انعدام الثقة بين النادي واللاعب…

أحدث نظام العقود، رجة كبيرة في العلاقة بين اللاعبين والأندية، وغير جملة وتفصيلا واقعا عاشت عليه كرة القدم طيلة عقود.

تغير بصفة جذرية شكل الارتباط بين اللاعب والنادي، نظرا للتغييرات الجذرية التي جاءت بها هذه العقود، والمستجدات التي حددت أساس العلاقة، وفق مبدأ الحقوق والواجبات، وحماية الطرفين معا.

فالعقد الذي يربط اللاعب بالنادي، المشارك بالبطولة المغربية الاحترافية، هو عبارة عن عقد عمل، يراعي خصوصيات الجانب الرياضي، نظرا لاختلافه عن باقي المهن، كما يتضمن بنودا وشروطا تلزم الطرفين، وتجعلهما على قدم المساواة.

هذا المستجد الذي فرضته شروط الاتحاد الدولي لكرة القدم، برفض استمرار صفة اللاعب الهاوي، أخرج حقيقة اللاعب من وصاية مطلقة للنادي، وصاية كانت بمثابة ملكية خاصة، تصل إلى حدود العبودية، وهذا المستجد المطبق منذ أكثر من عقد، جاء في مصلحة اللاعب بالدرجة الأولى.

إلا أن قانون العقود حمل معه، مجموعة من الصعوبات والمشاكل، وحتى وأن كانت تبدو ظاهريا طبيعية، لكون المستجد أحدث، خللا  عميقا في العلاقة بين الطرفين، إلا انه أظهر بالمقابل، إلى أي حد أن اللاعب، هو كائن “انتهازي” بطبيعته، وعقليته وتركيبته، وسلوكه وتفكيره.

فعوض أن يتم استغلال إيجابية العقود للرفع من المستوى، والحرص على الاجتهاد أكثر للتطور، واحترام ليس فقط شروط العقد من الناحية القانونية، بل احترام صفة الإنسان الرياضي عامة، وما تفرضه من تضحية، بالابتعاد عن سلوكات تتنافى مع الصورة، المفروض أن يقدمها أمام الرأي العام، فإن اللاعب المغربي عموما، وانطلاقا من عقلية غارقة في التخلف، يقدم سلوكا مخالفا لما هو منتظر من تطبيق هذا العقد.

فبالنسبة للاعب المغربي بصفة عامة، فإن العقد مجرد حماية، أولا من تسلط المسير، والزيادة في القيمة المالية، دون أن يواكب ذلك تحسن من حيث المردودية التقنية، أو  نضج في السلوك، بل تحول هذا اللاعب إلى مجرد شخص، يبحث عن الاستفادة المالية السريعة، واستغلال القانون الجديد، كحق دون احترام  الشق الثاني في العملية، ألا وهو الشق الآخر المتعلق بالواجبات.

فاللاعب همه الوحيد توقيع العقد، ووضع نسخة منه بإدارة الجامعة، ضامنا بذلك كامل حقوقه، أما ما يحدث بعد ذلك، بالنسبة له مجرد تفاصيل لا تهمه نهائيا، وكثيرا من لاعبين تحولوا إلى عاطلين عن العمل، لكن العقد يبقى ساري المفعول، والحقوق المالية مضمونة، بقوة العقد الموقع مع النادي، والموضوع بإدارة الجهاز المسؤول عن تطبيقه.

صحيح أن هناك استثناءات بالنسبة للاعبين بصفة عامة، وأن هناك ضحايا كثر لهذا القانون، خصوصا بالنسبة للاعب الذي لا يحسن قراءة العقود، وكثيرا ما ذهب العديد من اللاعبين ضحايا تحايل مكشوف، من جراء جشع وتحايل بعض المسيرين، وحتى عينة من المدربين والوكلاء، في ظل ما أصبح يسمى ببند المردودية الذي نزل على اللاعبين كالصاعقة.

فقانون اللاعب المحترف الذي ألغى الرخصة الاعتيادية المعمول بها منذ فجر الاستقبال، لم تواكبه حملة توعوية داخل أوساط اللاعبين، كما أن الأندية لم تساهم من جانبها في تعريف المعني بالأمر، بكامل حقوقه، وما يوازي ذلك من واجبات، بل تحولت العلاقة إلى ما يشبه علاقة القط والفأر، مع انعدام الثقة بين الطرفين، وكل طرف يسعى لاستغلال القانون لصالحه.

محمد الروحلي

Related posts

Top