صحافة البيان تخلد ذكراها الخامسة والأربعين

من ذاكرة المراسلين

سعيدة بنت العياشي من مراكش: جريدة مناضلة في خدمة قضايا الجماهير

قال لي سي علي حين اقترحت عليه نشر صفحة خاصة بقضايا المعاقين: « يجب أن تعرفي أيتها الرفيقة أن هذا العمل الذي تقومين به مهم وكبير جدا»، ثم رحب بي وطلب من هيئة التحرير الاهتمام بمنتوجي الصحفي…

والجريدةتحتفل بالذكرى 45 لتأسيسها، حملتني تلك السنوات إلى أول ما كتبته في الجريدة بداية الثمانينات، كانت عبارة عن خاطرة حملت ما شعرت به من ألم وحزن كبيرين لوفاة عزيز بلال في شيكاغو بأمريكا في ماي 1982، أذكر بعض ما جاء فيها: «في لحظة نزل الخبر كالصاعقة: بلال مات.. أشعر بألم شديد يعتصر قلبي، ودموع لا تريد التوقف، كيف اختنقت ابتسامتك يا بلال وسط الدخان بشيكاغو؟ وكيف نصدق أنها صدفة؟..»
من هنا كانت بداية عشقي لجريدة لم تكن مجرد صفحات مكتوبة بمداد عندما تلمسه يلتصق بك، وكأنه يبحث عن بصمة لك تجعلك ملتصقا بهموم الكادحين في هذا الوطن. بل كانت بداية سنوات طوال من التواصل اليومي مع الجماهير في كل المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية. كانت بالفعل سنوات من الجد والنشاط والإبداع في إيصال الجريدة الى أوسع الجماهير. ليست باعتبارها وسيلة لنشر أفكار ومواقف الحزب فحسب. ولكنها كانت بامتياز صوت المستضعفين والكادحين في هذا الوطن. 
لقد شكلت جريدة «البيان» تم فيما بعد «بيان اليوم» (في بداية التسعينات) جزءا من حياتنا وأرخت لأحداث ومواقف رسمها مناضلون بشموخ واعتزاز كبيرين. وهنا لابد أن تستوقفني صورة شخص كان يأتي باكرا لمقر الحزب بمراكش تجد أمامه كأس شاي وقد برد وعلبة سيجارة وفي اليد قلم حبر، وفي اليد الأخرى سيجارة رمادها يتقاطر على الأصابع، وهو غارق في كتابة موضوع لا يتحرك وعندما تناديه مرة واثنين، يرفع رأسه يراك وكأنه لا يراك يقول اااااااااايه.. ويعود إلى ورقته، أحيانا أبقى أنظر إليه، وأناديه: وا الرفيق تكلم معنا، لكنه لا يجيب.. إلى أن أمل لاسيما إن كان الموضوع الذي جئت من أجله مستعجلا، فأصيح بأعلى صوتي وا القباااااااج !!! عندها فقط يجيبك نعم أ لرفيقة. إنه المناضل الرفيق عبد الرحمان القباج، الله يمسيه بالخير، الذي كان مواظبا على طرح قضايا المواطنين، وكان يسرع في كتابة مجموعة من المقالات نرسلها قبل الساعة 11 موعد انطلاق إحدى حافلات النقل المتوجهة إلى الدار البيضاء. هكذا يوميا وكل يوم تأتي أفواج من المواطنين لطرح قضاياهم من بينهم رفاقنا. إذ كانت الجريدة صوت المظلومين والمهضومة حقوقهم، ونفتخر أننا عشنا في ذاك الزمن، نفتخر أن الجريدة رغم ظروفها التقنية كانت وسيلة التواصل بامتياز.
والجيل الذي كان معي في تلك الفترة يتذكر جيدا ماذا تعني الظروف التقنية وكيف كانت الجريدة. ومدى الصعوبات التي كنا نكابد من أجل إيصال الخبر إلى المواطن. فرغم شكلها آنذاك وما كنا نعانيه منها، إلا أننا لم نوقف العمل وننتظر تحسين الظروف، بل كنا نشتغل حسب الإمكانات المتاحة لنا، هدفنا الأساسي هو إيصال تلك الجريدة كيفما كانت، إلى أكبر عدد من القراء. 
من المشاكل التي كانت تصادفنا مثلا: قد تتعب على مقالك كثيرا، لكن حين ينشر في الجريدة لا تعرف رأسه من رجليه لأن حظه العاثر وقع أثناء عطل تقني بالمطبعة.
