قبل عام، قررت إدارة صحيفة «لومانيتيه»، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي، عدم السماح لصحيفتينا: (بيان اليوم)، و«ALBAYANE»، بالمشاركة في حفلها السنوي الذي يقام منذ سنين عديدة، ولم تستطع، حينها، تقديم تبرير منطقي لخطوتها تلك، وحاول مسؤولوها التستر وراء أسباب لوجيستيكية غير مقنعة، وحتى لما وجه مدير نشر الصحيفتين، الزميل محتات الرقاص، رسالة إلى مدير«لومانيتيه» للاستفهام، بقيت بلا جواب.
فهمنا آنذاك، وجود أطراف في محيط«لومانيتيه»لا تحبذ وجود«البيان»، وتسعى لغيابها، واختفاء الرواق الذي كانت تقيمه ضمن هذا الحفل السنوي، وتخصصه للتعريف بقضايا المغرب والشعب المغربي، وللقاء الجالية المغربية، وأيضا زوار التظاهرة من مختلف الحركات اليسارية والتقدمية عبر العالم.
كنا ندرك المناورات، ونفهم جيدا الإشارات، لكن، هذه السنة، وحيث أن الإستعدادات انطلقت لتنظيم الدورة الجديدة لحفل لومانيتيه، المرتقب في شتنبر المقبل، فإن مناضلي حزب التقدم والإشتراكية بالعاصمة الفرنسية سعوا، من جديد، لدى المنظمين من أجل فهم مبررات الإصرار على عدم حضور «البيان»، وجوبهت مساعيهم بالمناورة والتماطل، لكن لما ألحوا انتصب أمامهم من رد عليهم بأن السبب الحقيقي هو:» موقفكم من قضية الصحراء»، كذا…
سقطة أخرى للشيوعيين الفرنسيين، ولمدير صحيفتهم الجديد.
كنا نعرف وجود لوبيات جزائرية في محيط الحزب الشيوعي، وقريبا من ذراعه النقابي، وكنا نحس بضغوطهم لتغييب أي صوت مغربي يختلف معهم، ولكن، منذ تعيين المدير الجديد لصحيفة «لومانيتيه» باتت المناورة مفضوحة ومكشوفة، ووصلنا الجواب جليا وباعثا على الشفقة.
لقد بقيت «البيان» تحضر الحفل السنوي لـ(لومانيتيه)منذ سبعينيات القرن الماضي، وبقيت تنظم النقاشات والمرافعات الحاشدة دفاعا عن الوحدة الترابية للمغرب، وشهدت فضاءات(قرية العالم)هناك، الكثير من المواجهات مع خصوم المغرب، وكان هذا يحسب أيضا لانفتاح حفل»لومانيتيه» وتعدديته، فماذا استجد اليوم إذن؟
إن قرار منظمي«حفل لومانيتيه» لن ينقص شيئا من«البيان»، خاصة أن الحفل نفسه لم يعد كما كان، وحتى الحزب الشيوعي الفرنسي ذاته لم يعد كما كان، ولن تدفع الخطوة الإنتهازية المتهافتة «البيان» أو حزب التقدم والإشتراكية لتغيير مواقفهم الوطنية، فالمؤرخون والمتابعون يذكرون أن الخلاف مع الرفاق الفرنسيين بهذا الشأن هو خلاف قديم ومحسوم منذ عقود.
باطرون«لومانيتيه» هو من يجب عليه أن يخجل اليوم بعد ارتمائه في أحضان جينرالات النظام العسكري الجزائري بوضوح وسفور، وخضوعه لإملاءاتهم، وموقفه هذا يبعث على الشفقة، ويورط حزبه ورفاقه، حيث بدوا أمام العالم أنهم لا يتحملون رأيا مغربيا واحدا يعارض أطروحة عسكر الجزائر، ولم يترددوا في نهج سلوك إقصائي عدواني تجاهه، بلا أي مبرر منطقي أو حرص أخلاقي، بل فقط من باب «المناولة» لمصلحة عسكر ولوبيات وأجهزة النظام الجزائري.
أما بالنسبة لصحيفتينا: «بيان اليوم» و«ALBAYANE»، فإن ما اقترفه منظمو«حفل لومانيتيه» في حقهما، يمنحهما التأكيد على مصداقية الموقف والقناعات، ويعطي الدليل على أن جدية خطهما التحريري الوطني، ورصانة الأسلوب، يزعجان فعلا خصوم المغرب ووحدته الترابية، ولذلك هم ضغطوا من أجل تغييب هذا الصوت الإعلامي المغربي، الممتلك للمصداقية والتاريخ ووضوح الرأي، عن الحضور في محفل تقدمي عالمي.
وحدهم الشيوعيون الفرنسيون، مع الأسف، لا يرون ما يشهده العالم من تحولات، ولا يفتحون عيونهم عن تطورات ملف الوحدة الترابية للمغرب، وعن العزلة المتفاقمة للنظام العسكري الجزائري، ويصرون على المشي عميانا، وأحيانا تحريك أرجلهم وخطواتهم إلى الخلف…، نحو التدني والجمود والتكلس.
بيان اليوم