قبل ستة أسابيع من قمة المناخ بغلاسكو الاسكتلندية، تقارير عدة صدرت هذا الأسبوع أهمها تقرير البنك الدولي حول السيناريو المتشائم للهجرة المناخية الداخلية في أفق 2050، والتقرير الأهم لهيئة الأمم المتحدة والصادر يوم الجمعة الماضي والذي أكد على أن الالتزامات الحالية للدول الأعضاء في الاتفاقية الإطار لتغير المناخ والتي يطلق عليها المساهمات المحددة وطنيا قد تعني زيادة كبيرة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وبينما تتكاثر الفيضانات وموجات الحر والحرائق في جميع أنحاء العالم، فإن مؤشر ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض يؤكد وبالملموس أنه لا تزال إجراءات الدول الأطراف لمكافحة أزمة المناخ غير كافية على الإطلاق.
الانخفاض المؤقت في انبعاثات الكربون
وقد حذر تقرير مناخي نشر يوم الخميس، من أن تركيزات غازات الاحتباس الحراري وصلت إلى مستويات قياسية، وأن الكوكب في طريقه نحو ارتفاع في درجة الحرارة، بشكل خطير، ووفقا للتقرير التاريخي متحدون في العلوم لعام 2021، والذي شاركت في إعداده وكالات متعددة أنه: “لا توجد أي علامة على أن العالم سيصبح أكثر اخضرارا”، حيث تتسارع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بعد التحسن المؤقت الذي حدث في عام 2020، بسبب انتشار فيروس كوفيد 19، وقال الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “لقد وصلنا إلى نقطة اللا عودة فيما يتعلق بالحاجة إلى العمل المناخي، إن الاضطراب الذي يلحق بمناخنا وكوكبنا أسوأ بالفعل مما كنا نظن، وهو يتحرك بشكل أسرع مما كنا نتوقع، وأضاف أن: “هذا التقرير يظهر مدى بعدنا عن المسار الصحيح الذي حدده اتفاق باريس للمناخ”.
فقبل ستة أسابيع من مؤتمر غلاسكو، وهو مؤتمر كبير للمناخ يجب أن يمثل تحولا في عمل المجتمع الدولي، لم تقدم العديد من الدول الملوثة الكبرى أهدافا مناخية جديدة بل الأدهى من ذلك لم تكثف جهودها، فالمخططات المناخية التي تقدمت بها مائة وستة وتسعون دولة وطرف للاجتماع المقبل في غلاسكو المرتقب عقده في الفترة الممتدة من 31 أكتوبر إلى 12 نونبر2021، تضع الكوكب على طريق ارتفاع درجة حرارة 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، أي بعيدين كل البعد عن أهداف اتفاقية باريس للحد من ذلك بأقل بكثير من 2 درجة مئوية، وإذا أمكن إلى 1.5 درجة مئوية، وإذا تم تطبيقها فإن التزامات الدول تعني بكل تأكيد زيادة كبيرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حيث للحفاظ على فرصة لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية يجب خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 45٪ خلال هذه الفترة، وهذا ما أظهره آخر تقرير لهيئة الأمم المتحدة الذي نشر الجمعة الأخير والذي يدعو الدول الأطراف إلى مضاعفة جهودها بشكل عاجل. وتزامن هذا التقرير مع إعلان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية عن اتفاق لخفض انبعاثات غاز الميثان وهو أحد الغازات الدفيئة القوية للغاية بنسبة 30٪ على الأقل في أفق 2030. هذا في الوقت الذي سيجتمع فيه يوم الإثنين الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون – الذي تترأس بلاده مؤتمر المناخ في نسخته السادسة والعشرون لعقد اجتماعات مصغرة مع ما يقرب من أربعين رئيس دولة في مقر الأمم المتحدة، في نيويورك لإثارة مناقشة صريحة وإعادة بناء الثقة بين الدول النامية والمتقدمة، وتحذر باتريشيا إسبينوزا الأمينة التنفيذية للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ أن: “الزيادة بنسبة 16٪ تشكل مصدر قلق كبير، إنه يتناقض بشكل حاد مع الدعوات التي أطلقها العلم من أجل خفض سريع ومستدام وواسع النطاق للانبعاثات، من أجل منع أخطر العواقب المناخية”، حيث لم يسفر الانخفاض المؤقت في انبعاثات الكربون، من جراء عمليات الإغلاق العالمية- التي تم فرضها لوقف انتشار فيروس كورونا- إلى إبطاء التقدم المستمر في تغير المناخ، وقد حذر تقرير مناخي، نشر يوم الخميس 16 شتنبر 2021 من أن تركيزات غازات الاحتباس الحراري وصلت إلى مستويات قياسية، وأن الكوكب في طريقه نحو ارتفاع في درجة الحرارة بشكل خطير تقرير تزامن مع احتفال دول العالم باليزم العالمي لحماية طبقة الأوزون.
