لتطويق ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، تشرع يومه الثلاثاء، لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، في مناقشة مشروع قانون رقم 33.18 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي. ويروم مشروع القانون هذا الذي أحالته الحكومة على مجلس النواب، أواخر شهر يوليوز الماضي، سد بعض الثغرات القانونية التي ينجم عنها الاستيلاء والسطو على عقارات الغير، وكذا الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين، وتوحيد العقوبة بخصوص جرائم التزوير بين جميع المهنيين المختصين بتحرير العقود من موثقين وعدول ومحامين.
وفي هذا الإطار، تغيرت، بموجب هذا القانون، أحكام الفصل 352، حيث سيعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100 ألف درهم إلى 200 ألف درهم، كل قاض أو موظف عمومي أو موثق أو عدل ارتكب أثناء قيامه بوظيفته تزويرا بإحدى الوسائل، سواء وضع توقيعات مزورة أو تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع، أو وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين، أو كتابة إضافية أو مقدمة في السجلات أو المحررات العمومية بعد تمام تحريرها أو اختتامها.
كما تغيرت بموجب القانون ذاته، أحكام الفصل 353 الذي تم التنصيص فيه على نفس العقوبات المنصوص عليها في الفصل 352، في حالة ارتكب كل قاض أو موظف عمومي أو موثق أو عدل، بسوء نية، أثناء تحريره ورقة متعلقة بوظيفته، تغييرا في جوهرها، أو في ظروف تحريرها، وذلك إما بكتابة اتفاقات تخالف ما رسمته أو أملاه الأطراف المعنيون، وإما بإثبات صحة وقائع يعلم أنها غير صحيحة، وإما بإثبات وقائع على أنها اعترف بها لديه، أو حدثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك، وإما بحذف أو تغيير عمدي في التصريحات التي يتلقاها.
وحتى لا تبقى العقوبات الزجرية المنصوص عليها في الفصلين 352 و353، تقتصر على بعض الفئات ذات الصلة بتحرير العقود، تمت إضافة فئة المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض، حيث ينص الفصل 1- 359 على نفس العقوبات الواردة في الفصلين السابقين من القانون ذاته، في حق كل محام مؤهل قانونا لتحرير العقود ارتكب أحد الأفعال المنصوص عليها في هذين الفصلين.
إلى ذلك، تشرع لجنة العدل والتشريع، في مناقشة مشروع قانون رقم 32.18 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، والذي يهدف إلى سد الفراغ التشريعي فيما يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة، من نيابة عامة وقضاء تحقيق، وهيئات الحكم، في الأمر، باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة لمنع التصرف في العقار محل اعتداء، إما عن طريق التزوير أو باستعمال وسائل تدليسية، بالإضافة إلى إضفاء الشرعية الإجرائية بعدما كانت بعض السلطات القضائية تلجأ إليه في إطار أبحاث جنائية، لكنها كانت ترفع في مواجهتها بهذا الخصوص بعض التعرضات بسبب غياب إطار قانوني ناظم له، مما كان يمكن الأطراف المستولية على العقار من التصرف فيه بالقيام ببيعه في الغالب لطرف آخر.
وإلى جانب هذا التعديل الذي يهم مجموعة القانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، وفي سياق تطويق الاستيلاء على عقار الغير، فقد سبق أن صدر شهر شتنبر من العام الماضي، القانون رقم 16-69 المعدل للمادة 4 من القانون رقم 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الذي ينص على إلزامية تحرير “الوكالة” بموجب محرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك، تفاديا لإبرام التصرفات العقارية بناء على وكالات مزورة التي شكلت إحدى أبرز الثغرات التي كانت مافيا العقار تستغلها لقضاء مآربها.
لكن يبقى الجدل قائما بخصوص المادة 2 من المدونة ذاتها، والتي تنص على “أن ما يقع من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري، لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد بحسن النية، كما لا يمكن أن يلحق أي ضرر إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله، شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب أو تغييره أو التشطيب عليه”.
< محمد حجيوي