جاءت كلمة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، التي ألقاها بمجلس المستشارين عصر يوم الاثنين الماضي، صادمة بالنسبة للرياضيين وبصفة أوساط كرة القدم، في وقت كان كل المتدخلين والمهتمين بالقطاع، ينتظرون بشغف كبير، تأكيد التفاؤل الذي منحه دليل صادر عن وزارة الشباب والرياضة، نهاية الأسبوع الماضي.
قال العثماني بالحرف: “لا يمكن أن نستأنف أي نشاط في غياب دليل عملي خاص به”، ولم نعرف صراحة ماذا يعني ب”دليل عملي”، مع أن دليل الوزارة الوصية على القطاع، دقق إلى حد كبير في العديد من التفاصيل الخاصة بالبرتوكول الصحي، الذي وضعته مصالح وزارة الصحة، والتدابير الاحترازية التي تشدد عليها السلطات العمومية، وكأن ما صدر عن وزارة عثمان فردوس، لا صلاحية له بالمرة، ولا مرجعية له.
والغريب حقا، ان وزارة الشباب والرياضة تنتمي لنفس الحكومة التي يترأسها العثماني، فكيف يصدر هذا الجهاز الوزاري دليلا ملزما لقطاعين مهمين هما الشباب والرياضة، دون أن يكون رئيس الحكومة على علم بذلك، ألم يكن هناك تنسيق مسبق؟ الم يناقش بمجلس الحكومة؟ خاصة وأن الدليل ذهب بعيدا في الإعداد العملي لمرحلة استئناف الأنشطة والمسابقات.
والأكثر من ذلك فهذا الدليل، حدد المراحل الثلاث التي تسمح بالتدرج والانتقال من فترة لأخرى، والتواريخ المقترحة تنطلق من 20 يونيو الجاري، والثانية تبدأ مع الفاتح من يوليوز القادم، والثالثة والأخيرة 15 من نفس الشهر، أي هناك أجندة، ومحطات واضحة ومدققة.
المؤكد أن وزارة الشباب والرياضة اعتمدت في إعداد دليلها على مرجع قانوني مستمد من منشور سابق صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، مؤرخ بتاريخ 22 ماي 2020 ، ومتعلق بإجراءات وتدابير العمل بالمرافق العمومية والخاصة، وعلى أساسه تم استئناف العمل بالعديد من الإدارات والمؤسسات والمعامل والمصانع، فهل رئيس الحكومة لا علم له بذلك؟ أم أن هناك تعاملا مختلفا بين قطاعين ينتميان لنفس الحكومة؟
وهنا يطرح مرة أخرى غياب الانسجام عن هذه الحكومة الموقرة، التي يترأسها السيد العثماني، وستظهر نتائج ذلك بالعديد من القطاعات الحيوية، حيث يسود ارتباك وتناقض وتضارب، مما يؤثر مباشرة على المواطن الحائر، أمام كل هذا التخبط الذي يطغى على العمل الحكومي.
فقد كان منتظرا أن تبشر الحكومة الرأي العام الوطني بالإعلان عن حزمة من الإجراءات التي تدخل في إطار الرفع التدريجي للحجر الصحي، عن مختلف الجهات والأقاليم والمدن، حسب الوضعية الوبائية لكل منطقة على حدة، وذلك بتحديد تاريخ 20 يونيو كمرحلة أولى، على أن تتم مراجعة هاته الإجراءات كل عشرة أيام، أي في 30 من شهر يونيو الجاري، ثم في 10 يوليوز القادم، وهو تاريخ انتهاء المرحلة الرابعة من حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها السلطات العمومية تباعا منذ 20 من شهر مارس.
على هذا الأساس، فإن ترقب الرياضيين سيستمر، وانتظار قرار حكومي حاسم سيتواصل، إلا أن هناك اسبقيات يجب مراعاتها وفي مقدمتها عامل الزمن، والالتزام بأجندة خارجية لا تقبل التأجيل، خصوصا وأن دولا تعرف وضعية غير مطمئنة تماما من الناحية الوقائية، ومع ذلك تمكنت من تحديد تواريخ رسمية لعودة المسابقات الرياضية، وهنا نأخذ كمثال مصر مثلا.
وعلى ذكر مصر، فإن مواجهتين قويتين تجمعان ناديا الوداد والرجاء ضد كل من الأهلي والزمالك بعصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، وبالتالي فلابد من ضمان ظروف مناسبة لاستعدادات ممثلي كرة القدم الوطنية، لما لهذا الاستحقاق القاري من أهمية، حتى يكونا على قدم المساواة مع خصمين قويين وعنيدين، وبالتالي لابد من منحهما كامل الفرص، قصد الحفاظ على حضورهما اللافت على الصعيد القاري.
وانطلاقا من هذه الأهمية، فلابد إذن من السماح للأندية بإجراء تداريب بالمدن التي تنتمي لها، مع الحرص بطبيعة الحال على الالتزام ببنود وتفاصيل البروتوكولات الصحية والمخبرية.
وهذه الخطوة الاستباقية لابد من الحسم فيها في أقرب الآجال، قصد إخراج الوسط ككل من مرحلة انتظار قاتلة، ومكلفة على جميع المستويات…
محمد الروحلي