دعا محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى جعل سنة 2019 سنة النفس الديمقراطي الجديد، وسنة الإصلاحات والأوراش الكبرى، وطي صفحة 2018 التي وصفها بسنة الحيرة والقلق، وسنة التساؤلات الكبرى، وسنة التعبير عن الغضب مجاليا، ومهنيا، وبأشكال مختلفة.
وقال بنعبد الله، خلال افتتاحه لفعاليات الدورة الثامنة للمجلس المركزي لمنظمة الشبيبة الاشتراكية، التي حملت اسم الراحل شمعون ليفي، يوم الجمعة الماضي، بمدينة سلا “نريد أن نجعل من سنة 2019 سنة الإصلاح وسنة الأوراش الكبرى، وسنة ضخ الثقة لدى مختلف الأوساط، وإذكاء الحامية في النفوس، سنة تعيدنا إلى ما عرفناه في بداية العهد الجديد”.
كما دعا زعيم التقدميين المغاربة إلى جعل السنة الجديدة سنة تعميق الفضاء الديمقراطي، والارتكاز على القوة السياسية الحقيقية الجادة التي يمكن أن تكون صلة وصل بين الدولة والمجتمع من أجل توسيع فضاء الحريات، وأن تضطلع مختلف المؤسسات بوظائفها، معربا عن رغبته، أيضا، في أن تكون السنة الجديدة، سنة ضخ إمكانيات جديدة في الاقتصاد الوطني، وإعادة الثقة في إمكانية هذا البلد، من خلال إحداث مشاريع جديدة من شأنها أن تحرك الاقتصاد الوطني وأن تساهم في خلق فرص شغل جديدة للتغلب على آفة البطالة التي تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 في المائة، مشيرا إلى أن ضخ هذا النفس الديمقراطي الجديد، من شأنه أن يوفر الإمكانيات، ويخلق الثروات لتوزيعها بشكل عادل على فئات واسعة تنتظر أن تنعم بثمار الإنتاج الوطني.
وجدد نبيل بنعبد الله، أمام شبيبة حزبه، إدانته للفعل الإجرامي والإرهابي الذي راحت ضحيته السائحتان الاسكندنافيتان في ضواحي مراكش، وقال “إن مرتكبي هذه الجريمة الوحشية والبشعة هم إرهابيون لا يمتون بصلة إلينا وإلى هذا الوطن”، معبرا في الوقت ذاته، عن أمله في أن يتم الالتفات بعناية فائقة إلى فضاءات الشباب في المدارس والجامعات، من أجل استرجاع الثقة وحب الوطن، والابتعاد عن المآسي التي عرفتها الساحة السياسية خلال السنة الماضية.
وقال الأمين العام في هذا الصدد “إن من يريد إصلاح الوطن عليه أن يحبه” لأن بداية الإصلاح، في نظره، تمر عبر حب الوطن بما له وما عليه، بإمكاناته وبمشاكله، مشيرا إلى أن مضامين الخطابات الملكية الأخيرة تبعث على التفاؤل، لأنها خطب تسير كلها في اتجاه رد الاعتبار للعمل السياسي والأحزاب السياسية.
واعتبر نبيل بنعبد الله أن الفرصة مواتية، لجعل هذا النفس الديمقراطي الجديد، مناسبة لإعطاء دفعة جديدة للعشرين سنة المقبلة، اعتمادا على كل من يريد الخير لهذا الوطن، ليكون الجميع في مستوى دستور 2011 الذي هو إنتاج وطني اشترك في بلورته الجميع، ويعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام، مشيرا إلى أن النموذج التنموي الجديد والذي دعا إلى بلورته جلالة الملك محمد السادس، لن يكون إلا منبثقا من هذا الدستور المتقدم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والحضاري واللغوي والبيئي وعلى مستوى كل المجالات، مبرزا، في السياق ذاته، أن حزب التقدم والاشتراكية بصدد وضع اللمسات الأخيرة لصياغة مقترح المشروع التنموي الجديد كما يراه حزب الكتاب.