الهجرة المناخية حقيقة أم سيناريو محتمل؟
في وقت مبكر من عام 1990، وجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن أكبر تأثير لتغير المناخ يمكن الشعور به يتمثل في الهجرة البشرية مع تشريد ملايين الأشخاص، وقد تأثر الأشخاص بتآكل المناطق الساحلية وغمر السواحل واضطراب الزراعة، فمنذ ذلك الحين تم نشر عدد من التقارير التي تبين أن تدهور البيئة وخاصة تغير المناخ ينذر بحدوث نزوح كبير للسكان، بعبارة أخرى هناك أزمة حقيقية تختمر، ففي منتصف التسعينيات تم التركيز بشكل كبير على الأخبار التي تفيد بأن ما يصل إلى 25 مليون شخص قد أجبروا على ترك منازلهم وأراضيهم نتيجة لأحداث بيئية خطيرة من مختلف الأنواع مثل التلوث وتدهور الأراضي والجفاف والكوارث الطبيعية، فمنذ ذلك الوقت قيل إن هؤلاء اللاجئين المناخيين فاق عدد اللاجئين الذين طردتهم الحروب والاضطهاد السياسي بينما أكد تقرير اتحاد جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عام 2001 على الكوارث الطبيعية تقرير أقر بـ 25 مليون “لاجئ مناخي”، بينما في أكتوبر 2005 حذر معهد البيئة والأمن البشري التابع لهيئة الأمم المتحدة المجتمع الدولي من مضاعفة هذا الرقم بحلول عام 2015، في الوقت الذي تجرأ فيه خبراء المناخ كان أشهرهم نورمان مايرز من جامعة أكسفورد، على تقدير عدد الأشخاص الذين سيجبرون تدريجيا على ترك منازلهم تحت التأثير المباشر لتغير المناخ، ويحذر البروفيسور مايرز من أنه: “عندما يبدأ الاحترار العالمي في التسارع يمكن أن يتأثر ما يصل إلى 200 مليون شخص باضطرابات في نظام الرياح الموسمية أو أنماط هطول الأمطار الأخرى، والجفاف الشديد ولمدة غير مسبوقة مع ارتفاع مستويات سطح البحر وفيضانات المناطق الساحلية “.
