كشف استطلاع “أصداء بي سي دبليو” السنوي الخامس عشر لرأي الشباب العربي، والذي أصدرته “أصداء بي سي دبليو” – شركة استشارات العلاقات العامة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – أن غالبية الشباب العربي يجدون صعوبة بالغة في ترك وسائل التواصل الاجتماعي ويقرون بأنها تؤثر سلبا في صحتهم النفسية؛ هذا مع العلم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتع بواحد من أعلى معدلات استهلاك الفرد لوسائل التواصل الاجتماعي على مستوى العالم.
كانت هذه بعض النتائج الرئيسة لموضوع “نمط حياتي” في الاستطلاع الذي يعد المسح الأشمل من نوعه للشريحة السكانية الأكبر في المنطقة والتي تضم أكثر من 200 مليون شاب وشابة.
مع انتشار استخدام الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 77% – وهذا أعلى من المتوسط العالمي البالغ 65% – تشير التقارير إلى أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة لديهم بالمتوسط 8.4 حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقضي كل مستخدم أكثر من 3.5 ساعات عليها. وتعد المملكة العربية السعودية أكبر مستخدم لمنصة “يوتيوب” على مستوى العالم، ذلك أن 68% من المستخدمين في المملكة يستهلكون مقاطع الفيديو الرقمية أكثر مما يشاهدون التلفاز. وتحتل دول الشرق الأوسط اليوم المراكز الخمسة الأولى عالميا في استخدام منصة “تيك توك” (الإمارات، والسعودية، والكويت، وقطر، والعراق)، بينما تعد السعودية والعراق ومصر من بين أكثر 15 دولة استخداماً لمنصة “سناب شات”.
وفي ضوء هذا الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن مفاجئا أن يسعى حوالي ثلاثة أرباع (74%) المشاركين في استطلاع هذا العام للتحرر من سطوة وسائل التواصل الاجتماعي. علاوة على ذلك، أجمع حوالي ثلثي (61%) المشاركين على أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبا في صحتهم النفسية.
وتم إصدار نتائج الاستطلاع في حدث خاص نظمه “بلينكس”، الـ”ميديا هب” الجديد الذي يستهدف جيل الشباب في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية (المصادف 10 أكتوبر). وناقش، سونيل جون، رئيس شركة “بي سي دبليو” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومؤسس “أصداء بي سي دبليو”؛ ونخله الحاج، المدير العام لـ “بلينكس ميديا هب”، نتائج الاستطلاع وتأثيرها في المشهد الإعلامي والرقمي المتغير في العالم العربي.
وبهذه المناسبة، قال سونيل جون: “تتحدد أنماط حياة الشباب العربي بشكل متزايد في استهلاكهم الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي. ومع أنهم ينشدون التحرر من سطوة هذه الوسائل، يفضل الكثير منهم تحقيق الشهرة كـ”مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي”. يبدو أن الاعتماد الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي ساهم في عزلة الكثير من الشباب العربي وعدم إدراكهم للحقائق الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. ومع امتلاكها أعلى معدل لبطالة الشباب على مستوى العالم، من المهم جدا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن توجه طاقات هؤلاء الشباب نحو التدريب المهني والتعليم الجيد ليتمكنوا من شغل وظائف المستقبل”.
ونوه جون إلى أن قلق الشباب العربي إزاء تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الصحة النفسية ينطوي على أهمية خاصة؛ ذلك أن “الشباب الذين يتمتعون بالذكاء الرقمي يشكلون رصيدا غنيا لأي دولة، ولكن ينبغي منح الأولوية لصحتهم النفسية من خلال تشجيعهم على عيش الحياة الاجتماعية بالكامل في العالم الواقعي”.