وبحسب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فإن إعطاء نفس ديمقراطي جديد، سيقضي على ملامح الحيرة والقلق الذي ساد سنة 2018، وأنه إذا توفرت كل تلك الشروط، سيكون مناضلو ومناضلات حزب التقدم والاشتراكية مساءلين أيضا، من أجل القيام بالأدوار المنوطة بهم، وحمل خطاب التفاؤل والثقة في هذا الوطن، مؤكدا على أن حزبه ليس حزبا عدميا يهوى جلد الذات أو يستصغر إمكانيات الشعب المغربي الذي هو جزء منه، بل حزب يريد لهذا الشعب أن يتقدم وأن يعيش في حرية وكرامة.
من جانبه، استعرض جمال كريمي بنشقرون الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاشتراكية، خلال الدورة الثامنة للمجلس المركزي والتي ترأسها عضو المكتب الوطني عبد الرحيم بنعلي، مختلف المحطات النضالية للمنظمة ما بين الدورتين، مبرزا مختلف مواقف الشبيبة الاشتراكية اتجاه القضايا الكبرى التي تعتمر الحقل الشبابي المغربي كالصحة والتعليم والتشغيل، بالإضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي طبعت سنة 2018، داعيا بدوره إلى جعلها سنة للنسيان.
وأوضح الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية، في هذا الصدد، أن انسداد الأفق وانعدام الثقة في المؤسسات، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية، كلها عوامل أدت إلى خروج الشباب المغربي للاحتجاج والتعبير عن غضبه سواء في جرادة، أو الحسيمة، أو زاكورة، أو غيرها من المدن المغربية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن الشباب المغربي قادر على رفع التحدي إذا ما توفرت له الإمكانيات ووجد الفضاء المناسب للعمل والمبادرة.
وأضاف بنشقرون أن منظمة الشبيبة الاشتراكية، التي تحمل في جيناتها الدفاع عن قضايا الشباب المغربي وتترافع من أجلها، تجدد التأكيد على ضرورة تمكين الشباب المغربي، وتصحيح كل الاختلالات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين والصحة والتشغيل، وكل المجالات ذات الصلة بقضايا الشباب المغربي.
وبعد أن جدد إدانة الشبيبة الاشتراكية للعملية الإرهابية التي هزت الشعب المغربي وراح ضحيتها السائحتان الأجنبيتان في ضواحي مدينة مراكش، استعرض جمال كريمي بنشقرون أهم المحطات والأنشطة التي عاشتها المنظمة على المستوى الداخلي والخارجي خلال المرحلة الأخيرة، خاصة تلك المرتبطة بحضورها المتميز في المحافل الدولية وفي الحركة المهرجانية الشبابية العالمية.
وبما أن الدورة الثامنة للمجلس المركزي، التي احتضنتها المدرسة الفندقية بسلا أيام 4 و5 و6 يناير الجاري، تم خلالها إعطاء الانطلاقة الرسمية للتحضير للمؤتمر الوطني الثامن للشبيبة الاشتراكية، والذي سينعقد خلال الصيف المقبل، فقد انكب أعضاء المجلس المركزي، خلال أشغال اللجان وعلى مدى يوم بكامله، على وضع الملامح الكبرى للتصور العام الذي سيكون عليه المؤتمر الوطني المقبل، سواء تعلق الأمر بالوثيقة السياسية التي تحدد موقع الشبيبة الاشتراكية ضمن الحقل الشبابي المغربي وتؤطر عملها فكريا وفلسفيا وسياسيا، أو تعلق الأمر بالملف المطلبي للشباب المغربي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى المستويات التحضيرية التنظيمية واللوجيستيكية والتواصلية.
كما تخلل الدورة، جلسة خاصة عن سيرة المناضل الراحل شمعون ليفي والتي أطرها عضو المكتب الوطني عادل الجوهري والتي استعرض خلالها أبرز المحطات التاريخية التي طبعت مسار المناضل شمعون ليفي أحد قادة حزب التقدم والاشتراكية وأحد رواد النضال اليساري والتقدمي ببلادنا، معرجا على مختلف المواقف السياسية للراحل، سواء تعلق الأمر بالقضية الوطنية أو بقضايا الأمن والسلام العالميين وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني.
