التنمية المحلية.

وعبر أوزني عن استنكاره لما اعتبره مغالطات يتم الترويج لها عن الموسم بخصوص موضوع الزواج أو الخطوبة، مشددا على أن هذا الجزء من البرنامج المتنوع للموسم هو حفل جماعي لعقد قران فقط، وليس حفل زواج أو خطوبة كما يتم الترويج له.  

في سياق متصل، قال أحد سكان المنطقة، إنه جاء للموسم من أجل اللقاء مع الناس في هذا الموسم الذي يأتي مرة واحدة في العام، موضحا أنهم يسمونه بـ “سوق العام”، للتلاقي مع القبائل. وأوضح المتحدث نفسه، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن هذه التسمية جاءت هكذا لأن قبائل ايت حديدو يسكنون الجبال منذ زمن ويشهد عليها التاريخ، يأتون لهذا السوق من أجل بيع الأشياء الثقيلة ليهاجروا إلى الصحراء.

وتابع المتحدث ذاته، أن هذه المنطقة معروفة بالولي سيدي حماد أولمغني، المعروف بالصورة الجيدة، ولهذا يتوافد الناس على هذا الموسم بنية عقد القران على سنة الله ورسوله.

من جهته عبر أحد الطلبة الذي كان من بين المحتجين طيلة فترة عقد القران الجماعي، عن رفضه التام لتسمية الموسم بـ “موسم الخطوبة”، مطالبا باختيار اسم يراعي الهوية الثقافية للمنطقة من قبيل “موسم إملشيل” أو “موسم سيدي أحمد أولمغني”.

وأكد المتحدث ذاته، لبيان اليوم، أن هذا الاسم يجلب لهم العار، ويعطي صورة سيئة عن المنطقة لا علاقة لها بالواقع، موضحا أن الشباب المحتاج يطالب بتأسيس مؤسسة رسمية مختصة بتنظيم الموسم، تكون ممثلة بجميع رؤساء المصالح المعنية، ومسؤولة عن تطوير فقرات المهرجان، وتحسين البنية التحتية، وتنظيم الأنشطة بشكل يحافظ على الطابع التقليدي ويجذب الجمهور العريض في الوقت نفسه.

ويطالب المحتجون أيضا، بفك العزلة عن إملشيل، من خلال إصلاح الطرقات المتهالكة، والبحث عن سبل تعويض الفلاحين المتضررين من الفيضانات الأخيرة.

في هذا السياق، ولتسليط الضوء على هذا الموسم الشهير وطبيعته وأهدافه وتداعياته أيضا وما يخلف من ردود أفعال متباينة في أوساط الساكنة،  أجرت بيان اليوم، حوارا مع الشاعر والباحث في التراث الأمازيغي، باسو أوجبور، الذي تحدث عن أبرز السمات المميزة لموسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي، معتبرا أن الزواج يقام بدون أطماع أو خلفيات مادية، مما يجعل الكثير من الناس يعتقدون أن النساء يُبعن هنا بثمن بخس.

وأشار أوجبور، العضو في جمعية أخيام المنظمة لمهرجان سيدي حماد أولمغني وموسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي، في حديثه لبيان اليوم، إلى أن المنطقة تعرف عادات وتقاليد تسمح للعازبات والمطلقات بالتحدث مع الشباب بكل حرية وبسلاسة بلا قيد أو شرط، مبرزا أنهم يخوضون في الغرام والغزل وفي الزواج وفي كل شيء، قبل الموسم سواء في الحقول أو منابع المياه…

وأورد أوجبور، أن المنطقة تعرف مؤخرا ظهور أفواج من الأطر والطلبة الحاصلين على الشهادات العليا في مختلف الجامعات الوطنية التي ترفض أن يوصف الموسم بموسم الزواج أو موسم عقد القران، موضحاً أن طلبة المناطق المجاورة يتعرضون للتنمر والسخرية في مختلف الجامعات ومناطق المغرب بسبب هذا الإسم.

