الفنون التشكيلية والبصرية برسم 2016

المتتبع لمستجدات مشهد الفنون التشكيلية والبصرية بالمغرب برسم 2016 يلاحظ طفرة نوعية على مستوى العرض والطلب، إذ تعززت الساحة الراهنة بعدة مشاريع نموذجية همت عدة أصناف بدعم من وزارة الثقافة التي نهجت مقاربة تشاركية في تدبيرها لهذا القطاع الثقافي، الذي  يلعب دورا حيويا في إطار الدبلوماسية الموازية  وتثمين الثروة اللامادية باعتبارها رهان التنمية المستدامة والمندمجة. في هذا السياق، تم إعداد وتقديم مجموعة من المشاريع المقترنة  بالمدارات التالية: الإبداع الفني والإقامات الفنية، نشر مونوغرافيا الفنانين  والمواقع والمجلات الورقية والإليكترونية المتخصصة، تنظيم المعارض والصالونات، المشاركة في معارض وصالونات الفن المعاصر في معظم الأوساط الدولية، الإبداع البصري  وخصوصا التنشيط الإلكتروني والفن التفاعلي والأشرطة المرسومة والتصوير الفني والتركيب الفني والتركيب البصري بالأبعاد الثلاثية.
على مستوى آخر،  ساهم عدد وافر من الفاعلين المعنيين (فنانون،  نقاد، إعلاميون، باحثون جماليون، أروقة، مؤسسات خاصة وعامة، متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، جمعيات تعنى بالفنون لتشكيلية، دور الثقافة والمراكز الأجنبية …) في تنمية الحقل التشكيلي المعاصر من خلال مجموعة نموذجية من المعارض الفردية والجماعية، والمهرجانات والبينالات الدولية، وكذا المحترفات التكوينية واللقاءات التبادلية عبر الثقافية، ونخص بالذكر: ليلة الأروقة،  فضاء الناس، الصالون الوطني للفن المعاصر، بينالي الدار البيضاء للفن المعاصر، مهرجان أكادير للفنون التشكيلية، الصالون المعاصر للفنون التشكيلية، السامبوزيوم الدولي للفنون التشكيلية بسطات، المعرض الدولي “الأيادي التي تبصر” تكريما للفنان الرائد أحمد الشرقاوي، معرض نظرات نسائية احتفاء بذاكرة الفنانة بنحيلة الركراكية، ملتقى الفنانين العصاميين بالدار البيضاء تكريما للفنان الحداثي محمد القاسمي، الإقامة الفنية وورشات الرسم بأصيلة، إقامة فنية بمدينة الفنون بباريس، إقامات فنية في إبداع الأنشطة المرسومة بتطوان، مهرجان ألوان دكالة بالجديدة، الملتقى الدولي لفناني القصبة بورزازات، ملتقى الرباط لفنون الخط، مهرجان فاس الدولي لفن الخط العربي والزخرفة، مهرجان ألوان السلام بالعيون، لقاء دراسي مفتوح مع الفاعل هشام الداودي بمقر وكالة المغرب العربي للأنباء بالرباط حول سياسة السوق الفنية، ربيع المغرب التشكيلي بأكادير، معرض فوتوغرافي برواق باب الرواح، المنتدى الدولي للأنشطة المرسومة، ملتقى الفن الإفريقي الأوربي بمركز الفن المعاصر بالصويرة ، نشر مجلات فنية متخصصة، نشر مونوغرافيات كل من الفنانين حسين طلال، عبد الرحمن رحول، أمين الدمناتي، بوجمعة لخضر، سعيد أفوس، عزيز السيد، فاطمة حسن، عيسى إيكن، نشر عدة مؤلفات نقدية وجمالية بمبادرة من رواق مرسم وجمعية الفكر التشكيلي، إطلاق مجلات إليكترونية متخصصة في مستجدات الإبداع التشكيلي المعاصر بالمغرب (باب الفن، مغرب الفنون )، إنجاز منحوتات داخل الفضاءات العمومية على يد الفنانة إكرام القباج بأصيلة، والمبدع عبد الرحمن رحول بالديار الصينية…
هذا غيض من فيض المشهد التشكيلي الذي ما زالت إحقاقاته ممتدة في الزمان والمكان بفضل المجهودات الجبارة التي  يبذلها الفاعلون المعنيون كل حسب موقعه ومجال تدخله، حيث تم تحيين قانون الفنان في انتظار ترجمة مقتضياته في صيغة مراسيم تطبيقية، كما تم تأمين مكتسبات التغطية الصحية، وضمان استمرارية سياسة  طلبات المشاريع التي تبنتها وزارة الثقافة كإطار مؤسساتي وإجرائي للتدبير المعقلن لكل حقول الفن التشكيلي وقطاعاته الموازية. كم يتطلع الفاعلون في هذا الإطار إلى تحصين هذه المكتسبات  الهيكلية  وتعزيزها  بمشاريع جديدة تخص بالتحديد إعادة تأهيل الأروقة  الفنية الخصوصية والعمومية، وإنشاء متاحف محلية وجهوية من أجل توثيق ذاكرة الفنون التشكيلية في تعدد أساليبها وتنوع روافدها، إضافة إلى تعميم المدارس الفنية المتخصصة على الصعيد الوطني، وإدماج الأعمال الفنية في النسيج الحضري وداخل الساحات العمومية للمساهمة في ترسيخ قيم التربية الجمالية ضد كل أشكال القبح والعنف والهشاشة. يراهن أيضا الفاعلون المعنيون على تكريم كل الفنانين الذين رحلوا عنا والإسراع بإحداث مؤسسات تؤرخ لمسارهم الفني وتخلد أعمالهم الإبداعية، وتؤمنها من المضاربات المالية والضياع باعتبارها من معالم الذاكرة الجماعية وروافد التراث الوطني. فقد ودعتنا هذه السنة على إيقاع الرحيل المفاجئ لكل من الفنان الحداثي والشاعر عيسى إيكن المشهود له بالإبداعات البصرية الخاصة بالتصوير الصباغي والديزاين مع اشتغال مكثف على الرموز والعلامات الشعبية، والمبدع المهندس الثقافي عبد اللطيف الزين الذي  انفتح مساره التشكيلي  على عدة مغامرات وتجارب إبداعية طلائعية: العمل المنجز الجمعوي، المنجز النقابي، بصمات الرياضة، ألوان الجاز، فن الجذبة، ألوان التبوريدة، النحت الروحي… إلخ.
سنة 2017، محطة جديدة لتأمل جسد الفن التشكيلي المعاصر، والانخراط في تفعيل قوته التداولية والإنتاجية داخل المغرب وخارجه، دون إقصاء أو تهميش أو تعتيم، فقوته الاعتبارية تكمن في تعدده وتنوعه لا في أحاديته ونمطيته العمياء.
عبد الله الشيخ

Related posts

Top