شهد بيت الصحافة بمدينة طنجة، مؤخرا، اختتام جولة القافلة الوطنية حول الماء، التي نظمها ائتلاف مستثمري جنوب المغرب بشراكة مع أكاديمية هندسة الاستراتيجيات وإدارة الدراسات الاستشرافية. وقد شكل هذا اللقاء التواصلي محطة بارزة لاستعراض النتائج المتميزة التي حققتها هذه المبادرة الحسنة، والتي كانت تهدف إلى التحسيس بأهمية الحفاظ على الموارد المائية باعتبارها أساسا لا غنى عنه لاستمرار الحياة والتنمية المستدامة.
من خلال هذا الحدث، تم التذكير بالأهداف الرئيسية التي قامت عليها القافلة، وعلى رأسها رفع الوعي الوطني بالتحديات المائية التي تواجه المملكة المغربية، مع التركيز على المناطق الأكثر تأثرا بالإجهاد المائي، وتعزيز السلوك المسؤول لدى الأفراد والمؤسسات للحفاظ على الموارد المائية وضمان استدامتها.
كما وضعت القافلة من بين أهدافها تشجيع التعاون والحوار للتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة، بما في ذلك القطاع الخاص، والمؤسسات الحكومية، والمجتمع المدني، وكذا اقتراح حلول مبتكرة ومستدامة لإدارة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وأكد حاتم العناية رئيس ائتلاف مستثمري جنوب المغرب خلال هذا اللقاء، أن القافلة الوطنية حول الماء، حققت أهدافها بامتياز، لتصبح نموذجا يحتذى به في مجال التنمية المستدامة. حيث ساهم العمل الجاد الذي أنجزته القافلة، في ترسيخ ثقافة الالتزام الجماعي بالحفاظ على هذا المورد الحيوي. وبفضل التفاعل الإيجابي الكبير الذي أبداه باحثون وخبراء ومهتمون بمجال الماء، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين ومنتخبين، الذين تصاعدت دعواتهم من اجل استمرار هذا النشاط الوطني التحسيسي، ليبلغ أكبر عدد من المواطنين بكل مكوناتهم.
وأضاف أنه بعد مشاورات مكثفة بين أعضاء اللجنة الوطنية للقافلة والشركاء الذين ساهموا في تأطير وإنجاح هذه المبادرة، تم الاتفاق على العمل معا، واشراك جميع مكونات المجتمع، وخصوصا المهتمين بقطاع الماء والبيئة، لإطلاق جولات جديدة من القافلة الوطنية حول الماء، لتشمل مختلف جهات وعمالات وأقاليم المملكة. وسيتم الإعلان قريبا عن كافة التفاصيل المتعلقة بالمشاركة في هذه المبادرة التنموية التي تحمل بعدا اجتماعيا، واقتصاديا، وبيئيا، لتعزيز الجهود الوطنية في مواجهة تحديات ندرة المياه، وضمان استدامتها للأجيال القادمة.
وقد رفعت القافلة الوطنية حول الماء شعارها البارز والهادف “الحفاظ على الماء مسؤولية وطنية وأمانة في عنق كل المواطنين”، منذ أول يوم لانطلاقتها بمدينة سلا بتاريخ 17 نونبر 2024، ونهاية بآخر محطة لها بمدينة طنجة يوم الخميس 19 دجنبر من نفس السنة. شعار اقتبس من الخطاب الملكي السامي لعيد العرش الذي يخلد للذكرى 25 لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، والذي خصصه جلالته في جزء كبير منه للتطرق لموضوع الحفاظ على الموارد المائية.
هذه التجربة التي انبثقت أولا كفكرة استلهمت من التوجيهات والإشارات الملكية السامية في خطاب العرش الأخير حول اشكالية الماء، سرعان ما تحولت إلى مبادرة مواطنة على أرض الواقع هدفها الرئيسي والبارز هو التوعية والتحسيس بضرورة الحفاظ على الموارد المائية ببلادنا، ودشنت أولى محطاتها بانطلاقة رسمية يوم 17 نونبر 2024 بمدينة سلا، حيث جابت القافلة أهم شوارع المدينة برفع شعارات القافلة وباشرت التواصل مع المواطنين، تحت تغطية إعلامية مميزة للقناة الثانية ومنابر إعلامية أخرى، قبل أن تشد الرحال عبر ربوع المملكة الشريفة بكل من الجهة الشرقية بمدينة جرادة يوم 25 نونبر 2024 ومدينة الفقيه بن صالح يوم 30 نونبر 2024 ومدينة الدار البيضاء بتاريخ 02 دجنبر 2024 وجهة فاس مكناس (جماعة واد إفران) يوم 08 دجنبر 2024، والمحطة الأخيرة بمدينة طنجة بتاريخ 19 دجنبر الجاري.
محطات للقافلة لم تكن لتتحقق على أرض الواقع ويكتب لها النجاح لولا المساهمة الفعلية والدعم المعنوي لمختلف الفاعلين في مجال تدبير الموارد المائية ببلادنا من وزارة التجهيز والنقل، والأحواض المائية، ووكالة التنمية الفلاحية والمؤسسات العمومية بالجهات خاصة المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، والسلطات المحلية، والمنتخبين، والمؤسسات التعليمية، وجمعيات المجتمع المدني، والأكاديميين والباحثين في المجال، ورجال الصحافة والاعلام، الذين أغنوا اللقاءات التواصلية والموائد المستديرة والحملات التحسيسية بمعطيات ومعلومات وأرقام واحصائيات قيمة حول الوضع المائي بكل جهة من جهات بلادنا.
وأشار حاتم العناية أنه في هذا السياق الذي يتسم بتحديات المتزايدة متعلقة بالمياه والتغيرات المناخية التي تواجه بلادنا، يأتي تنظيم ائتلاف مستثمري جنوب المغرب، للمناظرة الوطنية الأولى حول الماء يوم 28 دجنبر 2024 بمدينة الرباط.
وأوضح أن الهدف الذي سطره المنظمون لهذه المناظرة الوطنية يتمثل في تعبئة جل الفاعلين الأساسين في مجال الماء، من خبراء وأكاديميين ومتخصصين، من داخل المغرب وخارجه، ومسؤولين حكوميين وسياسيين بمختلف مكوناتهم، ومهندسين وتقنيين من القطاعين العام والخاص، وفاعلين من المجتمع المدني، وشركات وطنية ودولية تشتغل في مجال الماء، من أجل الارتقاء بهذه المناظرة الى مستوى يعزز الثقة والتعاون بين مختلف مكونات الدولة المغربية.
وأضاف رئيس ائتلاف مستثمري جنوب المغرب تصريحه أن الغاية من فتح نقاش في الموضوع هي الخروج بتوصيات واقتراحات عملية من أجل المساهمة في معالجة إشكالية الماء من كل الجوانب لدورها الأساسي في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، عبر مناقشة مستفيضة للمحاور ذات الصلة وعلى رأسها التدابير والسياسات الوطنية لتحسين تدبير الموارد المائية، دور التكنولوجيا وتحلية المياه في تعزيز الأمن الغذائي، تعزيز الوعي بأهمية الترشيد والابتكار في استغلال الموارد المائية، والتحديات والفرص في تطوير قطاع المياه والطاقة.