ارتبطت الجريمة عموما بالرجل، والدليل على ذلك، أن أغلب السجون مكتظة بهم، فيما ظلت نسبة النساء المجرمات ضئيلة جدا مقارنة مع الرجال. لكن الملاحظ، أنه في العقدين الأخيرين، بدأ الحديث عن الجريمة بصيغة المؤنث يعرف تصاعدا، وهذا مرده، إلى كون الجرائم التي كانت مقصورة على الرجال، أضحت مشتركة وبدأت تعرف تورط النساء بدورهم، حيث تزايدت جرائمهن في مجال السرقة وتهريب المخدرات والدعارة والقوادة وقتل أزواجهن بل أبنائهن أيضا. وقد بيّنت بعض الدراسات أن المرأة في المغرب والجزائر وتونس مسؤولة عن نحو 6 في المائة من الجرائم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها الرجل. وهذا ما جعل العديد من النساء خلف القضبان.
وهكذا لم يعد السجن خاصا بالرجال، كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة تتقاسمه مع الرجل ، إذ بلغ مجموع الساكنة السجنية بالمغرب خلال سنة 2019 ، 86 384 سجينا ضمنها 2,34 في المائة نساء، حسب تقرير المندوبية العامة للسجون لسنة 2019، ولتقريب القارئ من الجرائم المقترفة بصيغة المؤنث، سنكشف في هذه الحلقات عن مجموعة من النساء المجرمات اللواتي اشتهرن بجرائمهن، سواء داخل المغرب أو خارجه.
الحلقة الثالثة
قصة السفاحة جوانا بارازا.. قتلت ما بين 42 إلى 48 امرأة مسنة
حكم عليها بالسجن 759 عاما وفقا لطبيعة القوانين المكسيكية
جوانا بارازا قاتلة متسلسلة، وهي مصارعة مكسيكية سابقة محترفة ، وأطلق عليها سفاحة العجائز ، وكانت قد حكم عليها بالسجن 759 عامًا ، لقتلها ما بين 42 إلى 48 امرأة مسنة .يعود تاريخ أول جريمة ارتكبتها جوانا ، إلى أواخر التسعينات، حيث قتلت ماتافيجيتاس، بينما الجرائم الفعلية التي تم إثباتها عليها، كانت بداية من عام 2003م ، ويرجح أنها قتلت عددًا كبيرًا من النساء ، تجاوز عددهن تسع وأربعين قتيلة .
حياة جوانا الشخصية وعائلتها
ولدت جوانا بارازا في إبازويوكان، وهي منطقة ريفية شمال مكسيكو سيتي ، ووالدتها هي جوستا سامبيريو، المدمنة على الكحوليات، والتي قيل أن جوانا قد تكون ابنة لها، من أحد الرجال الذين، اغتصبوها وهي تحت تأثير الكحول، حيث أن ابنها الرابع، كان من أحد الرجال الغرباء .
كان مجموع الأطفال أربعة، وتوفى أكبرهم متأثرًا بجروح بالغة، على يدي شقيقته جوانا، التي كانت تحترف رياضة المصارعة، ولقبت باسم لاداما ديل سيلينسيو؛ ويعني سيدة الصمت، وبرعت في نوعية مصارعة تسمى lucha libre ، وهو أحد أشكال المصارعة المكسيكية المقنعة المحترفة .
ضحايا بارازا
كان جميع ضحايا بارازا من النساء، اللواتي بلغن سن الستين أوأكثر، وكثيرات منهن يعشن بمفردهن، فكن صيد ثمين بالنسبة لبارازا ، وقد تعرضن للضرب والخنق، قبل أن تقم الأخيرة بسرقتهن .
كان المدعي العام الرئيس برناردو باتيز في مكسيكو سيتي ، قد أكد أنهم أمام قاتل ذو عقل لامع وذكي للغاية وحذر، وأقر بأن القاتل أيضًا، لا يقم بضربته، سوى بعد أن ينال ثقة الضحية كاملة، وتم الاشتباه بأن القاتل، قد يكون مسئولا حكوميًا، أتاح لضحاياه فرصة التسجيل في برامج الرعاية الاجتماعية .
كان البحث عن بارازا معقدًا لأسباب عدة، أولها هو تضارب الأدلة الجنائية، التي عثر عليها في أماكن ارتكاب الجرائم، حيث تم الافتراض بأن القاتل اثنين، وليس واحدًا فقط، وكانت هناك مصادفة غريبة، أن ثلاثة من الضحايا كن تمتلكن، نسخة من لوحة الفنان الفرنسي جان بابتيست غروزي، المعروفة باسم الصبي ذو الصدرية الحمراء، في القرن الثامن عشر
ولدهشة العديد من المكسيكيين الذين افترضوا أن القاتل ذكرًا، كان المشتبه بها هي؛ جوانا بارازا البالغة من العمر 48 عامًا ، وهي مصارعة نسائية عرفت باسم السيدة الصامتة، حيث أبلغ بمواصفاتها شهود العيان، في عدد من جرائمها، ووصفوا أنها ذات مظهر رجولي، وتم البحث عن قاتل مخنث، حتى تطابقت المواصفات مع جوانا بارازا .
وقال ممثلو الادعاء في مكسيكو سيتي، إن أدلة بصمات الأصابع ربطت بين بارازا وبين 10 جرائم قتل على الأقل، من بين ما لا يقل عن 40 جريمة قتل نُسبت إلى القاتل، وقيل أن المصارعة بارازا ، قد اعترفت بقتل الفارو وثلاث نساء أخريات، ولكنها نفت تورطها في جميع عمليات القتل
المحاكمة
تمت محاكمة بارازا في ربيع عام 2008م ، حيث زعمت النيابة أنها كانت مسئولة عن مقتل 40 شخصًا، إلا أنها قد اعترفت بقتل الفارو فقط، ثم أخبرت رجال التحقيقات، بأن دافعها كان كراهية مستمرة، تتعلق بمعاملة والدتها لها، منذ الطفولة، وكانت ترى في هاته النساء صورة والدتها ديامًا، فأرادت أن تخلص المجتمع منهن !
في 31 مارس من نفس العام ، أدينت بارازا بتهم تتعلق بالقتل والسرقة المشددة ، بما في ذلك 11 تهمة منفصلة بالقتل، وحكم عليها بالسجن 759 عامًا ، وفقًا لطبيعة القوانين المكسيكية، في مثل هذه الجرائم .
< إعداد: حسن عربي