وقد يصادف الأمر أن تقرأ مقالك ولا تعرفه، وأحيانا قد يتغير العنوان ويصير في مكان آخر، وقد تتحول الفقرات من مكانها فيضيع معنى المقال بالكامل. وهي أشياء تقع بشكل متكرر لم نكن نفهم السبب، إلا بعد زيارتي في بداية الثمانينات إلى مطبعة الجريدة لأتفاجأ بطريقة طبع المقالات، إذ كان التقني يضع المقال أمامه ويبدأ في وضع كل حرف هو محفور بالرصاص ويقوم بتصفيف الحروف لتشكل كلمات وبعدها جملا وصفحات.. أما وضع الصور فتلك حكاية أخرى. فكانت الجريدة تستحق فعلا أن نقول عنها مناضلة، بعد تلك الزيارة لم أعد أناقش لا المداد الملتصق ولا شكل الجريدة ولا الفقرات المقلوبة، لكني أحمد الله لأن مقالي نشر كما هو. لكن هذا الوضع لم يدم طويلا إذ بشرنا الرفيق علي يعته ذات مرة أن الجريدة ستعرف تحسنا وأننا تخلصنا من الكتابة البدائية بالرصاص فكانت فرحتنا كبيرة.
وفعلا تحسن شكل الجريدة نسبيا، فشكل ذلك حافزا إضافيا للمزيد من العمل والعطاء من أجل جريدة جماهيرية.
ونحن نتحدث عن الجريدة لابد من الوقوف ولو للحظة لنشير للدور الرائد الذي لعبته باعتبارها جسرا تواصليا ونضاليا استثنائيا مع رفاقنا في كل مكان وأخص هنا بالذكر رفاقنا الفلاحين في الحوز خاصة في أعلى جبال اوكيمدن، وفي اشك واغمات وغيرها، حيث كانت الجريدة صوت الفلاحين هناك، كنا لا نكل ولا نمل من نشر العشرات من المقالات منددين بالممارسات التعسفية لرجال السلطة وأعوانهم ضد الفلاحين الفقراء، وكنا نطلب من السي على أن يخبر هيئة التحرير على نشر المقالات في يوم محدد وغالبا ما يكون يوم السوق الأسبوعي. وحسب الموضوع ومدى أهميته بالنسبة للمنطقة والساكنة نطلب أيضا تخصيص أعداد إضافية من الجريدة ليقوم الرفاق ببيعها بيعا نضاليا هناك، وأحيانا كثيرة كنا نجمع الجريدة من الأكشاك ويحملها الرفاق إلى منطقتهم ويتم بيعها بنفس الطريقة. والرائع ليس فقط نشر الجريدة بل كانت مناسبة لرفاقنا لفتح النقاش مع المواطنين وتعريفهم بالنضال الذين يخوضونه من أجل كرامة الفلاحين، وكثيرا ما كان هذا الأمر يزعج السلطات المحلية التي تضاعف قمعها لرفاقنا وتختلق حججا واهية للزج بهم في السجون.
ونحن اليوم نكرم جريدة مناضلة بكل المقاييس، لابد أن نقف ولو لحظة لتذكر أحد الرفاق بإقليم الحوز وهو الرفيق المرحوم بن الرايس أحد الذين كان لهم الفضل في نشر الجريدة في العديد من المناطق بالحوز.. كان الرفيق ابن الرايس يبيت الليل في مقر الحزب ليجمع الجريدة في الصباح الباكر من مراكش ويحملها مسرعا إلى منطقته فخورا بنضاله حتى خلق عمله هذا رعبا لدى السلطات المحلية فكان مصيره هو تلفيق تهما واهية للزج به في السجن، وكانت تهمة الرعي في الغابة من بين التهم السهلة آنذاك، ولأنه لا يملك مبلغ الغرامة المالية فإن السجن في انتظاره، مرة حكم على الرفيق بشهرين سجنا نافذا. ولأن يوم خروجه من السجن كان ليلة فاتح ماي، فسرعان ما التحق بنا أثناء البيع النضالي للجريدة في تلك المناسبة. وللتاريخ، تجذر الإشارة إلى القفزة الهامة والتطور النوعي الذي عرفته الجريدة أواسط التسعينات، تطور ليس على مستوى الشكل فقط، بل لأول مرة، أصبحت لدينا جريدة بمواصفات حديثة وبتقنيات متطورة، جريدة لم تعد فقط تنافس جرائد أخرى بل توفقت عليها أيضا، وهذا التحول العميق كان حافزا قويا لكل المناضلين وأيضا للصحفيين العاملين بالجريدة من أجل المزيد من العطاء والإبداع. لأن الجريدة بحلتها الجديدة   حفزت القارئ أكثر حتى أنها أصبحت توضع في مقدمة الأكشاك وصارت مبيعاتها في تزايد ولم نعد بحاجة الى تلك الاساليب العتيقة في توزيعها. أما