وفيما يلي نص الحوار:

الباحث في التراث الأمازيغي الشاعر باسو أوجبور في حوار مع :” بيان اليوم”

إملشيل خزان للثقافة والموسم ليس سوقا للنخاسة

                                                         الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور الشاعر والباحث في التراث الأمازيغي باسو أوجبور

* يعود موسم سيدي أحمد أولمغني، موسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي بإملشيل من جديد، بعد إلغاء الدورة السابقة بسبب زلزال الحوز؛ كيف يعود الموسم هذه السنة؟

** عاد المهرجان بحلة جديدة بعد إلغائه السنة الماضية بسبب التضامن مع ضحايا زلزال الحوز، وعادت هذه الدورة بصيغة جديدة لتستمر سلسلة مهرجان “سيدي حماد أولمغني” وموسم الخطوبة ومهرجان موسيقى الأعالي.

* هلا حدثتنا عن تاريخ الموسم والهدف منه وأيضا سياق تنظيمه؟

** يعود تاريخ الموسم حسب الرواية الشفوية، بناء على وثيقة عثر عليها في أنقاض مسجد قديم بأقدم قرية بمنطقة إملشيل، وهي قرية أقديم، إلى حوالي أربعة قرون ونصف.

ويقام الموسم على ضريح سيدي حماد أولمغني، وهو ولي صالح عازب، ينحدر من هذه المنطقة، لأن والده دفن بقصر أقديم بمنطقة أقا ن أوكني وهو يعرف أيضاً بسيدي لمغني.

إذن هذا الموسم ديني في الأصل كباقي المواسم الدينية، لأنه بالأساس يقام على ضريح الولي الصالح سيدي حماد أولمغني، بعد أن لوحظت ومضات نور على قبر الولى كإحدى كرامات هذا الولي من طرف الساكنة فبدأ الناس يتبركون به، ويقيمون موسما سنويا على شرفه، كانت تتجدد فيه اللقاءات والتحالفات والاتفاقيات، وتباع فيه المواشي والأنعام مع مهلة أداء الثمن في نفس المكان ومثل نفس الزمان وفق ما يعرف عند القبائل بـ ” تيرمت”. 

وبما أن الموسم يصادف فصل الخريف، حيث تقام الأعراس، تسعى السلطات لإيجاد مكاتب عدول وإحضار القاضي لتوثيق عقد القران، وبالتالي يستغل الناس هذه الفرصة لعقد قرانهم وتوثيق عقود الزواج، حتى اكتسب شهرة لها علاقة بالخطوبة والزواج، وبات الجميع يرى فيه موسماً للزواج، وإن كان في الأصل هو موسم ديني اقتصادي تجاري في المقام الأول.

* كيف أصبح موسما للخطوبة والزواج، حدثنا عن الأسباب وخلفيات هذه المسألة؟

** الأسباب والخلفيات راجعة لبعد المنطقة عن جميع المراكز، كما هو معلوم أن منطقة إملشيل وخاصة قرية ايت عمرو، التي يقام فيها الموسم، تتربع على ارتفاع قدره 2300م على سطح البحر، وبالتالي فهي منطقة جبلية وعرة التضاريس وبعيدة عن كل المراكز، وأقرب مركز لها هو مركز الريش ويبعد عن المنطقة بحوالي 150 كيلومتر، وبالتالي يصادف الناس إكراهات وعراقيل التنقل إلى المراكز لتوثيق عقود الزواج.

  عرسان وعروسات

وهكذا يختار الجميع أو بالأحرى معظم الناس هذه المناسبة لعقد قرانهم بسهولة، لأن هذا الموسم يصادف موسم الزواج بالمنطقة، حيث نجد في مناطق مختلفة الناس يتزوجون في فصل الصيف وهنا يتزوجون في الخريف.

من الأسباب التي جعلت الناس يتزوجون في هذا الوقت بالضبط، هو أن هذه الفترة تصادف فترة تسمين الخراف وجمع المحاصيل الزراعية وجمع النساء لكمية كبيرة من السمن الذي يدخل ضمن الوجبات الأساسية في الأعراس والمناسبات.

