“فجوة الأجور بين الجنسين في العمل” تمنح للخبيرة كلوديا غولدين جائزة نوبل للاقتصاد

جمعت عالمة الاقتصاد الأميركية كلوديا غولدين التي فازت الاثنين بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2023، خلال سنوات مسيرتها الطويلة بيانات دقيقة عن تاريخ النساء في سوق العمل، لتسلط الضوء عبر بحوثها على الخلل المستمر لناحية الفجوة بين الجنسين على صعيد الأجر.

هذه الخبيرة الاقتصادية البالغة 77 عاما، وهي أول امرأة تعين رئيسة لقسم الاقتصاد في جامعة هارفرد الأميركية، استعادت المسار الشاق الذي سلكته النساء نحو المساواة في سوق العمل الأميركية، مؤكدة على دور التاريخ والتقدم التكنولوجي في اندماجهن في هذه السوق، ولكن أيضا على الصعوبة التي يواجهنها في المواءمة بين الحياة المهنية والعائلية منذ بداية القرن العشرين.

وقد حددت كلوديا غولدين خمس فترات: أولا الأعوام 1900-1920، عندما كان على عدد صغير من النساء المؤهلات الاختيار بين العمل والأسرة (أقل من ثلث العاملات كان لديهن أطفال)، ثم الأعوام 1920-1940، حين توقفت نساء كثيرات عن العمل لتكوين أسرة بسبب مرحلة “الكساد الكبير”.

ثم جاءت فترة انقطاع بسبب الحرب العالمية الثانية، وصولا إلى ستينات القرن العشرين، وهي مرحلة كانت نساؤها ي دفعن لإنجاب الأطفال من دون العودة للعمل إلا بعد تربيتهم، مع آفاق محدودة. وكرد فعل، وبفضل ظهور حبوب منع الحمل، أعطت النسوة في السبعينات والثمانينات الأولوية لحياتهن المهنية، وأكثر من ربعهن لم ينجبن أطفالا.

وقد حاول الجيل الأخير الجمع بين العمل والأسرة، بدفع من التقدم في تقنيات الإنجاب بمساعدة طبية، ولكن من دون تحقيق المساواة في الأجر أو في العلاقة الأسرية بين الزوجين.

وفي أحدث أعمالها المنشورة عام 2021 في الولايات المتحدة بعنوان “المهنة والأسرة: رحلة المرأة على مدى قرن نحو العدالة”، تشرح كلوديا غولدين استمرار هذه الفوارق وكيف أنها تغذي بعضها البعض من خلال “العمل الجشع”، ما يتجلى من خلال تقديم مهن كثيرة إيرادات مالية غير متناسبة تجازي توفر الموظفين وساعات العمل الطويلة والعمل في عطلة نهاية الأسبوع.

ويؤكد البحث أن “المساواة بين الزوجين تكلف مالا، وكلما كان العمل أكثر نهما، كان البحث عن المساواة أكثر تكلفة”.

ولدت كلوديا غولدين في مايو 1946 في منطقة برونكس بنيويورك، وقد طورت شغفها بعلم الآثار في سن مبكرة للغاية، بفضل تمضيتها فترات بعد الظهر بين مومياوات متحف التاريخ الطبيعي للهروب من حرارة الصيف في نيويورك.

ثم بدأ شغف لديها بالعمل المخبري، وقررت كشف أسرار البكتيريا مجهريا . والتحقت لهذه الغاية بجامعة كورنيل لتصبح عالمة أحياء مجهرية. لكن حصة الأستاذ الجامعي ألفريد كان حول التنظيم الصناعي أدخلتها إلى مجال جديد تماما من البحث: فقد اختارت كلوديا غولدين في نهاية المطاف أن تتخصص في العلوم الاقتصادية.

وأظهرت الباحثة الرائدة في دراسة النوع الاجتماعي في العمل، والتي كتبت أيضا مؤلفات عن العبودية والفساد والتعليم، اهتماما في المقام الأول باقتصاد الأسرة.

وقالت في مقال قصير عن سيرتها الذاتية، نشر عام 1998 بعنوان “الخبير الاقتصادي كمحقق”، “لقد أبقاني هذا العمل مشغولة لفترة من الوقت، ولكن بحدود عام 1980 أدركت أن شيئا ما كان مفقودا. كنت أهمل فردا من العائلة سيواجه التغيير الأعمق على المدى الطويل – الزوجة والأم. كنت أهمل الموضوع لأن المصادر فعلت ذلك أيضأ”.

ويبدأ النص بجملة تعر ف فيها غولدين عن نفسها بالقول “أردت دائما أن أصبح محققة، وقد نجحت أخيرا”.

وقالت غولدين لوكالة فرانس برس بعد دقائق قليلة من حصولها على جائزة نوبل “علي فقط أن أجد الحقائق وأفهمها وسأحل المشكلة. هكذا كنت أفكر دائما”.

وتصف هذه المرأة الأنيقة ذات الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين الكبيرتين، بشغف وسرور الساعات التي أمضتها في استكشاف الأرشيف للكشف عن البيانات المتعلقة بالفجوات في الرواتب، والشركات التي استحوذت عليها نساء بعد وفاة أزواجهن، وحتى سياسات الشركات المتعلقة بتوظيف أو عدم توظيف النساء المتزوجات.

هذه المرأة الشغوفة بعلم الطيور والمشي لمسافات طويلة وبالكلاب، متزوجة من الاقتصادي لاري كاتز. وفي عام 2014، أسست برنامجا يهدف إلى تشجيع مزيد من الطالبات الشابات على متابعة الدراسات الاقتصادية.

Top