الوزير الأول يقدم تصريحا أمام البرلمان شهر ماي المقبل:مكاشفة صريحة بين مكونات الأغلبية للرقي بالأداء الحكومي والبرلماني في أفق انتخابات 2012

الفاسيأعلن أول أمس الاثنين أن الوزير الأول، عباس الفاسي، سيقدم تصريحا حكوميا أمام البرلمان شهر ماي المقبل، لتقديم حصيلة منجزات  الحكومة التي يقودها، تنفيذا لوعد التزم به، في الوقت الذي أعلن زعماء أحزاب الأغلبية عن مواقفهم، سواء من الأداء الحكومي أو البرلماني أو على مستوى القضايا الحيوية التي تعيشها البلاد.

واعتبر وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، في ندوة صحفية مشتركة مع الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، ادريس لشكر، عقدت على هامش اللقاء التنسيقي لأحزاب الأغلبية مساء الاثنين بالرباط، أنه لا يجب النفخ في هذا الحدث ولا تبخيسه، باعتباره يدخل في صميم العملية الديمقراطية. مشيرا إلى أن اللقاء يأتي في إطار حاجة الأحزاب المكونة للأغلبية للاستماع إلى بعضها البعض، في عملية مكاشفة صريحة تقوم على الاحترام المتبادل، بهدف ملامسة مكامن الخلل في التجربة الحالية، والعمل على الرقي بالعمل المؤسساتي. العلوي
وأعلن خالد الناصري أن التصريح الحكومي الذي سيقدمه الوزير الأول أمام البرلمان يأتي انطلاقا من وعد قطعه على نفسه، وليس نتيجة ضغط من أي جهة كانت.   
وفي بداية اللقاء التنسيقي للأغلبية، الذي عقد تحت شعار “معا لتعميق المسار الإصلاحي”، قدم الوزير الأول الإطار العام الذي يندرج فيه الاجتماع بين مكونات الأغلبية، مؤكدا أنه يأتي قبيل موعد التصريح الذي يعتزم تقديمه أمام البرلمان، تقديرا منه للمؤسسة التشريعية، ومساهمة في ترسيخ هذا التقليد الديمقراطي.  
وأكد عباس الفاسي على الحرص على أن يشمل البرنامج الحكومي أهم مضامين البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، من أجل إعطاء الالتزام السياسي والحزبي دلالته الحقيقية، وعمقه الديمقراطي من خلال الوفاء بالالتزامات تجاه المواطنين.
ودعا رئيس الأغلبية الحكومية مكوناتها أن تكون في مستوى اللحظة السياسية والتحول الديمقراطي الذي تعيشه البلاد، وذلك بتعبئة جهود كل المؤسسات الدستورية والسياسية، للاستجابة للرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة، واعتماد حكامة جديدة لعلاقات الحكومة بالبرلمان، تنبني على التواصل المستمر والتنسيق المحكم، والنجاعة في التدخلات، والتكاملية في الوظائف وذلك في إطار التعاون والاحترام المتبادل بين المؤسستين الدستوريتين.  
ووجه رسالة إلى برلمانيي أحزاب الأغلبية للرفع من مستوى النقاشات السياسية، والتمسك بأخلاقيات العمل البرلماني الرصين حتى تكون مساهمة الفرق البرلمانية مساهمة واعية ومسؤولة غايتها تغليب المصلحة العليا لبلادنا على أي اعتبار آخر. مبرزا  أن الاجتماع مدعو إلى دراسة سبل تفعيل وتقوية ميكانزمات التواصل بين فرق الأغلبية والحكومة من جهة، ومن جهة ثانية القيام بوقفة استشرافية جماعية لآفاق العمل الحكومي، ومناقشة مساره، وإبداء الرأي في القضايا والمشاريع الكبرى التي تبني مستقبل المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ فضلا على إيجاد السبل الكفيلة بتحسين آليات التنسيق فيما بين فرق الأغلبية على صعيد مجلسي النواب والمستشارين، وكذلك على صعيد عمل اللجان البرلمانية.
واعتبر الوزير الأول أن الاجتماع في حد ذاته يعتبر بداية للتهيؤ للانتخابات التشريعية المقبلة، يتوخى مباشرة العديد من الإصلاحات التي بينت الممارسة أهميتها وضرورتها، والمتعلقة أساسا بمراجعة القانون الانتخابي، والتقسيم الانتخابي، وقانون الأحزاب، ومعالجة ظاهرة الترحال السياسي ومحاربة استعمال المال لشراء الذمم في الانتخابات، بهدف تخليق المشهد الانتخابي وإقرار الحكامة السياسية وتحصين المكتسبات، وإعادة الاعتبار للشأن السياسي حتى يكون المغرب هو الفائز السياسي الأول في استحقاقات 2012.  
وعبر كل قادة الأحزاب السياسية المشاركة في الأغلبية الحكومية عن مواقفهم، في جلسة اعتبرها الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، جلسة سياسية بامتياز، حيث اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، اسماعيل العلوي، الاجتماع “لحظة مكاشفة صريحة” ومناسبة ليتحمل الكل مسؤولياته للرد على منتقدي عمل الحكومة، خصوصا من أسماهم “المعارضة الغريبة” التي يدعي أصحابها “أنهم سيرفعون من زخم الانتقادات”.   