* ما هي أبرز السمات التي تميز موسم الخطوبة والزواج هنا باملشيل؟

** من أبرز السمات المميزة لهذا الموسم، هو أن الزواج يقام بدون أطماع أو خلفيات مادية، وهذا ما يجعل الكثير من الناس يعتقدون أن النساء يبعن هنا بثمن بخس، وهي معلومة خاطئة يجب تصحيحها.

هنا، الناس يتزوجون بدون شروط أو قيود ودون إكراهات مادية، وبالتالي يظن الجميع أنه يمكن أن يعثر على زوجة بثمن بخس، لا؛ هنا يتزوج السكان على سنة الله ورسوله مقابل تقديم مواد لها دلالات رمزية كبيرة، كالحناء تعبيرا عن الحنان، الصابون رمزا للطهارة وصفاء الروح، السكر تعبيرا عن الحلاوة وبياض القلب، والتمر للتعبير عن حلاوة الصبر والتحمل.

 لحظة عقد قران عروسين

وبالتالي يعتقد الجميع أن الزواج هنا لن يكلف إلا مبلغا زهيدا، يمكن بواسطته الزواج من فتاة عذراء. هذه ثقافة روحية لها رمزية كبيرة أسيء فهمها حتى بدأت تؤول إلى معلومة خاطئة، ومعظم الناس يتزوجون في غير الموسم، فقط هناك من يختار هذه المناسبة نظرا لتواجد العدول والقاضي المقيم، تفاديا للتنقل نحو الريش أو ميدلت أو الراشدية أو تنغير أو إحدى المدن، لأن المنطقة محافظة ويرفض الآباء مرافقة بناتهم إلى المراكز والمدن.

* هل يتم التعارف خلال الموسم، أم يكون هناك تعارف قبلي على مستوى العائلات؟

** أكيد يتم التعارف من قبل إلا في بعض الحالات النادرة، يتعارف الشبان والشابات فيما يعرف محليا بـ “لهضرت” أو “تجماعت” أو “تقرفيت”؛ للمنطقة طقوس وعادات وتقاليد فيما يخص الأعراس، لأن هنا في هذه المنطقة يسمح للعازبات والمطلقات أيضا بالتحدث مع الشباب بكل روح رياضية، وبسلاسة وبلا قيد أو شرط، يخوضون في الغرام والغزل وفي الزواج وفي كل شيء، لهذا يتم التعارف قبل الموسم سواء في الحقول أو منابع المياه والمناسبات والأعراس والمواسم والأعياد، حيث يتم التعارف بين الشبان والشابات قبل الموسم بشهور أو ربما حتى بسنة.

* هل يمكنك أن تفصل لنا في أنواع التعارف التي تحدثت عنها وهل من حدود تضبط هذه العلاقات التي تكون قبل الخطوبة؟

** أكيد هناك حدود وقواعد وضوابط لإدارة “لهضرت” بمعنى اللعب، أو “تجماعت” بمعنى الاجتماع، أو “تقرفيت” بمعنى الترويح عن النفس، لأنها وسيلة للتعارف؛ ولكن في إطار من الود والاحترام؛ يمكن أن تسمع عبارات جريئة في التواصل بين الشبان والشابات ويمكن أن يسمع الغزل، لكن يبقى هذا تواصلا بريئا يخلو من أي مس بكرامة أو شرف الآخر.

* هناك حديث عن تشجيع زواج القاصرات في هذا الموسم، هل هذه الظاهرة حاضرة في هذه المنطقة؟ وإن كانت حاضرة فهل هناك مجهودات للتراجع عنها؟

** لا أعتقد ذلك، مع كامل الأسف هناك بعض الجمعيات التي تعنى بالقاصرين والقاصرات تضخم الأشياء عن حجمها الطبيعي، لا أعتقد أنه يوجد زواج للقاصرات في هذا الموسم أو في المنطقة ككل، هناك بعض الحالات النادرة، حيث تكون الفتاة ناضجة أكبر من عمرها، وهي حالات نادرة جدا، قد تكون في سن السابعة عشر على الأغلب، وبذلك يتطلب الأمر إحضار آباء البنت للموافقة على هذا الزواج؛ أما دون ذلك فلا أعتقد ذلك.