على مستوى الادارة والتي كان يشرف عليها آنذاك الرفيق نبيل بنعبد الله ، فقد تميزت بالجرأة  في الأفكار والابداع وكانت فعلا انطلاقة  لمسيرة حديثة للجريدة، لتستمر اليوم وقد اصبحت مقاولة صحفية  يشرف على تسييرها الرفيق والصحفي المبدع محتات الرقاص ويشرف على هيئة تحريرها الرفيق الحسين الشعبي اضافة الى طاقم من الصحفيين والفنيين الذين تحملوا مسؤولية تسيير الجريدة ويعملون من أجل تقدمها وإخراجها بحلة ومحتوى يشرّف إعلامنا الحزبي. ومن عاش بداية الجريدة وظروف طبعها سيفتخر اليوم ان جريدتنا أصبحت مواكبة للتطورات التي يعرفها الإعلام الحديث « new media »، مما أصبح معه التواصل أسهل ومع أكبر شريحة من الجماهير لاسيما عبر موقع الجريدة الاليكتروني الجميل والمتجدد باستمرار. إن التطور الذي عرفته الجريدة يجعلنا نفتخر بتجربتنا الإعلامية وتطورها ومازال لدينا طموح في جعلها وكما كانت دائما منبرا لكل فئات مجتمعنا وصوت كل الجماهير، جريدة أكثر انتشارا، وأكثر التحاما مع قضايا وطننا وشعبنا، إنها مسؤوليتنا جميعا.
فمن حق جريدتنا وهي تحتفل بالذكرى 45 لتأسيسها أن تفتخر أنها كانت سباقة إلى طرح مواضيع تهم فئة هامة من مجتمعنا كمشكل الخادمات التي طرحناه في سنة 1984 وقضايا المرأة في مجتمعنا وهنا نشير أن الجريدة كانت تخصص صفحة شهرية لطرح كل القضايا التي تعيق تقدم وتحرر المرأة.
من حق جريدتنا أن تفتخر أن صفحاتها كانت مفتوحة للمقاومين والرياضيين والمثقفين وكنا نخصص عدة مقالات وصفحات تعبر عن إنجازاتهم كل حسب ما قام به من دور سواء لتحرير الوطن من الاستعمار أو من أجل تقدمه رياضيا وثقافيا..
من حق جريدتنا أن تفتخر أيضا أنها كانت سباقة إلى كشف معاناة المعتقلين داخل السجون والكشف عن ظروف الاعتقال والاكتظاظ وانتشار الأمراض وغيرها. 
من حق جريدتنا أن تفتخر أنها كان لها السبق في تخصيص صفحة خاصة بالمعاقين هي الأولى من نوعها في الصحافة الوطنية منذ بداية التسعينات. 
ومن حقي أن أفتخر أننى ناضلت سياسيا وإعلاميا مع جيل من المناضلين الكبار، كان على رأسهم الزعيم السي علي، وتشجيعاته المستمرة التي لم تكن لتزيدني إلا حماسا، فكثيرا ما كنت أقضي ليلة بيضاء من مراكش إلى الدار البيضاء لأحمل مقالاتي وصفحتي الخاصة بالمعاقين، حتى أكون في الجريدة قبل اجتماع هيئة التحرير.. كان يكفي لقائي الأول مع السي علي، شرحت له المغزى من صفحة خاصة بهذه الفئة من مجتمعنا، رحب السي علي كثيرا بالفكرة، وقال لي: يجب أن تعرفي أيتها الرفيقة أن هذا العمل الذي تقومين به مهم وكبير جدا. وطلب من هيئة التحرير الاهتمام بمنتوجي الصحفي ونشر الصفحة. كان اهتمامه بما أقوم به حافزا قويا للمزيد من العطاء في هذا المجال.
لا يمكن أن أذكر هيئة تحرير الجريدة في ذاك الوقت، دون أن أذكر صحفيين كبارا قدموا الشيء الكثير من أجل إنجاح تلك الرسالة الإعلامية الرائعة التي جمعتنا جميعا.. أذكر هنا الرفيق المرحوم رمز عبد الحميد، ومحمد جنبوني ونور اليقين بنسليمان والمرحوم الحانون بوطيب، وعمر الزغاري، أحمد بوكيوض، محمد الروحلي، بلعيد بوميد، مصطفى السالكي، محمد خليل، فنن العفاني، دون أن أنسى الرائع المرحوم نذير يعته.
ومازالت الرسالة الإعلامية لجريدتنا مستمرة مع جيل جديد من المبدعين والساهرين على جعل الجريدة منبرا إعلاميا تواصليا مع كل فئات مجتمعنا.
كل عام وجريدتنا بألف خير مع تمنياتي لها بالمزيد من التألق والنجاح.