200 مليون مهاجر مناخي في أفق 2050؟
يرتقب البروفيسور مايرز أن ما يقارب 200 مليون مهاجر بسبب المناخ بحلول عام 2050، هذا الرقم المهم الذي يتم الاستشهاد به في المنشورات البارزة الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وهو رقم مثير للإعجاب تماما حيث إنه يمثل زيادة بمقدار عشرة أضعاف في إجمالي عدد اللاجئين والنازحين الحاليين، ولوضع هذا الرقم في المنظور الصحيح ولفهمه على الوجه الصحيح يعني في أفق 2050 سيكون واحد من كل 45 شخصا في العالم قد نزح بسبب تغير المناخ، وقد يتجاوز هذا الرقم أيضا إجمالي عدد المهاجرين الحاليين في العالم، وفي الواقع وفقا للمنظمة الدولية للهجرة يعيش الآن ما يقرب من 192 مليون شخص أو 3٪ من سكان العالم خارج مكان ميلادهم، لكن هذا التنبؤ لا يزال تقريبيا للغاية، ويقر البروفيسور مايرز نفسه أنه على الرغم من أنه تم الحصول عليه من أفضل البيانات المتاحة إلا أنه يتطلب “استقراء جاد”، حيث ليومنا هذا لا أحد يعرف حقا على وجه اليقين كم سيتأثر عدد البشر بالتغير المناخي، حيث تتراوح التقديرات من 25 مليون إلى مليار شخص بحلول عام 2050، فهو رقم معقد ولا يمكن التنبؤ به على أساس علمي متزايد لأطروحات تغير المناخ، فاليوم قد تم إنفاق الكثير من الوقت والطاقة في تحديد عواقب الأرصاد الجوية لتغير المناخ من حيث ارتفاع مستوى سطح البحر، والتغيرات في أنماط هطول الأمطار، والعواصف الأقوى والأكثر تواترا في المقابل، تم إنفاق وقت وطاقة وموارد أقل بكثير على التحليل التجريبي لتأثيرات تغير المناخ على السكان، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم القدرة على التنبؤ بهذا الرقم نظرا لكون دراسة تغير المناخ معقدة بالفعل بما يكفي في حد ذاتها، فماذا عن آثارها على المجتمعات التي لديها الموارد والموارد للتعامل معها؟ من ناحية أخرى، يمكن تفسير ذلك أيضا من خلال التنوع الكبير في الدوافع التي تدفع المهاجرين: العلاقة السببية الحاسمة بين عوامل الجذب الاقتصادي وعوامل الدفع البيئية غالبا ما تكون ذاتية للغاية، أخيرا تتطلب محاولة فصل دور تغير المناخ عن العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى اتخاذ خطوة تحليلية كبيرة نحو المجهول، فإعصار كاترينا الذي ضرب الساحل الجنوبي للولايات المتحدة في غشت 2005 مما تسبب في نزوح مؤقت لأكثر من مليون شخص، ويتم تقديمه بشكل متكرر باعتباره توقعا لظواهر الطقس المتطرفة، وأكثر كثافة و أكثر تواترا، والتي يجب أن نستعد لها، لكن هذا الإعصار كان أكثر من مجرد حلقة أرصاد جوية: فالضرر الذي تسبب فيه في خليج المكسيك كان نتيجة لضعف التأهب للكوارث ونقص الاستثمار المستمر في 13 تدبيرا من تدابير الاستجابة للكوارث،حيث يجب توفير الحماية حول المدن، فضلا عن الإجراءات المنهجية تدمير الأراضي الرطبة في دلتا المسيسيبي التي قد تكون قادرة على التخفيف من تأثير العاصفة، حيث إن وصف هذه الكارثة بأنها “مظهر من مظاهر تغير المناخ” يبالغ في تبسيط أسبابها وآثارها، ومع ذلك يسمع المرء أن الأرقام المقدرة لمهاجري المناخ في المستقبل تتكرر بشكل عرضي تقريبا إما كعلاج بالصدمة أو بسبب عدم وجود أرقام أكثر دقة، ففي عام 2007 مثلا وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الصراع في دارفور الذي أودى بحياة 300 ألف شخص وشرد مليونين ونصف المليون منذ عام 2003 بأنها “الحرب الأولى على تغير المناخ”، وتسبب هذا التأكيد في الوعي العالمي بهذه الظاهرة، مما أدى إلى إنتاج العديد من البحوث العلمية في الموضوع مثل ما قام به ارشال بيرك، الخبير الاقتصادي من بيركلي، بعد فترة وجيزة حيث حصل على الرابط بين تغير المناخ والحروب في إفريقيا جنوب الصحراء من خلال مقارنة درجات الحرارة وتاريخ الصراع، حيث توقع الخبير ارشال بيرك أن الحروب التي يسببها الاحتباس الحراري ستقتل نصف مليون شخص في افق عام 2030 بينما ستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر المخاطر الأمنية على المدى القريب.
