لنتفادى فقدان الثقة…

تشهد انتخابات رؤساء ومكاتب مجالس الجماعات والجهات العديد من الغرائب هذه الأيام بمختلف مناطق البلاد، وتتناقل البلاد قصصا وحكايات بهذا الشأن…
لقد أوردت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة بئيسة وتصريحات وممارسات، خصوصا من الرباط وفاس ومكناس، كما تداولت مجالس الحديث قصصا من طنجة وباقي جهات الشمال، وأيضا من عديد أقاليم أخرى، وآخر هذه القصص ما حدث أمس على هامش انتخاب رئاسة مجلس جهة كلميم واد نون…
وكل هذه الممارسات، التي فضحت حالات اختطاف مورست في حق»الناخبين الكبار»، وسلوكات ابتزاز وترهيب وإرشاء، كشفت حقيقة الواقع الماثل أمامنا جميعا.
من المؤكد أن هذه الممارسات كانت حاضرة خلال انتخابات سابقة أيضا، ويدرك الجميع»تقنياتها» وأشكالها، ولكن هذه المرة تجلت بفضائحية أكبر،  وعرف سوقها سخونة مختلفة، وجرى استعمال قاموس لغة أكثر بؤسا وبلطجة، ورفعت مواقع التواصل الاجتماعي من منسوب تداول كل ذلك وسط الناس…، وكل هذا من شأنه تكريس قناعة وسط شعبنا وشبابنا بأن ما يجري حوالينا هو الغاية الحقيقية من كل الانتخابات، وأن البروفايل المناسب للمنتخب هو هذا النموذج المنتشر كثيرا هذه الأيام في سوق تشكيل الأغلبيات واختيار رؤساء الجماعات والجهات، ومن ثم تفاقم انعدام الثقة في المؤسسات، وفِي الديمقراطية التمثيلية.
إن ما يجري هذه الأيام في المناطق بمناسبة تشكيل أغلبيات مجالس الجماعات والجهات، وأيضا مجالس العمالات والأقاليم، ولاحقا انتخاب مجلس المستشارين، يجعل العملية السياسية، وربما حتى التحالفات الحزبية، محكومة بمصالح أباطرة محليين  يصرون على مصالحهم الريعية والأنانية، وتخضع كذلك للأموال والرشاوى المنتشرة حوالي المفاوضات، وفِي كواليس الضغوط المتبادلة بين الأطراف.
هذا المآل الباعث على الخوف قد يكون نتاج نوعية عدد من»المنتخبين»، وقد يكون حدث نتيجة عدد من الممارسات التي شهدها اقتراع ثامن شتنبر، ولكن أكثر ما يبعث على الخوف اليوم، هو أن تستطيع هذه الممارسات الفاضحة تكبيل كامل الدينامية التدبيرية والسياسية للمرحلة القادمة، سواء في الأقاليم أو الجهات أو حتى على الصعيد الوطني، وأن تعيش برامج التنمية والإصلاح رهينة في أيدي أباطرة الريع والفساد في المناطق، وأن تتفاقم، جراء ذلك، الخيبة وسط شبابنا، ويستمر فقدان الثقة.
هذا هو الخطر المركزي أيها السادة، يعني أن يفقد شعبنا الثقة أكثر في المؤسسات والانتخابات، وفِي السياسة، وأن تتحول السياسة لديه إلى سلوك مقترن بالريع والاختلاس والابتزاز والبلطجة والبؤس والتفاهة…
المطلوب اليوم إنقاذ… الثقة.
لننتبه…

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top