 قديما كانت هناك أعراس جماعية تسمى “أسدي” كان يتم فيها تزويج القاصرين بالقاصرات، ولكن لا يمكن أن نجد رجلا ناضجا تزوج بفتاة قاصر، فهي لا تدخل في الثقافة المحلية؛ إنما هناك تدريب على تحمل المسؤولية بين أطفال وفتيات هذه المناطق كما هو الشأن بالنسبة لمنطقة أنفݣو وبعض القرى مثل تغيغاشت، وسونتات وبعض القرى الأخرى التي كانت تقيم أعراسا جماعية تحت اسم “أسدي” لتدريب وتثقيف وتوعية الشباب المقبلين على الزواج.

هذا يمكن أن يدخل ضمن الثقافة الجنسية الحلال، على عكس الثقافة الجنسية عند الغرب الذين يرفعون شعارات الثقافة الجنسية، ويوزعون في الإعداديات والثانويات الواقيات الذكرية لتدريب وتثقيف أبنائهم على الثقافة الجنسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بمناطقنا وقبائلنا يصفوننا بأننا نتزوج بالقاصرات، وهذا أمر غير وارد تماماً لأن ذلك يتم فقط لتدريب وتمرين الأبناء والبنات على تحمل المسؤولية مبكرا، وكذلك لتفادي بعض العقد النفسية التي قد تنتج عن فشل ليلة الدخلة، ويمكن أن يدخل هذا ضمن الثقافة الجنسية الحلال.

* هل لازالت هذه الظاهرة مستمرة أم تم القطع معها؟

** بدأت في الانقراض، هذه الثقافة قضت عليها بعض الاحتجاجات لجمعيات مناهضة لتزويج القاصرات ولو أن هذا كما قلت لا أعتقد أنه يدخل ضمن زواج القاصرات مادام الأمر يتعلق بالقاصرين فيما بينهم، إذا قلنا زواج القاصرات فلماذا لا نقول أيضا زواج القاصرين بالقاصرات؟ أظن أن هذا يدخل ضمن الثقافة الجنسية وثقافة التمهيد لتحمل مسؤولية الزواج.

* فيما يخص عقود القران التي تتم في هذا الموسم، أو حتى الزيجات التي اعتبرت أنها مجرد تمرين وتدريب للقاصرات والقاصرين، هل تنجح هذه الزيجات أم تنتهي بالطلاق؟

** بالنسبة لظاهرة الزواج الجماعي التي تسمى بأسدي بين القاصرين والقاصرات فهي مجرد تدريب وتمرين قد ينجح وقد يفشل، هناك حالات ناجحة استمرت إلى ما بعد النضج وتكللت بالنجاح وأثمرت بإنجاب أبناء وتمت مواصلة مسؤولية الزواج بمعنويات مرتفعة، وهناك حالات باءت بالفشل ودخلت ضمن الترويح عن النفس وتربية الأبناء على تحمل المسؤولية في جو من الود والاحترام بين عائلات القاصرين والقاصرات.

وبالنسبة للزواج العادي أظن أنه ككل المناطق، هناك حالات تنجح وهناك حالات تفشل، ولكن الحالات الناجحة أكثر بكثير من الحالات التي تفشل.

* نحن الآن أمام موسم إملشيل للخطوبة وأيضاً مهرجان موسيقى الأعالي، تحدث لنا عن أهمية هذا الموسم الجديد المتعلق بموسيقى الأعالي؟

** طبعا المنطقة تعرف عدة مواسم، ولكن أبرز المواسم هو موسم سيدي حماد أولمغني الذي اكتسب فيما بعد اسم موسم الخطوبة قبل أن يتحول إلى مهرجان موسيقى الأعالي سنة 2004، مع تعاون مركز طارق ابن زياد للدراسات والأبحاث وجمعية أخيام وجمعية أدرار آنذاك، والذي كان المراد منه إبراز  الخصوصية الثقافية لساكنة الأعالي، بعد أن ظهرت حركات احتجاجية لشباب المنطقة، خاصة وأن المنطقة تعرف مؤخرا ظهور أفواج من الأطر والطلبة الحاصلين على الشهادات العليا في مختلف الجامعات الوطنية التي ترفض أن يوصف الموسم بموسم الزواج أو موسم عقد القران، لأن طلبة المناطق المجاورة يتعرضون للتنمر والسخرية في مختلف الجامعات ومناطق المغرب.