ندرة الموارد المائية تهدد الأمن العالمي
ففي عام 2014 حدد تقرير “مناخ جديد للسلام: العمل من أجل المناخ ومخاطر الهشاشة” بتكليف من أعضاء مجموعة القوى السبع العظمى بمناسبة مؤتمر باريس للمناخ سبعة تهديدات: التنافس على الوصول إلى الموارد المحلية، المناخ الهجرة، والكوارث والظواهر الجوية المتطرفة، وتقلب أسعار الغذاء وصعوبات الإمداد، وإدارة المياه العابرة للحدود، وارتفاع مستوى سطح البحر وتدهور السواحل، والآثار غير السلبية والسياسات المناخية المتعمدة، وتقول كيتلين ويريل المؤسسة المشاركة لمركز المناخ والأمن: “ستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال وشرق ووسط أفريقيا، وكذلك بعض البلدان في آسيا الوسطى، أكبر المخاطر الأمنية على المدى القريب”، وعلى المدى الطويل سيكون النمو السكاني في المناطق الساحلية والحضرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ الأوسع نطاقا ضعيفا بشكل خاص، لكن يمكن تهديد جميع البلدان، في عام 2014 حذرت خارطة طريق التكيف مع تغير المناخ التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية بالفعل من مخاطر فورية على الأمن القومي للولايات المتحدة مشيرة إلى ضعف المنشآت العسكرية الساحلية، ومع ذلك فإن الاحتباس الحراري ليس بالطبع السبب الوحيد للصراعات التي تجتاح هذه المناطق، ووفقا لمارك لافيرجن، مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي والمتخصص في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، “يجب ألا نقلل من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والارتباط بسياسات استغلال الثروة. إن أزمة المناخ لا يمكن إنكارها، لكن لا ينبغي استخدامها كذريعة لسياسات إنمائية متواضعة” كما أكدت كيتلين ويريل، وتنشأ النزاعات من عدة عوامل، المظالم القائمة، وسوء إدارة الموارد، وتآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والجمهور، والتغيرات الديموغرافية، والتفاوتات الاقتصادية، لذلك من غير المرجح أن يكون تغير المناخ هو السبب الوحيد أو حتى السبب الرئيسي للصراع”، ومع ذلك فمن المؤكد أن الاحتباس الحراري سيزيد من إضعاف الدول والمجتمعات، وتحذر كيتلين ويريل من أن “معالجة المخاطر الأمنية لتغير المناخ تعني تجنب ما لا يمكن إدارته وإدارة ما لا مفر منه”، ولتجنب ما لا يمكن السيطرة عليه، “يجب على الحكومات بذل جهود كبيرة لتقليل حجم تغير المناخ خلال العقد المقبل” وفقا لمركز المناخ والأمن، عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإزالة الغابات وبشكل أعم الآثار السلبية للإنسان على كوكب الأرض وعندما يتعلق الأمر بالتعامل مع ما لا مفر منه يجب على الحكومات والمجتمعات تخصيص الموارد اللازمة لإدارة آثار تغير المناخ على الغذاء والماء وأمن الطاقة، وتتابع كيتلين ويريل: “أصبح المناخ اليوم موضوعا رئيسيا عندما يتعلق الأمر بالأمن الدولي، فقد حان الوقت لأخذه في الاعتبار في ضوء تداعياته وإدماجه في الأمن القومي والدفاع والدبلوماسية واستراتيجية الأمن”، فهل يعتبر تغير المناخ سببا للصراع وزعزعة الاستقرار في العالم؟ بمعنى آخر هل يؤدي الإجهاد المائي والأعاصير والفيضانات والحرائق وذوبان الجليد إلى تدهور العلاقات الدولية بطريقة ما؟
