إساءة لصورة كرة القدم الوطنية

اهتز الرأي العام الوطني الرياضي، نهاية الأسبوع الماضي، لخبر اعتقال رئيس فريق الوداد البيضاوي سعيد الناصيري، على خلفية الاشتباه بتورطه في قضية، ما بات يعرف بملف “إسكوبار الصحراء”.
ويعتبر الناصيري شخصية بارزة داخل المشهد الرياضي الوطني والإفريقي، بالإضافة إلى تقلده مناصب سياسية متعددة، وكان رمزًا للنجاح والاختيار الصائب، وطبع مسار واحد من الأندية المرجعية، والذي تحول في عهده، وخلال العشر السنوات الأخيرة، إلى رقم صعب لا يمكن تجاوزه…
إلا أن السقوط جاء مدويا، حيث طرأ تحول سريع، على صورة هذا المسير، من شخصية ذات شعبية جارفة ونفوذ واسع، إلى معتقل داخل زنزانة ضيقة، متابع بتهم ثقيلة، تطارده من كل حدب وصوب.
ثلاثة أيام بعد ذلك، وبالضبط صباح يوم الاثنين، مثل رئيس فريق الرجاء البيضاوي محمد بودريقة أمام النيابة العامة، بنفس بناية المحكمة التي غادرها الناصري على متن سيارة الشرطة، في اتجاه سجن عكاشة، وحسب مصادر صحفية، فإن موضوع المساءلة القضائية التي يخضع لها بودريقة، تتعلق بملف العقار، وما يرتبط -حسب ما يروج- بملكية الأراضي…
وقبل إصدار حكم نهائي في النازلتين، ما دام المتهم -كما تقول القاعدة القانونية- بريئا حتى تثبت إدانته، فإن مجرد ذكر رئيسي الناديين الكبيرين في مثل هذه الحالات الصادمة، يعد مساسا جد مؤسف، بصورة كرة القدم الوطنية عموما.
وكان طبيعيا أن يكون للخبرين صدى على المستوى الدولي، حيث تتابع صحف عالمية بكثير من الحرص والتركيز، آخر أخبار رئيسي الناديين الكبيرين، لكن هذه المرة خارج المنظومة الرياضية.
كما أن أغلب البرامج والتعليقات بالقنوات والمواقع والإذاعات، خصصت حيزا هاما للحديث عن الخبرين، سواء اعتقال الناصري أو الاستماع لبودريقة، إلا أن تناول هذه الحيثيات، غالبا ما يتم بصورة مسيئة، خاصة من طرف وسائل الإعلام التي تسعى دائما إلى تأويل الأخبار بطريقة سلبية، بهدف النيل من صورة المغرب، وقضاياه الوطنية العادلة وثوابته…
كما أن العديد من الصحف الرياضية العالمية ذائعة الصيت، تتابع باهتمام كبير آخر الأخبار المتعلقة بهذين الملفين بالذات، وما يتعلق بقمة الهرم التسييري بأكبر ناديين بالمغرب، وصاحبي القاعدة الجماهيرية العريضة داخل الوطن وخارجه…
فقد تحولت كرة القدم الوطنية هذه الأيام، من ماركة مسجلة بخانة الكبار، بفضل ما تحقق من إنجازات كبرى بالمسابقات الدولية الكبرى، أبرزها مونديال قطر 2022، إلى مرادف للأخبار السيئة والممارسات البعيدة عن الضوابط القانونية…
مؤسف حقا كل ما يحدث، فمجرد ذكر اسم الناديين في مثل هذه الحالات، يعد -فعلا- ضربا للمجهود الذي بذل على أكثر من صعيد، مجهود توج بتحقيق نتائج لافتة نالت تقدير العالم، بكثير من السمو والشموخ والإبهار، إلا أنه وللأسف، فمثل هذه الأخبار الرائجة الآن لها خسائر فادحة، من الصعب تجاوزها بسرعة، خاصة وأن هناك أكثر من جهة، تترصد أدنى هفوة، وأي خطوة غير محسوبة العواقب…
وفي انتظار الكلمة الفاصلة من طرف القضاء، فمن الضروري وضع ضوابط صارمة، تمكن من تحصين تسيير الأندية، وحمايتها مستقبلا، وتخصيص “بروفايل” واضح، يحدد الشروط والضوابط القانونية الواجب توفرها في أي شخص، يطمح إلى ترأس ناد رياضي، خصوصا الأندية التاريخية والمرجعية وصاحبة القاعدة الجماهيرية العريضة، والتي تعتبر تراثا لا ماديا…

>محمد الروحلي

Top