شباب إملشيل ضمن فريق التنظيم

وبالتالي ظهرت حركة احتجاجية ترفض أن يوصف الموسم بعقد الزواج وبموسم الخطوبة لأن هناك من يصفه بوصمة عار على القبيلة وأهل المنطقة، يتمثل في أنهم أناس يبيعون بناتهم، وهذا ما ترفضه الحركة الاحتجاجية الطلابية ويرفضه جميع السكان بالمنطقة بدعوى أنه ليس سوقاً للنخاسة وبيع النساء، فالناس لا يعرفون بأن هذه القبائل لا تضع إكراهات في الزواج بل يقومون بتيسير وتسهيل الزواج بطريقة سلسة مرنة، كما يتم تسهيل الطلاق بروح رياضية وبمعنويات مرتفعة.

 شباب إملشيل يحتجون عن تسمية الموسم

وبالتالي فبعض المتطفلين يغتنمون الفرصة ويستغلونها للزواج والضحك على بنات الناس، لذلك أناشد الناس أن يحترموا هذا الموسم، فهو موسم ديني ثقافي حضاري تجاري، وليس سوقا لبيع النساء، فلا نبيع بناتنا في هذا الموسم بل هذا موسم ديني صرف، ولكن إذا استغل الشباب هذه المناسبة لعقد القران لا أظن أن هناك مانعاً أو أن هذا يدخل في سوق النخاسة.

* كيف تسجلون حضور السياح الأجانب في هذا الموسم؟

** هناك حضور، ولكن ليس بالشكل المطلوب، لأنه من بين إكراهات السياحة هو عدم تحديد موعد دائم، هذا ما يجعل السياح يترددون في القدوم، أعرف بعض السياح وفدوا من سنغافورة وأمريكا ووجدوا الموسم قد فات، وبالتالي عدم الاستقرار على تاريخ محدد وغياب الإشهار الكافي وتأخير موعد الموسم إلى أواخر شهر شتنبر يحول دون الإقبال السياحي الخارجي بشكل جيد. 

ومن هنا أناشد الجهات المعنية أن تحدد تاريخا دائما صالحا لكل السنوات، لا أن نبقى حتى الأيام الأخيرة لنحدد تاريخا له وكذلك العمل على الإشهار قبل حلول الموسم.

* ما هو الأثر أو الوقع الاقتصادي لهذا الموسم على المنطقة؟

** له أهمية كبرى طبعا، لأن هذا الموسم يعتبر سوقا سنويا لبيع المنتجات الفلاحية للمنطقة وبيع المصنوعات اليدوية، وكذلك لشراء واقتناء كل الضروريات التي تحتاجها الساكنة خلال فصل الشتاء الذي يكون قاسيا بعض الشيء، وربما تكون فيه عواصف ثلجية تسد الطرقات والممرات على الناس، وبذلك يغتنم السكان الفرصة لاقتناء اللوازم الضرورية لاحتياجاتهم.

كما أن هذا السوق يعرف رواجا كبيرا فيما يخص المواشي والدواب والأنعام، كما هو شأن سوق الإبل وسوق البغال، وسوق الأبقار وسوق الماعز والأغنام، فهو أكبر سوق على ما أعتقد للمواشي والدواب والأنعام، كما هو الشأن على مستوى المصنوعات اليدوية والمجوهرات والحلي، تباع هنا بقوة، كما هو الحال أيضا بالنسبة للمنتوجات الفلاحية والمنسوجات والزرابي.

إذن من الناحية الاقتصادية يعتبر موسماً ناجحاً بامتياز.

* ما هي رسالتك للزوار؟

** ما أود أن يعرفه كل من يسمع أو يرى، أن هذا الموسم ليس موسما لبيع النساء؛ فكفى من الإشاعة، وكفى من التضليل والأكاذيب، لأننا لا نبيع بناتنا.