عادات الشباب العربي وتفضيلاتهم لاستهلاك وسائل الإعلام… و”بليـنكْس“
ومن جانبه، قال نخله الحاج، المدير العام لـ”بلينكس”: “تشكل النتائج المهمة التي توصل إليها استطلاع “أصداء بي سي دبليو” السنوي لرأي الشباب العربي، مصدر معلومات قيما لنا في “بلينكس”، ولا سيما في ضوء تركيزنا على الجيل (زد) وجيل الألفية في منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف: “يتمثّل هدفنا في إلهام جيل الشباب من خلال اعتماد نهج قائم على الدقة والصدقية في رواية الأحداث وتغطية الأخبار، مع تسخير قوة الموارد والتكنولوجيا لتطوير منهجية متجددة لسرد القصص وتلاوة الأحداث بطريقة مشوّقة وموثوقة تعكس رؤية شباب اليوم وتطلّعاتهم. قدمت لنا نتائج الاستطلاع هذا العام رؤيةً أوضح حول عادات الشباب العربي وتفضيلاتهم لاستهلاك وسائل الإعلام، ونحن في “بلينكس” نلتزم بتوخي الصدقية في مسار سرد القصص وتلاوة الأحداث، بعيدا من التزييف والمعلومات الخاطئة والمضللة. كما نحرص على التعامل مع القضايا الحساسة بدون مبالغة أو تحريف أو انجراف وراء العواطف”.
واختتم نخله الحاج بالقول: “نفخر في “بلينكس” بمنهجيتنا القائمة على سرد القصص وتلاوة الأحداث بواقعية وصدقية، والالتزام بتقديم محتوى متنوع وشامل وملائم ثقافياً يتردد صداه لدى مختلف الجماهير، لنجسد بذلك شعارنا بتقديم (محتوى أكثر. صخب أقل)”.
البحث عن الشهرة كمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي
ولدى سؤالهم عن منصات التواصل الاجتماعي الأهم بالنسبة إليهم، أشار 18% من المشاركين إلى “فيسبوك”، تلتها “إنستغرام” (17%)، و”واتساب” (16%)، و”يوتيوب” (13%)، و”تيك توك” (12%)، و”سناب تشات” (11%)، و”إكس/تويتر” (8%) و”لينكدإن” (4%).
وقالت الأغلبية الساحقة (92٪) من الشباب العربي إن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “ميتا” و”أبل” و”نتفليكس” و”غوغل” تمتلك “قوة تأثير كبيرة”؛ وأجمع على ذلك شباب المناطق الثلاث المشمولة في الاستطلاع – دول مجلس التعاون الخليجي، وشمال أفريقيا، وشرق المتوسط. وأجمعت نسبة مماثلة أيضا على أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي بذلت المزيد من الجهد لوقف نشر المعلومات المضللة على منصاتها.
رغم سعيهم للتحرر من سطوة وسائل التواصل الاجتماعي، يود الكثير من الشباب العربي تحقيق الشهرة عبر هذه الوسائل، مما يعكس خياراتهم “المهنية الناعمة” بدلا من العمل في وظائف صعبة في قطاعات التكنولوجيا أو الطب أو الهندسة.
وبسؤالهم عن المجال الذي يودون تحقيق الشهرة فيه، قالت النسبة الأعلى (13%) من الشباب العربي إنهم يفضلون تحقيق الشهرة كـ”مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي”. وكان هذا الخيار الأول بين أكثر من 30 إجابة أخرى تشمل العمل في مجال الصناعة والتعليم والأعمال والرعاية الصحية والسياحة وغيرها.
وتحظى مجالات الشهرة كطهاة أو نقاد طعام أو مدوني طعام بشعبية متساوية (12%) بين الشباب العربي، بينما قال 11% إنهم يودون تحقيق الشهرة في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية أو المساهمة في قطاع التكنولوجيا. وأبدى 10% من الشبان والشابات العرب رغبتهم بأن يصبحوا مشهورين في قطاع الموضة كمصممين أو عارضي أزياء. وتجذب الوظائف في مجال التعليم والرياضة 9% لكل منهما، بينما قال 8% إنهم يفضلون الشهرة كرواد أعمال/مسؤولين تنفيذيين.