مؤشر نورماندي والهجرة المناخية
يقيس مؤشر نورماندي مستوى التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن والديمقراطية على نطاق الكوكب بأسره وتجعل من الممكن وضع ما يسمى “ملف تعريف المخاطر” لكل دولة يتم تحليلها، تم الإعلان عن نسخته الثانية في شتنبر 2020 وهي تسمح مثل النسخة السابقة التي نشرت في عام 2019 بمقارنة مستوى السلام في بلد أو منطقة بأخرى، ونتيجة شراكة بين البرلمان الأوروبي ومنطقة نورماندي، تم تصميم هذا المؤشر وإعداده بالتعاون مع وعلى أساس البيانات المقدمة من معهد الاقتصاد والسلام، فخلال أربعين عاما تضاعف عدد الكوارث الطبيعية أربع مرات، وهذا يؤثر بشكل متزايد على ظروف السلام والأمن في العالم، فمع اشتداد مظاهر تغير المناخ، تزداد كذلك آثارها على الدول والمجتمعات، سواء كانت الأعاصير والجفاف وارتفاع درجات الحرارة والمحيطات، ووفقا لبيانات معهد الاقتصاد والسلام فإن 19 دولة الأكثر تضررا من تغير المناخ هي أيضا من بين أقل 40 دولة سلمية على هذا الكوكب، فلقد حدد الخبراء ثلاث مناطق رئيسية في العالم، يتعلق الأمر بقطاع الساحل بأكمله، من موريتانيا إلى الصومال حيث العنف الشديد الحالي يتفاقم بسبب اشتداد التصحر بسبب ارتفاع درجات الحرارة والضغط والإمداد بالمياه وندرة الموارد الغذائية والانفجار السكاني ، ففي هذه المنطقة تشعر مالي وبوركينا فاصو والنيجر بقلق خاص من تراكم تغير المناخ والصراعات، أما الفرقة الثانية التي تعاني من هذه الصدمة المزدوجة تبدأ في أنغولا وتمتد إلى موزمبيق ومدغشقر، أما الفرقة الثالثة فتنطلق من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، في المجموع يعيش أكثر من مليار شخص في 31 دولة من هذه المناطق الثلاث قدرتهم على الصمود أي قدرتهم على التغلب على تغير المناخ والصراع تكاد تكون معدومة بينما خارج هذه النطاقات الثلاثة سيواجه حوالي 5.4مليار شخص في أفق 2040 خاصة في الصين والهند إجهادا مائيا شديدا أو شديدا مما سيؤدي بلا شك إلى نقص في الغذاء وزيادة في العنف، بينما من المحتمل أن تؤدي التهديدات البيئية وهشاشة البلدان الـواحدة والثلاثين الأكثر تضررا إلى زيادة كبيرة في عدد النازحين داخليا واللاجئين، وفقا لبيانات من التقرير الأخير، “سجل التهديدات البيئية”، ويمكن أن تزداد تدفقات الهجرة الرئيسية الثلاثة الحالية القادمة من أفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الوسطى والجنوبية. ولكن في المقابل ولتحقيق عالم يسوده الأمن والسلام يجب تنمية المواقف على جميع المستويات حيث أن البلدان التي تتمتع بمستوى عال من السلام الإيجابي تشهد تأثيرا أقل من الكوارث الطبيعية.