واعتبر اسماعيل العلوي أن الحكومة حققت العديد من الإنجازات، التي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد. غير أن هذه الإنجازات، على أهميتها وحجمها لا ترقى إلى طموحات الجماهير.  فالاقتصاد المغربي، في نظره، مازال يعاني من التبعية للبلدان المستوردة،  كما أن تركيبته مازالت غير متوازنة وتتأثر كثيرا بالأوضاع المناخية. أما على المستوى الاجتماعي فيطغى عليه قلة العناية بالسوق الداخلية وبالاستهلاك الوطني، وهذا يتجلى في قلة الاهتمام بعالم الأرياف وسكانه وبالخصوص منهم سكان المناطق الجبلية.
وقال الأمين العام للتقدم والاشتراكية إن الخطأ غير المسموح به يتمثل في الخجل بالتعريف بالإنجازات المحققة والتي تبقى نسبيا مغمورة.
وشدد اسماعيل العلوي على أن ثلثي الاستثمارات الاقتصادية تقدم عليها مؤسسات عمومية، إلا أنها لا تخضع لمراقبة البرلمان باعتباره الجهاز المكلف قبل غيره، بالمراقبة والمؤتمن على المال العمومي.
ولاحظ اسماعيل العلوي وجود انطباع لدى المتتبعين بعدم التنسيق بين القطاعات، يتجلى في أن كل قطاع حكومي يحرص على إصدار ميثاق خاص يكون أحيانا تكرارا لما هو موجود، وهو ما يخلق لبسا بأن العمل يتسم بقلة التشاور المتبادل بين المرافق الحكومية.
ودعا الحكومة إلى الرفع من وثيرة الإصلاحات، وتفعيل البرنامج المتفق عليه، ولاسيما جانبه الاجتماعي. وفي نفس السياق دعا برلمانيي أحزاب الأغلبية أن يزيدوا من وعيهم بمسؤوليتهم، خصوصا في هذه الفترة التي تتميز بنوع من “الغوغائية” المفتعلة وبعمل ممنهج يرمي، عن وعي أو دون وعي، إلى تبخيس العمل السياسي. ومن أجل مساعدة البرلمانيين للقيام بعملهم على الوجه الأكمل، يقول اسماعيل العلوي، لتدعيم الأغلبية وتماسكها، أصبح من الضروري إنشاء مؤسسة لدى البرلمان تقوم بتحضير الملفات وتستجيب إلى طلبات البرلمانيين عندما يرغبون في الحصول على استفسارات في أي مجال، أكان اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو سياسيا.   
وأعلن عبد الواحد الراضي الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورئيس مجلس النواب عن مساندة حزبه للحكومة التي يشارك فيها، معتبرا أن انتظارات المواطنين من الحكومة والبرلمان هو الاهتمام أكثر بقضاياهم الاجتماعية والاقتصادية.
ودعا الراضي إلى القيام بإصلاحات سياسية تهم على الخصوص، إصلاح القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب وتخليق الحياة السياسية ومحاربة استعمال المال في الانتخابات, مشددا على ضرورة جعل البرلمان مؤسسة للحوار والنقاش الجاد والمسؤول، وفضاء لإيجاد الحلول والنظر في الاشكاليات والقضايا المطروحة على البلاد وكذا إطارا للتقدم والإصلاح، على اعتبار أنه يضم كل التوجهات والحساسيات السياسية، داعيا البرلمانيين إلى الحضور بكثافة خلال الجلسات العامة وأشغال اللجان.
واعتبر صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار أن دور الأغلبية يتعين أن يتعدى مجرد الدعم المباشر للحكومة عبر آلية التصويت، إلى مستوى ترجمة المشروع المشترك على مستوى الحراك العام في البرلمان كما في الارتباط المباشر مع الناخبين والمواطنين، متسائلا “عن مصير الالتزامات البرنامجية التي لا زالت تتنظرنا سواء منها الأوراش المفتوحة وغير المكتملة أو تحديات الإصلاحات التي لم تتم مباشرتها بعد.
وانتقد الأغلبية التي “لم تبتدع الأدوات اللازمة للتواصل في ما بين مكوناتها، ما يجعل التواصل مسألة أفراد وعلاقات خاصة، أكثر منها مسألة مأسسة، وما تحتاجه من هياكل ومن تنظيم وظيفي داخلي”.   
ودعا الأمين العام للحركة الشعبية، محند العنصر، إلى تنسيق العمل البرلماني والحكومي ليس فقط عبر الدور الرقابي والتصويت على مشاريع ومقترحات القوانين، ولكن من خلال توفير الحكومة للمعلومات والمعطيات الضرورية بشكل مسبق. ولاحظ أن هناك “ما يوحي بأن الحكومة والوزراء لا يحملون مشروعا شاملا للحكومة بل مشاريع قطاعية، وهو الأمر الذي يعطي انطباعا للرأي العام بعدم تماسك الحكومة”.

 

Top