ومع ذلك، ثمة تباينات إقليمية واضحة في هذه الإجابات: ففي دول مجلس التعاون الخليجي، قال 10% من المشاركين إنهم يودون تحقيق الشهرة في قطاعات التكنولوجيا والهندسة وفنون الطهي؛ بينما يسعى 17% من شباب دول شمال أفريقيا لتحقيق الشهرة كمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، يليهم 15% يفضلون الشهرة في مجال الأعمال الخيرية، و12% يريدون استكشاف فنون الطهي. ويولي شباب دول شرق المتوسط الأهمية القصوى للتكنولوجيا وفنون الطهي (13% لكل منهما)، ويفضل 12% منهم تحقيق الشهرة كمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الشباب العربي، ولدى سؤالهم ما الذي يحدّد نمط حياتهم، بدا لافتا للانتباه أن يشير أكثر من نصف (58%) المشاركين في الاستطلاع إلى “تناول الطعام في الخارج”، واختارت نسبة مماثلة (57%) “قضاء الوقت مع الأصدقاء في الخارج”. فيما اختار 42% ارتداء الأزياء من علامات تجارية عصرية، وقال أكثر من الثلث (36%) “قضاء الإجازات في وجهات جديدة”، وقال حوالي ثلث (31%) المشاركين في الاستطلاع إن “ارتياد السينما” يعكس نمط حياتهم، وأشارت نسبة مماثلة (30%) إلى “قيادة السيارات الرياضية”.
وسائل التواصل الاجتماعي مصدر رئيس للأخبار
ذكر حوالي ثلثي (61%) الشباب المشاركين في استطلاع هذا العام أنهم يتابعون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بانخفاض كبير عن النسبة المسجّلة في عام 2019 عندما قال حوالي 80% إنهم يتابعون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، لا يزال التلفاز يشكل مصدر الأخبار الرئيس لحوالي نصف الشباب العربي (45%).
ومن التوجهات الملحوظة أيضا بروز المنصات الإلكترونية كمصدر للأخبار بالنسبة إلى الشباب العربي؛ ففي عام 2019، بلغت نسبة الذين يتابعون الأخبار عبر المنصات الإلكترونية أكثر من الثلث (38%)، وارتفعت هذه النسبة إلى 42% في عام 2023، بزيادة قدرها 10%. ولا تزال الصحف اليومية المطبوعة تشهد انخفاضاً مستمرا، إذ يتابعها 9% فقط من الشباب المشاركين في الاستطلاع.
ومع ذلك، نال التلفاز ثقة النسبة الأكبر من المشاركين في الاستطلاع (89%)، تليه مصادر الأخبار الإلكترونية (79%) والصحف اليومية المطبوعة (76%). في حين لم يحظَ مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي بثقة المشاركين، حيث قال 42% إنهم “غير جديرين بالثقة”.
أجرت الاستطلاع شركة “أصداء بي سي دبليو”، وتضمن 3600 مقابلة شخصية أجراها محاورون متمرسون من شركة “سيكث فاكتور” الاستشارية مع شبان وشابات عرب تراوحت أعمارهم بين 18 و24 عاما. وتوزعت عينة المشاركين، وهي الأكبر في تاريخ الاستطلاع، بالتساوي بين الجنسين في 53 مدينة ضمن 18 دولة عربية. وأُجريت المقابلات بشكل شخصي وليس إلكتروني لضمان دقة البحث وتوضيح الفروق الدقيقة قدر الإمكان في آراء الشباب العربي في كل أنحاء المنطقة.
وتم اختيار “واقع جديد ونظرة متغيرة” كموضوع رئيس لاستطلاع “أصداء بي سي دبليو” لرأي الشباب العربي 2023. وكانت الشركة قد أعلنت عن النتائج المتعلقة بموضوع “مواطنتي العالمية”، تلتها النتائج المتعلقة بمواضيع “توجهاتي” و”سبل معيشتي” و”هويتي” و”طموحاتي المستقبلية”.
(موقع هي)