أسابيع وتنطلق البطولة الوطنية لكرة القدم، بقسميها الأول والثاني. وقد دخلت أغلب الأندية الوطنية في مراحل إعدادية، سواء داخل المغرب أو خارجه، كل حسب إمكانياته، وقيمة موارده، ودرجة تقييم جهازيه الإداري والتقني.
وتنشط، كالعادة، سوق الانتقالات بما تعرفه من فوضى وسمسرة وغياب الوضوح كما تتميز هذه المرحلة من الموسم أيضا بعقد الجموع العامة، وما تعرفه هي الأخرى من حيثيات وظروف غير مشجعة تماما، لا تبعث نهائيا على الارتياح، ولا تؤكد أن التفكير والهيكلة المؤسساتية يشغلان نهائيا بال أغلب مسيري الأندية الوطنية.
في خضم كل هذه الانشغالات اليومية، يغيب للأسف عن ذهن أغلب المسؤولين أن هناك ظاهرة تظهر وتختفي، بل تحولت إلى آفة خطيرة تهدد كرة القدم الوطنية، ألا وهي ظاهرة الشغب والعنف المرافق للمباريات الرياضية.
صحيح أن مباراتي الوداد والرجاء اللتان أجريتا الأسبوع الماضي برسم عصبة الأبطال والاتحاد الإفريقيين، تميزتا بتعامل راق من طرف جمهور الفريقين، سواء من حيث الجمهور أو السلوك. إلا أن هذه الصورة الجميلة ليست ضمانة كافية تحول دون عودة الظاهرة في أية لحظة، وقد عودتنا التجربة أن عدم اتخاذ إجراءات عملية واستباقية يتولد عنه أحيانا عواقب كارثية.
فموضوع الشغب المرافق للأحداث الرياضية قابل للعودة في أية لحظة، والتعامل مع المسألة كحالة عابرة، هو اعتقاد خاطئ، وبالتالي لابد من التعامل مع الآفة بكثير من الجدية والحزم وعدم التراخي نهائيا، نظرا لطابع الاستعجال الذي تتطلبه الظاهرة، وما تخلفه من خسائر فادحة على جميع المستويات.
وقد سبق ومع كل بداية موسم، أن طرحنا تساؤلات ملحة حول الأسباب التي تحول دون تفعيل كل الإجراءات والقرارات والمقتضيات الخاصة بمحاربة ظاهرة العنف والشغب، والتي تقررت خلال مجموعة من الاجتماعات التي احتضنها مقر وزارة الداخلية بحضور وزراء الداخلية، العدل والحريات، الشباب والرياضة، إضافة إلى مدير الأمن الوطني ورئيس جامعة كرة القدم ورئيس العصبة والاحترافية.
كما أن اللجان المحلية والهيئات المشتركة التي تم تشكيلها، خاصة تلك المتعلقة بالشروط الواجب اتخاذها داخل الملاعب المحتضنة لمباريات البطولة الوطنية لكرة القدم، لا تزال حبرا على ورق.
فبمقر أم الوزارات، أعلن أيضا عن إستراتيجية عمل شمولية وموحدة لاحتواء الظاهرة، تنخرط فيها كافة القطاعات المعنية، حيث كونت لجان محلية مهمتها الإشراف على كل الترتيبات المتعلقة بالمباريات الرياضية مع ضرورة حضور ممثلي النيابة العامة خلال الاجتماعات التحضيرية للمباريات، وكذا أثناء التظاهرات الرياضية.
لكن، لا شيء من ذلك تحقق، وكالعادة ينتظر المسؤولون اندلاع الأحداث، للاهتمام مرة أخرى بالآفة، دون الحرص على تطبيق كل القرارات والإجراءات التي يتم الاتفاق عليها، ليتأكد بالملموس أن ما يتم تداوله هو مجرد استهلاك ظرفي وإعلامي موجه للعموم، وليس لمعالجة المشكل من الأساس.
محمد الروحلي