على بعد دورتين، من انتهاء الشطر الأول من البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، تتواصل النسخة الثالثة عشرة من الموسم الاحترافي، وحين نركز على تسمية «الاحتراف»، فنعني الأبعاد المفروض أن تصلها بطولة مصنفة، ضمن الصف الأول، عربيا وإفريقيا، تكون قد راكمت بديهيا، مجموعة من الأسس والإيجابيات، مؤهلة للعبور نحو مراحل أبعد وأهم وأقوى…
إلا أن ما يفرزه الدوري المغربي منذ بداية الموسم الجاري، يعد كارثة حقيقية على جميع المستويات، لن نعيد الحديث عن تأخر الاستعدادات، أو كثرة التوقفات، أو الأزمة المالية الطاحنة، أو حتى غياب الملاعب لاحتضان مباريات، بل سنتوقف عند ظاهرة تحولت إلى واقع تعيشه الأغلبية الساحقة، وتتجلى في رد فعل الرافض من طرف اللاعبين…
نحن نعرف أن هناك إفلاسا ماليا حقيقيا، تعاني منه نسبة كبيرة من الفرق؛ باستثناء ثلاثة أو أربعة، وتتحدد في ثلاثي العاصمة الرباط، وفريق عاصمة البرتقال نهضة بركان، في حين يتعذب الباقي وسط جحيم الخصاص الفظيع.
خصاص انعكس بالدرجة الأولى على وضعية اللاعبين، إلى درجة هناك عجز كلي عن تأدية منح المباريات والأجور الشهرية، دون الحديث عن مبالغ منح التوقيع، كلها مستحقات كبيرة أظهرت إدارات الأندية، عجزا كليا عن تأديتها، ليضطر اللاعبون إلى التوقف عن خوض الحصص التدريبية اليومية، والاكتفاء بلعب المباريات الأسبوعية…
الامتناع أو ما يسمى بـ «الإضراب»، يهم حاليا أكثر من 10 أندية، بدء من اتحاد طنجة، مرورا بالمغربين التطواني والفاسي، شباب المحمدية، يوسفية برشيد، نزولا إلى حسنية أكادير، وصعودا إلى عاصمة الشرق وجدة…
وضعية جد معقدة، بل صعبة وصعبة جدا، تجعل من هذا الموسم استثنائيا بمختلف الأصعدة، يمكن أن تتحول إلى مثال يناقش بمختلف المنتديات، بل يعد سابقة على الصعيد الدولي، بصفتها «بطولة الإضرابات» بامتياز.
مع العلم أن هناك فرقا يتحاشى لاعبوها الجهر علانية بتبعات الأزمة، في مقدمتها الوداد البيضاوي، أولمبيك أسفي وشباب السوالم، وغيرها…
لاعبون يغادرون الأندية أحرارا، بعد فسخ عقودهم من طرف الجامعة، والسبب عدم تأدية الأجور، لأكثر من ثلاثة أشهر، إضافة إلى أجزاء منح التوقيع…
إنه إشكال حقيقي يسائل إدارة العصبة الاحترافية لكرة القدم، والتي وجدت نفسها تصارع وسط دوامة من المشاكل، تؤثر على وظيفتها، وعلى المسار الطبيعي والعادي للبطولة…
يحدث هذا في وقت، تخلت فيه إدارة الجامعة الأم، عن أية مسؤولية اتجاه مشاكل البطولة والأندية، بل أخلت نفسها أيضا من أي التزام اتجاهها، بما في ذلك كأس العرش، المسابقة السنوية التي تعرف مشاركة كل الفرق والأندية على الصعيد الوطني، وكانت الجامعة على امتداد التاريخ، حريصة على الإشراف على تدبير مراحلها وضمان نجاحها منافساتها بالنظر إلى الرمزية التي تحملها…
>محمد الروحلي