الحل في المشاركة

ثمة مسؤولية كبيرة منوطة اليوم بمنظمات المجتمع المدني في بلادنا بخصوص إنماء الوعي السياسي وسط شعبنا وشبابنا، وتعزيز المشاركة، وأيضا تمتين شبكات اليقظة والتصدي للفساد ولمفسدي الانتخابات.
صحيح أن عددا من الجمعيات الحقوقية والنسائية وغيرها طورت في

السنوات الأخيرة انشغالها بالموضوع الانتخابي، خاصة في الشق المتعلق بالمراقبة، وهو عمل جيد يستحق الحرص على استمراره، وعلى تطويره في اتجاه أكثر حرفية وشمولية، ولكن مع ذلك، فإن أوساطا سياسية عدمية وأصولية صارت اليوم تتدثر بغطاءات جمعوية وشبابية، وتلتصق بالشارع وبحراكاته الكثيرة والمتنوعة، وتمعن في جر شعبنا إلى مقاطعة كل شيء وإلى رفض كل شيء، بلا أفق أو وضوح نظر.
إن ما يجري اليوم في مصر، وأيضا ما أفرزته انتخابات تونس، وما يتهدد ليبيا واليمن، يجعلنا أمام درس بليغ يتعلق بمخاطر انعدام الرؤية السياسية الواضحة…
لقد رفع حراكنا الشبابي والاجتماعي بدوره شعارات ترتبط بحاجة بلادنا وشعبنا إلى الإصلاح وإلى التنمية، كما طالب برحيل عدد من رموز الفساد، ومثل هذا دينامية مطلبية التف حولها كل الديمقراطيين، وتفاعلت معها أعلى السلطات في البلاد، وتبعا لذلك انخرطت البلاد في دينامية إصلاحية أسس لها الدستور الجديد، واليوم نتهيأ لخوض واحدة من محطاتها الجوهرية، أي انتخاب برلمان جديد، والذي ستنبثق عنه حكومة جديدة، لكن في المقابل بات حراك الشارع يتجه أكثر نحو العتمة، ونحو الرفضوية الفجة، وصار بلا ….نظر، واتجه عميقا نحو الظلام.
بعض شبابنا، وبعض جمعياتنا المدنية، وبعض الأصوات اليسارية جدا والتقدمية جدا جدا، سيتحملون مسؤولية إبعاد مسار بلادنا عن أفقه الحداثي المدني الديمقراطي، وجرنا إلى المجهول، وإلى أن نضع البلاد كلها ومستقبلها بين يدي القوى الظلامية المتطرفة.
إن محطة اقتراع 25 نونبر تمثل اليوم رهاننا الجماعي من أجل تثبيت مكتسبات الدستور الجديد، وفرض تنزيله الديمقراطي، ومن ثم التأسيس لأفق جديد يرتكز إلى الحداثة والحرية والمساواة وحقوق الإنسان، ولذلك لا بد أن تكون مشاركة شعبنا وشبابنا مكثفة في التصويت، وفي التصدي للمفسدين، وفي إفراز تيار ديمقراطي وطني حداثي يكون عماد المؤسسات المقبلة، ويتولى قيادة التغيير في مغرب الغد، ويؤمن لبلدنا الاستقرار والتميز عن جواره المغاربي والعربي.
إن على جمعياتنا المدنية وشبابنا ألا يختاروا فقط الحل الأسهل المتمثل في مقاطعة كل شيء والاعتكاف في الشارع إلى أبد الآبدين، إنما دورهم يوجد أيضا في خوض النضال الميداني الملموس، وأيضا التصدي للفاسدين وفضحهم في الميدان، وتعبئة المواطنات والمواطنين لرفض الرشوة، وللإحجام عن التصويت لسماسرة الانتخابات، أما الاكتفاء بدور سلبي خارج المسلسل كله، فهذا يجعل من هؤلاء الشباب ومن هذه الجمعيات حلفاء موضوعيين لقوى الفساد، وهم يقدمون اليوم للمفسدين خدمة مجانية لا تقدر بثمن، ولن يغفر لهم شعبنا هذا.
الرد على الفساد ومواجهة المفسدين يكونان بالمشاركة أولا.
[email protected]

 

Top