قبائل آيت حديدو لها طقوس وتقاليد قائمة على المحبة والوفاء وعلى نكران الذات وعلى الثقافة الروحية التي تعارض بشدة الثقافة المادية القائمة على الجشع وبذلك لا نريد أن يفهم قصدنا بأننا نبيع بناتنا.

* لاحظنا أن نساء كثيرات هنا بالمنطقة يضعن “الوشم”، فما هي معاني ورموز الوشم التي تميزهن؟

** الوشم معروف لدى الأمازيغ في كل القبائل وكل المناطق، فإذا أردنا أن نتحدث عن الوشم يمكن أن نعود إلى ما قبل الميلاد، وإلى التاريخ القديم، لأن الوشم موجود عند الفرس، الإغريق، الرومان، الفراعنة، وكذلك موجود في مختلف الأديان.

إذن فالوشم عبارة عن هوية المرء الموشوم، وبالنسبة للوشم الأمازيغي يختلف من منطقة إلى أخرى، لأن الوشم كما سبقت الإشارة إليه يعكس هوية وثقافة القبيلة.

الوشم في إملشيل يقتصر على ثلاثة خطوط على ذقن الفتيات، مزينة برموز تحمل أشكال نقط ورموز بما فيها رسومات للصليب، لأنني أعتقد أن الوشم يرتبط عند بعض القبائل الأمازيغية ببداية ظهور المسيحية بشمال إفريقيا، وهذا تمت الإشارة إليه في بعض المراجع، كما هو الشأن بالنسبة لكتاب الاسم العربي الجريج للدكتور عبد الكبير الخطيبي، كما تمت الإشارة في مقال في أحد أعداد جريدة بيان اليوم الصادرة سنة 2019، وبالتالي أعتقد أن الوشم عند بعض القبائل الأمازيغية يرتبط بالمسيحية، لأن بعض القبائل كما هو الشأن لقبيلة أيت مݣيلد وزيان وبعض القبائل الأخرى، يتم تزيين الوجوه والذقون وكذلك بين الحاجبين برسومات نجد فيها صورة للصليب بشكل أو بآخر، كما نجده على الأيادي على مستوى الرصغين وعلى الأرجل على مستوى ما خلف الأقدام، إذن لا يستبعد ولكن لا أجزم، أن يكون امتداداً للتعبير عن معاناة صلب المسيح، لأنه يتم رسم الوشم على كل النقاط التي ذقت فيها مسامير خلال صلب المسيح عليه السلام.

* حدثنا عن إملشيل وبعدها الثقافي؟

** أعتقد أن إملشيل خزان للثقافة في بعدها الشمولي لأنها منطقة جبلية، وقد حافظت إلى حد كبير على عادات وتقاليد وثقافات سواء على مستوى المعمار الذي يتجلى في القصبات، ويتجلى أيضا في الأحياء السكنية المعروفة بالعلو، أيضاً في السكنيات المعروفة بتنصريين.

الثقافة الشفوية كذلك غنية في هذه المنطقة، وزاخرة بالأنماط والمكونات كما هو الشأن بالنسبة للأمثال الشعبية والحكايات والألغاز والأساطير؛ وكذلك الشعر فالمنطقة عرفت بروز شعراء كبار كالشاعر المرحوم الشيخ إبراهيم النهو الذي عاش بقصر بوزمو والذي توفي سنة 1933 في مطلع قدوم القوات الفرنسية إلى هذه المنطقة، والذي ابتهل إلى آلله أن لا ترى عينه عيون الغزاة.

كما أن رقصات أحيدوس بأشكالها وأنماطها وأصنافها بما فيها بيبي والفال ن تسليت بمعنى فأل العروس، وكذلك واشت وأنهاط فهي تحمل في دلالاتها ثقافة عريقة جدا، كما أن الموسيقى خاصة الهوائية التي تتجلى في فرق بوغانيم، توجد في مثلث أعالي منطقة إملشيل وجبال منطقة تونفيت وهضبة منطقة آيت بوكماز بإقليم أزيلال، إذن المنطقة غنية بالثقافة وأشكالها المختلفة.

مبعوثا بيان اليوم إلى إملشيل: تقديم وحوار: عبد الصمد ادنيدن

تصوير: طه ياسين شامي   

Top