العالم في خطر والعمل المناخي في الأفق المسدود
وفقا للعلماء، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية، بالفعل، إلى تأجيج الظواهر المناخية المتطرفة، والمدمرة، في جميع أنحاء العالم، مصحوب بتأثيرات متصاعدة على الاقتصادات والمجتمعات. فقد ضاعت المليارات من ساعات العمل بسبب الحرارة المفرطة، وقال الأمين العام للأمم المتحدة: “كوارث الطقس التي تحدث الآن أكثر بخمسة أضعاف من عدد الكوارث التي كانت تحدث في عام 1970، وهي أكثر تكلفة بسبع مرات، حتى أكثر البلدان المتقدمة أصبحت معرضة للخطر”. ويستشهد انطونيو غوتيريش بإعصار إيدا، الذي ضرب مدينة نيو أورلينز الأمريكية، مؤخرا، وأسفر عن قطع الكهرباء عن أكثر من مليون شخص في المدينة، وأحدث شللا في مدينة نيويورك، بسبب الأمطار الغزيرة، التي حطمت الرقم القياسي، وأودت بحياة 50 شخصا، على الأقل، في المنطقة، “لم يكن من الممكن حدوث هذه الكوارث لولا تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، وتتزايد الحرائق، ذات التكلفة الباهظة، والفيضانات، والظواهر الجوية المتطرفة في كل مكان” كما حذر الأمين العام من أن هذه التغييرات هي مجرد بداية لمخاطر أسوأ تأتي في المستقبل، وقال أنطونيو غوتيريش: “يجب أن نؤمن، بشكل عاجل، حدوث نقلة نوعية بشأن التكيف والمرونة، حتى تتمكن المجتمعات الضعيفة من إدارة هذه المخاطر المناخية المتزايدة أتوقع أن تتم معالجة كل هذه القضايا وحلها في قمة المناخ المقبلة،لذا فإن مستقبلنا على المحك”. وقال البروفيسور بيتيري تالاس، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: “سمعنا طوال فترة الجائحة أنه يتحتم علينا إعادة البناء بشكل أفضل، بهدف وضع البشرية على مسار أكثر استدامة، ولتجنب أسوأ آثار تغير المناخ على المجتمعات والاقتصادات، إن هذا التقرير يظهر أننا، حتى الآن في عام 2021، لا نسير في الاتجاه الصحيح”.
ويستشهد تقرير “متحدون في العلوم” أيضا باستنتاجات أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والذي يفيد بأن حجم التغيرات الأخيرة، عبر النظام المناخي ككل، غير مسبوق، على مدار فترة من عدة قرون إلى عدة آلاف من السنين. ومن الواضح أن التأثير البشري أدى إلى تدفئة الغلاف الجوي والمحيطات والأرض، فقد استمرت تركيزات غازات الدفيئة الرئيسية – ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروزجين في الزيادة في عام 2020 والنصف الأول من عام 2021. ووفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن تقليل غاز الميثان في الغلاف الجوي، على المدى القصير، يمكن أن يدعم تعهدات 193 دولة عضوة في اتفاق باريس، لا يقلل هذا الإجراء من الحاجة إلى إجراء تخفيضات قوية وسريعة ومستدامة في ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة، هذا في الوقت الذي يحذر فيه برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أنه بعد خمس سنوات من اعتماد اتفاق باريس، فإن فجوة الانبعاثات بين الفرق بين الحجم الذي تتجه إلى أن تكون فيه، والحجم الذي يشير العلم إلى أنه ينبغي أن تكون فيه، بحلول عام 2030 تبقى كبيرة كما كانت دائما، هذا على الرغم من أن العدد المتزايد من البلدان التي تلتزم بأهداف صافي الانبعاثات الصفرية يعد أمرا مشجعا. ولكي تظل قابلة للتنفيذ وذات مصداقية، فإن هذه الأهداف تحتاج، بشكل عاجل، إلى أن يتم عكسها في السياسة، على المدى القريب، وفي إجراءات أكثر طموحا، بشكل ملحوظ، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ورجح التقرير أن يكون متوسط درجة الحرارة العالمية السنوية أكثر دفئا بنسبة 1 درجة مئوية، على الأقل من مستويات ما قبل الصناعة 1850 خلال السنوات الخمس المقبلة، ومن المرجح جدا أن تكون في نطاق 0.9 إلى 1.8 درجة مئوية، هناك أيضا احتمال بنسبة 40% أن يكون متوسط درجة الحرارة، في إحدى السنوات الخمس المقبلة، أكثر دفئا، بمقدار 1.5 درجة مئوية، على الأقل، من مستويات ما قبل العصر الصناعي، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة لمدة 5 سنوات عتبة 1.5 درجة مئوية، وارتفعت مستويات البحار العالمية 20 سم في الفترة بين عامي 1900 -2018، وتسارع معدل ارتفاعها في الفترة بين عامي 2006 – 2018، وحتى إذا تم تقليل الانبعاثات اللازمة للحد من الاحترار إلى أقل من 2 درجة مئوية، فمن المرجح أن يرتفع متوسط مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 0.3- 0.6 متر بحلول عام 2100، ويمكن أن يرتفع بمعدل 0.3 – 3.1 متر بحلول عام 2300، وتشير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن التكيف مع الارتفاع سيكون ضروريا، لا سيما على طول السواحل المنخفضة والجزر الصغيرة والدلتا والمدن الساحلية. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بزيادة الوفيات الناجمة عن الحرارة والعجز المرتبط بالعمل، مع فقدان ما يزيد عن 103 مليارات ساعة عمل محتملة، على مستوى العالم، في عام 2019، مقارنة مع الساعات المفقودة في عام 2000، وعلاوة على ذلك، فإن جائحة كوفيد- 19 والمخاطر المناخية مثل موجات الحر وحرائق الغابات وسوء نوعية الهواء تتضافر كلها لتهدد صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان للخطر، بشكل خاص، ووفقا لوكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة، يجب أن تتماشى جهود التعافي من فيروس كوفيد-19 مع الاستراتيجيات الوطنية بشأن تغير المناخ وجودة الهواء، للتقليل من المخاطر الناجمة عن الأخطار المناخية المتواترة، واكتساب الفوائد الصحية المشتركة.
