مع مصر ضد القتلة

مصر يلفها الحزن والدموع و…الغضب.
مصر تلبس السواد وتعلن الحداد و…الغضب.
أول أمس الأحد استهدف تفجيران انتحاريان كنيسة “مار جرجس” بمدينة طنطا، والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، حيث كان يتواجد البابا تواضروس الثاني، وخلف الهجومان الإرهابيان أزيد من أربعين قتيلا، وما يفوق مائة وخمسة وعشرين جريحا…
كل ذي شعور إنساني لا يمكن إلا أن يدين هذا الإجرام الهمجي، وأن يندد بمن اقترفه، ويقف في صف الشعب المصري، وإلى جانب مصر المستهدفة في وحدتها واستقرارها وأمنها وتماسك مجتمعها.
الهمجية الإرهابية لم تتردد في استهداف أماكن عبادة، وقامت بتفجير كنيستين، وقتل مؤمنين أبرياء كانوا في لحظة عبادة وصفاء روحي، وبعد ذلك خرجت لتعلن عن نفسها جهارا في تحد صارخ وفظيع لكل القيم والمشاعر الإنسانية، ولتعاليم وروح كل الديانات.
إن التضامن مع مصر اليوم والوقوف إلى جانب شعبها ليس فقط تعبيرا عن حس إنساني وديموقراطي ضد الإرهاب، ولكن هو الانخراط المبدئي والواعي في المعركة من أجل الحياة والأمن والاستقرار، والانتصار لمشروع مجتمعي ديموقراطي منفتح هو النقيض لفكر عصابات القتلة الإرهابيين ومخططاتهم التدميرية للدول والمجتمعات.
ما تعرضت له مصر يعنينا إذن كلنا، وضرب مصر وموقعها الكبير في المنطقة العربية يعنينا كلنا أيضا، وترويع شعوب كامل هذه المنطقة بدوره يعنينا، ومن ثم نرفض مشاريع العصابات الإرهابية المجرمة ومخططاتها الظلامية، ونقف في صف المواجهة لها، وذلك دفاعا عن قيم الأمن والسلم والاستقرار، وعن حق الشعوب في الحياة، وأيضا انتصارا للأفق الديموقراطي، وللحرية والمساواة والانفتاح وحقوق الإنسان والتعددية والتقدم.
المعركة تنتظم ضمن هذا المستوى، أي أنها استراتيجية، وهي تعنينا نحن بدورنا كبلد ومجتمع وقوى ديموقراطية، والجريمة الإرهابية التي ضربت مصر، وسبق أن استهدفت دولا عربية أخرى من قبل، وأيضا بلدانا أوروبية وغيرها، هي تبعث رسائل وتكرس اتساعا وامتدادات في الجغرافيا المستهدفة، ولذلك يجب أن نلتقط نحن أيضا إشارات الرسائل ومضامينها، وأن نبني عليها يقظتنا المجتمعية وانخراطنا الجماعي في المعركة ضد القتلة المجرمين.
مصر يراد لها اليوم من لدن القتلة أن تنسلخ من طبيعتها وتاريخها، وأن ينفض من حولها أقباطها، وأن تتكرس فتنة الداخل وتدوم الفوضى…
مصر يراد لها أن تبقى بلا أي حضور في المنطقة، وأن تستقيل من كل أدوارها الإقليمية والدولية…
مصر يراد لها أن تتنكر لتاريخها الكبير والعريق، وأن ترمي بتعدديتها وبوحدة شعبها وبثراء حضارتها، وأن تكون غير نفسها، وأن تغرق في دوامة أزماتها الداخلية العديدة، وفِي جراحها ودموعها…
من يعرف شعب مصر وتاريخ مصر ونفسية المصريين وإرادتهم لن يصدق أن الإرهابيين سينتصرون، وسيهزمون مصر.
الشعب المصري، من المؤكد، سيعرف كيف يربح المعركة، وسيجد الطريق لكي تستعيد بلاده وحدتها وأمنها واستقرارها، وأيضا حتى تعود الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية إلى ديناميتها، وأن تعود مصر لدورها.
الْخِزْي للقتلة ولعصابات الإرهاب وخفافيش الظلام، وكل التأييد والمحبة لشعب مصر بمختلف طوائفه وفئاته، واليقين في انتصار الشعب على القتلة والمجرمين، وفِي المعركة دفاعا عن بهاء مصر وحضارتها.

محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم , , ,

Related posts

Top