نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بكلميم وادنون، يوم الأربعاء الماضي بواحة تيغمرت جماعة أسرير، يوما دراسيا حول “واقع الواحات بالجهة وآفاق التنمية المستدامة”.
ويروم هذا اللقاء إثراء الفكر والحوار حول واقع الواحات بجهة كلميم وادنون وآفاق التنمية المستدامة بها، وتقاسم بعض التجارب مع بعض الجمعيات المدنية بالجهة والمهتمين بالشأن البيئي، وكذا الخروج بتوصيات تروم تنسيق جهود المتدخلين في المجال وتوحيدها من أجل حماية وصيانة التراث المادي وغير المادي بالواحات والمحافظة عليه.
وبحسب ورقة تأطيرية لليوم الدراسي، وبالنظر إلى أن الواحات تعتبر رمزا للهوية الثقافية والتنمية المستدامة ورأسمالا ثمينا داخل المشهد الوطني حيث تعد واحدة من أهم النظم البيئية التي تمثل جزءا أساسيا من التراث الثقافي والطبيعي للمغرب، فإنها تتطلب جهودا مشتركة للحفاظ عليها وتعزيز دورها في التنمية المستدامة، وكذا تفكيرا عمليا يسلط الضوء على حقوق محددة مثل الحق في المياه والحق في بيئة نظيفة وصحة مستدامة ويأخذ بعين الاعتبار التهديدات المطروحة في سياق أنظمة بيئية تدعم هذه الحقوق على غرار الواحات.
وأكد رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بكلميم وادنون، ابراهيم لغزال، خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أن موضوع الواحات يشكل محورا من المحاور الأساسية في أجندة اهتمامات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مضيفا أن الواحة كمنظومة حاضنة لكل ما هو تاريخي واجتماعي وثقافي، تظل إحدى الركائز الأساسية التي تنهض عليها حضارة المغرب.
وأبرز أن مجتمع الواحة طور ثقافات متقدمة في تدبير حياته وعيشه اليومي بدءا من الماء والري والزراعة مرورا بالعمارة والبناء وشق الطرق، غير أن الواحات، يضيف لغزال، أصبحت اليوم هشة فهي أول من يتأثر بكل المتغيرات سواء البيئية أو المناخية والاقتصادية والاجتماعية مما يستدعي التفكير في ابتكار الحلول وإبداع مقاربات نابعة من الواحة ومن الخبراء والمهتمين.
من جهتها، أكدت لالة المزليقي، نائبة رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون، أهمية هذا اللقاء حول الواحة كمنظومة تشغل بال المهتمين والمتدخلين والفاعلين، معتبرة أن المنظومة الواحاتية تعاني من عدة إكراهات وتحديات.
وأبرزت أن مجلس الجهة يشتغل ضمن برنامج التنمية الجهوية 2022-2027 الذي يشمل مجموعة من المحاور والمشاريع منها تأهيل المراكز القروية وتهيئ الواحات، وتقوية الإدماج الاجتماعي داخل المجالات القروية وتنمية مصادر المياه عبر خلق مجموعة من السدود.
من جانبه، أبرز ممثل ولاية جهة كلميم وانون، محمد الخشاني، أهمية هذا اليوم الدراسي حول الواحات على صعيد الجهة بالنظر لما للواحات من علاقة وطيدة بالإنسان في المنطقة من حيث ثقافته وهويته وتراثه وأيضا من حيث مردودية هذه الواحات سياحيا واقتصاديا، مشيرا إلى أن الواحات بالجهة تحظى بأهمية قصوى من خلال عدة برامج ومشاريع منها برنامج حماية الواحات من الحرائق، وذلك بإشراك جميع المتدخلين المعنيين.
بدورها، قال رئيسة مجلس جماعة أسرير، ورضية بوحايك، إن الواحات المتواجدة بالمنطقة لعبت دورا اقتصاديا وإيكولوجيا مهما حيث شكلت مجالا ملائما للاستقرار منذ القدم أكسب الواحة ثقافة وتراثا وتاريخا ميزها عن باقي المناطق. وأضافت أن هذا اللقاء هو فرصة للوقوف عند بعض التحديات والصعوبات التي تواجه الواحة من أجل تحسين تنمية الوسط الواحاتي وحمايته من بعض الظواهر التي تهدده منها توالي سنوات الجفاف وندرة المياه والتصحر وزحف الرمال، بالإضافة إلى العوامل البشرية كالزحف العمراني والتلوث والإجهاد المائي والحرائق المتتالية.
وتم بالمناسبة، تقديم مجموعة من العروض من قبل ممثلي عدة قطاعات كالفلاحة والبيئة وتنمية مناطق الواحات، ومنها عرض قدمه مندوب الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان (أوندزوا) بكلميم وادنون، أحمد الفراق، استعرض خلاله الرؤية الاستراتيجية لتنمية مناطق الواحات في أفق 2030 ، وكذا تدخلات الوكالة للتخفيف والتأقلم مع التغيرات المناخية في مناطق الواحات، وكذا أهم الإنجازات على صعيد هذه المناطق ومنها تدبير الموارد المائية ومحاربة التصحر والتخفيف من آثار الفيضانات والحد من ظاهرة الحرائق بالواحات. كما استعرض إنجازات وتدخلات الوكالة على مستوى الواحات بالجهة وخاصة إقليمي كلميم وأسا-الزاك.
من جهته، تطرق ممثل المديرية الجهوية للفلاحة، إلى استراتيجية تدخل الوزارة لحماية وتنمية الواحات، والتي تتمحور حول عدة برامج منها تكثيف أشجار النخيل في الواحات التقليدية، وخلق ضيعات حديثة في المحيط المجاور للواحات، وكذا تقوية شبكة السقي وتنقية أعشاش النخيل، ومواكبة المشاريع الفلاحية الفردية. وتواصلت أشغال هذا اليوم الدراسي بتنظيم ورشات همت مواضيع “الواحة وإشكالية التغيرات المناخية”، و”الواحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، و”الواحة رافعة للتنمية الثقافية”.