تقرير البنك الدولي بشأن تغير المناخ والهجرة المناخية
يعد تغير المناخ محركا قويا للهجرة الداخلية بسبب آثاره على سبل كسب عيش السكان وفقدان إمكانية العيش في الأماكن شديدة التعرض للمخاطر. وبحلول عام 2050، قد تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ، ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادي 49 مليونا، وجنوب آسيا 40 مليونا، وشمال أفريقيا 19 مليونا، وأمريكا اللاتينية 17 مليونا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطي 5 ملايين. هذا ما أكده البنك الدولي وفي آخر تقرير له، مضيفا أن تغير المناخ يعتبر أحد أهم عوامل الهجرة التي تزداد قوة يوما بعد يوم حيث قد يجبر 216 مليون شخص في ست من مناطق العالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050 في انتظار ظهور بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغير المناخ في أفق 2030، وتواصل انتشارها وتفاقمها بحلول 2050، ويخلص التقرير كذلك إلى أن التحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومنسقة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80٪.
الهجرة المناخية وتحديات كبرى يواجهها
المغرب بسبب تغير المناخ
وحذر البنك الدولي من الهجرة الداخلية التي تهدد عدة دول في العالم من بينها المغرب بسبب ضغوط التغير المناخي. التقرير الذي يظهر على أنه إذا لم يتم فعل شيء لصالح المناخ بالمغرب، فسيتم دفع 1.5 إلى 1.9 مليون شخص للهجرة في حركة تنقل داخلي داخل المغرب حسب سيناريو تشاؤمي مرجعي لتقرير البنك الدولي، وهو رقم يمكن أن ينخفض الى 1.5 مليون شخص تبعا لسيناريو تنمية أكثر شمولا، قبل أن ينحدر إلى 500 ألف وفق سيناريو الأكثر ملاءمة للتغيرات المناخية.
ولا تعتبر الهجرة سوى نتيجة للتغيرات المناخية التي يعيشها المغرب، والتي من أهم تجلياتها ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض التساقطات المطرية وارتفاع مستوى سطح البحر. التقرير الإنذاري الصادر عن البنك الدولي سجل أن المغرب شهد العديد من الظواهر الطبيعية القصوى، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وموجات الحرارة، متوقعا أن تستمر هذه الاتجاهات في ظل السيناريو الذي وضعه خبراء هيئة علماء المناخ، على أن أن يصبح المغرب أكثر سخونة وأكثر جفافا في المستقبل، حيث من المرتقب أن تزداد درجة الحرارة السنوية بمقدار 1,5 درجة مئوية إلى 3,5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن، وربما بأكثر من 5 درجات مئوية بنهاية القرن، مع احتمال تسجيل مزيد من الانخفاض في متوسط هطول الأمطار السنوي عبر البلاد، خاصة في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية، وتوقع انخفاض توفر المياه بما بين 30 و90 في المائة بحلول عام 2050. وستسجل أكبر الانخفاضات في الجنوب والجنوب الشرقي، إلى أن ينخفض توفر المياه بشكل أكثر حدة من 2050 إلى 2100 بنسبة تتراوح بين 50 و90 في المائة، مع ارتفاع أكبر بكثير مع التأثيرات في سيناريو الانبعاثات المرتفعة، مرفوقا بانخفاض ملموس في المحاصيل بما بين 30 و50 في المائة من 2050 و2100، علما أن الموارد المائية الشحيحة تتعرض لضغوط متزايدة من جراء تغير المناخ، حيث سيؤثر ارتفاع درجات الحرارة على كثافة الثلوج في جبال الأطلس وبالتالي التأثير السلبي على أكبر على احتياطيات المياه وتخزينها على المدى الطويل.