*****

الحسن ساعو من فاس: المراسل في أعراف البيان يتكفل أيضا بمراقبة التوزيع والبيع

مكنني انخراطي بحزب التقدم والاشتراكية من الاطلاع اليومي على جريدة البيان التي تحولت لجريدة بيان اليوم، كنت شغوفا بقراءة افتتاحية هذه الجريدة التي يشرف عليها بعناية مدير الجريدة المرحوم علي يعته، وكان اقتناء الجريدة يدخل ضمن طقوسي الصباحية، حيث أنني أحيانا أبحث عنها لساعات بين الأكشاك التي كان بعضها يخفيها تطبيقا لتعليمات رجال السلطة، خاصة حين تنشر مقالا حساسا لا يعجب أصحاب الحال.
ذات صباح فاس الباردة تعرضت لحادثة سير بمنطقة الليدو وأنا أقرأ عناوين الجريدة في لهفة وسط الطريق، دون أن أنتبه للسيارة التي دهستني وحملت للمسشفى في غيبوبة، وأول ما طلبت من عائلتي حين خرجت من الغيبوبة الأعداد السابقة للجريدة.
من خلال الاطلاع اليومي للجريدة تعلمت أبجديات الكتابة الصحفية، وصقلت موهبتي التي اكتسبتها من المجلة المدرسية، سنة 1985 بقراءة مقالات أشهر الصحفيين وخاصة الصحفي طلحة جبريل.
تجربتي في الكتابة الصحفية بدأت حين رافقني أحد الرفاق إلى مقر الاتحاد المغربي للشغل حيث كان عمال إحدى المؤسسات الصناعية يخوضون اعتصاما كبيرا احتجاجا على الظلم الذي لحقهم من الباطرونا، واقترح علي كتابة مقال في الموضوع. كانت دهشة قوية أقلقتني أمام بياض الورقة الرهيب، في البداية عجزت عن الكتابة، لكن تشجيعاته مكنتني من صياغة المقال، وأصر على توقيعه باسمي، ويعتبر هذا أول مقال نشر لي بالجريدة.
ونظرا للأزمة الخانقة التي كانت تعرفها مصلحة تسليم جوازات السفر بالعمالة، كتبت مقالا حول الإهانات التي يتعرض لها المواطنون، والاعتداءات التي تلاحقهم والتي تصل أحيانا للضرب، وهم في طوابير طويلة تحت الشمس الحارقة، كتبت مقالا يستنكر هذه الأوضاع، هذا المقال جلب لي متاعب كثيرة، حيث استدعيت من طرف رئيس الشؤون العامة للعمالة الذي هددني بالاعتقال، وطالبني بنشر تكذيب لما نشرت، لكن دروس الصمود التي تعلمتها من الحزب مكنتني من مواجهة تهديداته بقوة وثبات.
في نفس السنة زرت المرحوم علي يعته بمكتبته وطلبت منه أن أشتغل مراسلا للجريدة من مدينة فاس والنواحي، واستقبلني بروح رفاقية عالية، وبحفاوة لن أنساها أبدا، وبسرعة قبل طلبي وكانت بداية رسمية للعمل بالجريدة، وبفضل ذلك ساهمت في تأسيس فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالمنطقة الوسطى الشمالية وتحملت المسؤولية في المكتب رفقة زملاء من جرائد وطنية، حيث نظمنا في إطارها دورات تكوينية عديدة مع المنظمة الألمانية فريدريك نيومان والمعهد العالي للصحافة.
العمل الصحفي في الجريدة كان صعبا نظرا لغياب وسائل التواصل مع الجريدة، فكنت أوجه المراسلات عبر حافلة الستيام، وكانت الجريدة تكلف من يذهب يوميا لمحطة الساتيام الشهيرة بالدار البيضاء لجمع وجلب الأظرفة الواردة من المدن، وفي بعض الأحيان تضيع المقالات، أو تغير وجهتها إلى المكاتب السرية.
