عبث حقيقي

عبث حقيقي ما تعيشه كرة القدم الوطنية على الصعيد الأندية، عبث في تغييرات غير منطقية ولا مستساغة نهائيا، تهم الأطقم التقنية، مما يعطي مؤشرا حقيقيا حول واقع غير مشجع تماما وتخبط وارتباك يلغي أي استقرار ضروري ومطلوب بقوة في الساحة الكروية ببلادنا.
فبعد 11 دورة فقط من بطولة القسم الأول، لما يسمى بالدوري الاحترافي في كرة القدم، غيرت الأغلبية الساحقة من الأندية مدربها، بل هناك فرق غيرت أطقمها التقنية مرتين في ظرف ثلاثة أشهر.
وحتى الفرق التي لم تقدم إلى حدود الثلث الأول من البطولة، أي بعد عشر دورات، وهى خمسة فقط، الجيش الملكي ومولودية وجدة والمغرب التطواني وأولمبيك أسفي والفتح الرباطي، والفريق الأخير هو الوحيد الذي يحافظ على مدربه منذ 5 سنوات، أما البقية فتعاقدوا مع مدربيهم مع بداية هذا الموسم، وبالتالي ليس هناك استقرار أو غيره.
مشكل حقيقي فعلا تؤدي الأندية الوطنية ضريبته غاليا، إلى درجة تحول الأمر إلى لعبة الكراسي المتحركة التي لا يحكمها منطق أو نظرة موضوعية، بل حتى القانون الإطار يتم التحايل على شروطه وبنوده مع سبق الإصرار والترصد.
وعندما نتساءل حول أسباب كل هذا التخبط، فإن الجواب يأتي سريعا وشافيا وبدون أي مقدمات، فالمسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى رؤساء الأندية اللاهتون وراء الاستحواذ على كل التخصصات سواء كانت تقنية أو إدارية ومالية، بل أحيانا لا يترددون في التدخل حتى في الجانب الصحي، وهناك أمثلة صادمة بخصوص تسلط نماذج حولت بعض الفرق إلى رهينة بيد أفراد لا يتورعون ولا يترفعون بل لا يستحيون بالمرة من أفعالهم.
فقد تحول أمر هيكلة الإدارات التقنية داخل الأندية إلى حلم صعب التحقيق، أو من باب المستحيلات، بالرغم من الأصوات التي ترتفع باستمرار، مطالبة بترك مسؤولية الجانب التقني لأهل الاختصاص، والعمل وفق مبدأ التعاقد المبني على هيكلة واضحة ودقيقة، تحفظ للفرق استقرارها وهويتها التقنية، وتعمل وفق أجندة واضحة ومنهجية مضبوطة، لكن هذا بالنسبة الأغلبية الساحقة -إلا من رحم ربي- من سابع المستحيلات.
لكن لماذا كل هذا الإصرار على الانفراد حتى بالجانب التقني من طرف الغالبية العظمى من رؤساء الفرق، وعندما نقول الجانب التقني، فهناك أيضا الشق المتعلق بالتعاقد مع اللاعبين، وإبرام الصفقات، وهذا هو مربط الفرس.
فالفوضى التي تعم صفقات انتقالات اللاعبين، وغياب الوضوح تماما، يسمح بممارسات غير سليمة نهائيا، وأرقام سنوية كبيرة لا تخضع للمراقبة والمتابعة، ولا حتى لأي تدقيق، قل ما شئت من أرقام، واذهب إلى حال سبيلك، فالأمور سالكة من أية محاسبة أو رقابة.
هذه هي المعضلة الكبرى التي تعيشها كرة القدم الوطنية، حيث التهافت على أشده، فكيف يمكن والحالة هذه انتظار أي تطور أو هيكلة حقيقية، ليستمر العبث مع يرافق ذلك من هدر للطاقات واختلاس للأموال، وضياع للوقت وتخلف عن الركب …

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top