إنشاء “كشك” للطب عن بعد لفائدة الأقاليم الخمس المتضررة من الزلزال

لا زال الناجون يخشون من الهزات الارتدادية بالمناطق التي مسها الزلزال، فيما الخبراء، بعيدا عن لغة التهويل، يطمئنون بأن الظاهرة أمر طبيعي لا خوف منها، تنتج عن حركة الصفائح التكتونية على طول خط الصدع بعد حدوث الزلزال الأشد.

بالموازاة مع ذلك، يتواصل المد التضامني المتدفق على الأقاليم الخمس المتضررة من الزلزال.

في خضم ذلك، تم أول أمس الأحد إطلاق قافلة طبية بجماعة أمزميز بإقليم الحوز، ستتواصل فعالياتها خلال الأسابيع المقبلة وتشمل إنشاء “كشك” للطب عن بعد، هو الأول من نوعه في المغرب.

لا زال الناجون بالمناطق المنكوبة يخشون الهزات الارتدادية بعد الزلزال الذي وصف بأنه الأقوى في تاريخ المملكة منذ قرن، مخلفا 2946 قتيلا على الأقل وأكثر من 5674 إصابة.

وعبرت ساكنة بعض هذه المناطق الخمس المتضررة من هذه الكارثة، عن قلقها جراء ما وصفته بهزات أرضية، وصفتها بالخفيفة إلى الخفيفة جدا، قالت إنها استشعرها بين الحين والآخر طيلة الأيام التي أعقبت الزلزال، وكان أحدثها يوم السبت.

وبعيدا عن لغة التهويل، يصف خبراء الزلازل هذه الظاهرة التي يطلقون عليها “توابع الزلزال” أو “الزلازل الصغيرة اللاحقة”، بالأمر الطبيعي، تنتج عن حركة الصفائح التكتونية على طول خط الصدع بعد حدوث الزلزال الأشد.

ويرجح هؤلاء العلماء أفضلية تفريغ الطاقة عبر هزات ارتدادية خفيفة على مراحل وفي أوقات متفرقة، على أن يتم تفريغها دفعة واحدة.

في هذا السياق قال ناصر جبور، مدير المعهد الوطني للجيوفيزياء، في تصريح لبيان اليوم، إن الهزات الارتدادية تتواصل عموما في اتجاه تنازلي، سواء من حيث العدد أو الحدة، متوقعا أن يتضاءل عدد هذه الزلازل الصغيرة، إلى هزة أرضية أو أكثر في الشهر على المدى المتوسط، وذلك إلى أن تعود الوضعية إلى طبيعتها.

وفي غضون ذلك، تتواصل عمليات إحصاء المنازل التي تضررت بشكل كلي أو جزئي بفعل زلزال الحوز.

وفي هذا الإطار، تقوم ست لجان مختلطة بإقليم أزيلال، تضم مهندسين ومهندسين معماريين وتقنيين، بجولات في حوالي 80 دوارا بالجماعات القروية، حيث تعاين المباني عن كثب وتحصي المنازل المتضررة بشكل كلي أو جزئي جراء هذه الكارثة.

وتضم كل لجنة ممثلين عن مصالح التعمير والتجهيز التابعة لعمالة إقليم أزيلال، والمفتشية الجهوية للتعمير والوكالة الحضرية لبني ملال وممثلين عن الجماعات والساكنة المحلية، وتواصل عملها بشكل يومي لرصد الأضرار التي خلفها الزلزال.

وأثناء عملهم، يقوم أعضاء اللجنة بتقييم دقيق لحالة كل مبنى على حدة وتسجيل المعلومات في استمارة تتضمن التفاصيل المتعلقة بحالة كل مسكن.

وفي دوار إيمي نوارك التابع لجماعة آيت تامليل، عاينت لجنة الإحصاء جميع المنازل المتضررة، بما فيها تلك الواقعة في مناطق صعبة الولوج، واستقت المعلومات من الساكنة المحلية حول الخسائر والأضرار التي لحقت بهذه المساكن.

وبالموازاة مع ذلك، يتواصل المد التضامني المتدفق على الأقاليم الخمس المتضررة من الزلزال.

وشملت هذه المبادرات الإنسانية جماعة آيت تمليل، حيث استفادت ساكنتها أول أمس الأحد، من خدمات قافلة طبية واسعة النطاق، نظمتها جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال بشراكة مع الجمعية المغربية للعلوم الطبية، ومساهمة عدة منظمات وجمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال الطب.

وتعبأ لإنجاح هذه العملية التآزرية طاقم من 43 طبيبا من مختلف التخصصات و11 صيدليا، فضلا عن 20 عاملا في مجال المواكبة. وقد استفاد أزيد من ألف شخص من استشارات في الطب العام والمتخصص، كما تم توزيع أدوية بالمجان وتقديم مساعدات مختلفة على الساكنة المتضررة من زلزال الحوز.

وتزامنت هذه القافلة الطبية، مع أخرى مماثلة تم إطلاقها من قبل الائتلاف الجمعوي المواطن للأمراض العصبية والنفسية بشراكة مع مصلحة أمراض الجهاز العصبي وأمراض الجلد بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش وجمعيات المجتمع المدني، بجماعة أمزميز بإقليم الحوز.

وستشمل هذه القافلة التي ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة، إنشاء “كشك” للطب عن بعد، وهو الأول من نوعه في المغرب. ويسمح هذا “الكشك” للمرضى، باستشارة المتخصصين الطبيين عن بعد، باستخدام تقنية الاتصال بالفيديو في الوقت الفعلي، وكذا بتقديم استشارات طبية متخصصة حتى في المناطق النائية حيث يكون الوصول إلى المتخصصين محدودا، كما يمثل خطوة كبيرة في تحسين وتوسيع الوصول إلى الخدمات الطبية العالية الجودة لفائدة المناطق المتضررة من الزلزال.

وقد قدمت هذه القافلة الطبية، خدمات طبية طارئة واستشارات عامة ونصائح في الصحة العقلية والنفسية والأدوية الأساسية لفائدة ساكنة جماعة أمزميز بإقليم الحوز.

ويشرف على هذه المبادرة، أطباء وممرضون وصيادلة ومهنيو الصحة النفسية وغيرهم من المهنيين الصحيين، بغرض الاستجابة للاحتياجات الفورية للمتضررين من الزلزال والمساهمة في إعادة التأهيل بعد هذه الكارثة الطبيعية، بحسب المنظمين.

وتتضمن هذه المبادرة علاوة على الشق التمريضي والعلاجي، تقديم الدعم النفسي تحت إشراف أطباء مختصين وتوزيع مساعدات اجتماعية مقدمة من قبل جمعيات لفائدة هذه الساكنة المستهدفة.

 سعيد ايت اومزيد – تصوير: عقيل مكاو

Top