وحين يكون الخبر مستعجلا، أذهب للبريد وأعطي للموظف رقم الجريدة الذي يتصل بها لتكون المكالمة على حسابها، وأعطي الخبر عبر الهاتف للصحفي المختص في الموضوع، هذه العملية تشكل إحراجا للموظف، نظرا لطول مدة بقائي في مخدع الهاتف وانتظار زبناء لدورهم، أتلو المقال داخل المخدع وخلفي احتجاجات الزبناء الذين ينتظرون دورهم لاستعمال الهاتف.
أمام تصاعد أحداث جامعة سيدي محمد بن عبد الله فوجئت باتصال هاتفي من المرحوم علي يعته مدير الجريدة يتصل بي عبر هاتف مقهى مجاورة لمقر الحزب بفاس، وطلب مني التنقل بسرعة لنقل ما يجري بالساحة الجامعية وتزويد الجريدة بكل التفاصيل، وقد تميزت جريدة بيان اليوم بالسبق في نقل هذه الأحداث، وعرفت الجريدة إقبالا كبيرا في الأوساط الطلابية.
عملي بجريدة بيان اليوم مكنني من اكتشاف مدينة فاس الساحرة من الداخل بأزقتها ومسالكها ومساجدها ومآثرها التاريخية وعاداتها وتقاليدها، ومن خلال تقاريري الصحفية فزت بجائزة الإعلام والاتصال سنة 1994 حول موضوع إنقاذ مدينة فاس التي كانت تنظمها مندوبية الاتصال بفاس، التي كان يديرها ءانذاك الزميل العزيز عبد السلام الزروالي.
وكان ظهور الفاكس ثورة كبيرة بالنسبة لنا، حيث سهل لنا طريقة التواصل مع الجريدة رغم الثمن الباهظ للصفحة الواحدة التي تكلفنا أزيد من 50 درهما ءانذاك. وكان أهم عمل صحفي أنجزته بالجريدة هو تغطية أحداث إسني والخلية الإرهابية التي تمت محاكمتها بمحكمة الاستئناف بفاس، حيث كانت الجلسات تقام إلى وقت متأخر من الليل وبداية الصباح، وكانت جريدتنا مرجعا للعديد من وسائل الإعلام للحصول على المعلومات بخصوص هذا الموضوع.
وكم كنت سعيدا وأنا أسهر على إصدار صفحة أسبوعية بالجريدة حول مدينة فاس والنواحي، مكنتني من اكتساب تجربة مهمة، ساهمت في تشجيعي على إصدار جريدة ثقافية اجتماعية صدر منها ثلات أعداد كانت تحمل اسم “محاور”.
وعلى المستوى الإبداعي فتحت لي جريدة بيان اليوم آفاقا شاسعة لنشر كتاباتي الشعرية والإبداعية وإجراء حوارات مع العديد من المثقفين والفنانين الشيء الذي مكنني من الانخراط في الحركة الثقافية والإبداعية بمدينة فاس.
عمل مراسل جريدة بيان اليوم لم يكن منحصرا في تحرير المقالات وإرسالها للنشر، بل كان يقوم أيضا بمراقبة طريقة عرض الجريدة في الأكشاك، وتوزيعها، وتتبع البيع النضالي للجريدة في العديدة من المناسبات وأهمها تظاهرات فاتح ماي، وكان المراسل كذلك يراقب المرجوعات لدى شركة سابريس، ويخبر إدارة الجريدة بتأخر توزيع الجريدة.
أشعر باعتزاز كبير بانتمائي لأسرة بيان اليوم التي تقوم بواجبها النضالي في ظروف صعبة من أجل إيصال صوت الجماهير الشعبية، ومواجهة الظلم والاستغلال والتحكم.
تحية نضال وصمود لمدراء الجريدة الرفاق المرحوم علي يعته، إسماعيل العلوي، نبيل بنعبد الله، أحمد زاكي، محتات الرقاص، تحية افتخار واعتزاز بزملائي بهيئة تحرير على وفائهم وإيمانهم القوي برسالة الإعلام الملتزم.

Related posts

Top