وفي ختام أشغال هذه الدورة، صادق المجلس المركزي على رؤساء ومقرري اللجان التحضيرية للمؤتمر الوطني الثامن، وعلى اللجنة التحضيرية الوطنية برئاسة عضو المجلس المركزي جلال المعطى ونائبه عبد العالي البوجيدي وعلى مقرر اللجنة أوسيموح الصادقي ونائبته هند بنعطية.
كما صادق على باقي اللجان التحضيرية الأخرى وتركيباتها، كلجنة القوانين والمقرر التنظيمي للمؤتمر برئاسة عضو المكتب الوطني عادل الجوهري، ولجنة الوثيقة السياسية والملف المطلبي برئاسة عضو المكتب الوطني رشيد بوخنفر، ولجنة الإعلام والتواصل برئاسة عضو المكتب الوطني إسماعيل الحمراوي، ثم لجنة المالية واللوجيستيك برئاسة علية الزياني عضوة المكتب الوطني.
وخلال الجلسة الختامية التي التأمت في وقت متأخر من ليلة السبت المنصرم، تحت إشراف عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية مصطفى عديشان تمت المصادق على البيان الختامي للدورة والذي تضمن مواقف المنظمة من مختلف القضايا التي تعتمر الفضاء الشبابي المغربي.
كما استحضر أعضاء المجلس المركزي في البيان العام، مختلف المراحل التحضيرية للمؤتمر الوطني والتي تنطلق ابتداء من شهر يناير الجاري، موجها نداءه إلى كافة مناضلات ومناضلي الشبيبة الاشتراكية محليا، وإقليميا وجهويا، ووطنيا من أجل التعبئة الشاملة في كسب رهان نجاح المؤتمر كمحطة أساسية في مسار الشبيبة الاشتراكية.
ودعا بيان دورة شمعون ليفي إلى جعل سنة 2019 سنة التفاؤل والأمل ونسيان ما عرفته سنة 2018 من نكوص وتراجع على مستوى الحقوق والحريات والكرامة مقارنة مع تطلعات دستور 2011، مشيرا إلى أن تلك التراجعات هي نتاج لعدم التفاعل والتجاوب الفعلي مع المطالب المشروعة لصوت الجماهير الشبابية جراء ما عرفته الساحة الوطنية من حركات احتجاجية في مجموعة من مناطق بلادنا، كما دعا إلى نهج سياسة الحوار والإنصات، وابتكار أساليب التفاؤل والانفراج وصيانة الحريات وتثبيت المكاسب الديمقراطية، عوض سياسة قمع تلك الحركات الاحتجاجية واعتقال الشباب.
وأكدت الشبيبة الاشتراكية في بيان مجلسها المركزي، على انخراطها بكل قوة في الحركات الشبابية العالمية التي تناضل من أجل عولمة بديلة ومنصفة، بدء بتجديد التنديد بالهجمات المتكررة للكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، مدافعين عن حق الشعب الفلسطيني في تكوين دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
كما تميزت الجلسة الختامية بكلمة عضو المكتب السياسي مصطفى عديشان الذي أكد على الأدوار التي تضطلع بها الشبيبة الاشتراكية طيلة مسارها النضالي في نصرة قضايا الشباب المغربي، وكونها شكلت على الدوام مشتلا للأطر والمناضلين في حزب التقدم والاشتراكية، مشيرا إلى أن ما ينتظر الشبيبة الاشتراكية، خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التطورات التي يعرفها الحقل الشبابي، تحديات كبرى يتعين، بحسبه التعامل معها وفهمها من أجل تملك القدرة على تأطير الشباب والتجاوب مع مطالبهم المتجددة باستمرار.
يشار إلى أن أشغال الجلسة الافتتاحية تميزت بالحضور الوازن لأعضاء الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية. فإلى جانب الأمين العام، حضر كل من خالد الناصري وأنس الدكالي وغزلان المعموري وكريم التاج وسعيد الفكاك ومصطفى عديشان وعز الدين العمارتي، بالإضافة إلى أعضاء الكتابة الإقليمية للحزب بسلا.
> محمد حجيوي
تصوير: رضوان موسى