لنتصدى جميعا للفساد

في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية الخاصة باقتراع 25 نونبر تتزايد التخوفات من ارتفاع سرعة الفساد وإقدام لوبيات وسماسرة الانتخابات على تكثيف ابتزازاتهم للمواطنين، وتعميم الفساد والرشاوى والضغوط في عدد من المناطق، ومن ثم فالحاجة اليوم أكثر من ملحة لكي تزيد السلطات الإدارية والقضائية في سرعتها هي أيضا من أجل محاربة الفساد والضرب بقوة على أيدي المفسدين. إن إقدام بعض بارونات الفساد على تسييج مناطق وأحياء بكاملها ومنع منافسيهم، وخصوصا من ضمن مرشحي القوى الديمقراطية من ولوجها ومن القيام بحملاتهم الطبيعية بداخلها، واستعمال الأسلحة البيضاء والعصي لذلك يعتبر أيضا فسادا وخرقا لا بد من وقفه، وإفهام المفسدين بأن هناك قانونا وجب احترامه، وبأننا لسنا في «سيبة» أو وسط غابة.
وإن حكايات المواطنين المتعددة عن الرشاوى وعن توزيع الأموال على الناس ليست كلها من وحي الخيال، وإنما هي قضايا تستحق البحث وتشغيل أعين السلطات وآذانها التي يعرف أنها لا تخفى عنها خفية.
وإن قيام بعض المفسدين بجمع بطائق التعريف الوطنية من الناس بغاية منعهم من الذهاب إلى الاقتراع، وبالتالي ضمان تصويت المؤيدين وحدهم، يعني أيضا رشوة وفسادا، بالإضافة إلى أن ذلك يندرج ضمن الممارسات التي تعارض بصراحة رغبة الدولة والمجتمع في تكثيف المشاركة الشعبية في الانتخابات، ومن ثم وجب إيقاف مقترفي مثل هذه الأفعال عند حدهم وإعمال القانون ضدهم ليكونوا عبرة للآخرين.
الصورة ليست معتمة بالمطلق مع ذلك، وإنما هناك فعلا مجهودات بذلت في هذه المنطقة أو تلك، وهناك إرادة واضحة من لدن السلطات المركزية في الإنصات وفي التفاعل، لكن مع ذلك هناك حاجة اليوم إلى سرعة أكبر في التصدي، وإلى تدخلات أكثر عملية، يلمسها الناس، وتجعلهم يحسون أن تغييرا يحدث بالفعل على أرض الواقع.
للسلطات الإدارية والقضائية إذن مسؤولية واضحة ومركزية في محاربة الفساد والمفسدين، وعليها أن تبادر هي لعمليات التصدي، وليس فقط أن تجتهد في إيجاد الأجوبة والتفسيرات لما يتناقله الناس وما تنشره الصحف يوميا، كما أنه ليس من مسؤوليتها بتاتا أن تكتفي بدور منظم بارد وسلبي للعملية الانتخابية، بل عليها أن تسهر على نزاهة الانتخابات وعلى مصداقيتها وعلى التطبيق الحرفي والصارم والسريع للقانون.
وللمواطنات والمواطنين أيضا مسؤولياتهم المهمة، وذلك من خلال امتناعهم عن تلقي الرشاوى، وعن رهن بطائقهم الوطنية لدى المفسدين والسماسرة، كما عليهم واجب الإقبال المكثف يوم الاقتراع على مكاتب التصويت والإصرار على القيام بواجبهم وتحكيم ضميرهم في اختيار المرشح.
اليوم كلنا أمام المسؤولية، وعلينا أن نواجه الفساد والمفسدين بإقبالنا المكثف على التصويت، وبرفضنا رشاوى وإغراءات وابتزازات المفسدين والسماسرة.
[email protected]

Top