وتقع معظم مناطق استقبال المهاجرين بالقرب من أكادير والرباط وطنجة، حيث من المنتظر أن تستقبل المناطق الحضرية الأخرى عددا أقل من المهاجرين، مثل فاس ومكناس. إن التحرك نحو هذه المناطق له ما يبرره بشكل رئيسي من خلال التحسن في الإنتاجية التي ستشهدها الزراعة، مصحوبا بركود أو انخفاض طفيف في الموارد المائية، بينما تقع المناطق التي سيهاجر منها هؤلاء السكان بشكل رئيسي في التلال الوسطى بما في ذلك مراكش وحول الدار البيضاء وآسفي وجنوب أكادير إلى تزنيت، ويرجع الخبراء السبب الرئيسي إلى انخفاض الموارد المائية إلى جانب انخفاض طفيف أو ركود في الإنتاجية الزراعية، حيث سيكون لهذه الهجرة تأثير في إبطاء نمو السكان في هذه المناطق، ويؤكد التقرير الذي يتوقع أن يصل عدد هؤلاء المهاجرين إلى 216 مليونا في جميع أنحاء العالم أن هذه التوقعات ليست حتمية: “إذا بدأت الدول منذ الآن في الحد من غازات الاحتباس الحراري، وسد الفجوات عبر التنمية واستعادة النظم البيئية الحيوية ومساعدة الناس على التكيف، حيث يمكن تقليل الهجرة الداخلية بسبب المناخ بنسبة 80٪ أي حوالي 44 مليون شخص بحلول عام 2050”. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب قد وقع بالفعل على سياسة وقائية، لا سيما من خلال مكافحة الإجهاد المائي من خلال بناء السدود وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي.
تحيين المساهمات المحددة وطنيا
أصدرت هيئة خبراء المناخ التابعة لهيئة الأمم المتحدة تقريرا جديدا هذا الأسبوع، تقرير تجميعي للمساهمات المحددة وطنيا، حيث خلص الخبراء إلى أنه على الرغم من وجود اتجاه واضح نحو الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمرور الوقت، إلا أن البلدان هي اليوم بحاجة ماسة إلى تكثيف جهود تغير المناخ إذا أرادت الوصول الى 1.5 درجة مئوية بنهاية القرن. التقرير الذي أنجز بطلب من الهيئة المشرفة على اتفاق باريس لمساعدتها على تقييم التقدم المحرز في العمل المناخي قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ المرتقب تنظيمه شهر نونبر المقبل في اسكتلندا. ويتضمن التقرير معلومات من جميع الأطراف الـ191 في اتفاقية باريس استنادا إلى أحدث المساهمات المحددة وطنيا المتاحة في سجل المساهمات المحددة وطنيا اعتبارا من 30 يوليو 2021، حيث تغطي هذه المساهمات المحددة وطنيا الجديدة أو المحدثة ما يقرب من 59٪ من الأطراف في اتفاقية باريس في حين لا تمثل سوى 49٪ من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، أما بالنسبة لمجموعة الـ113 طرفا التي لديها مساهمات وطنية جديدة أو محدثة فمن المتوقع أن تنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 12٪ في عام 2030 مقارنة بعام 2010، وهذه خطوة مهمة نحو التخفيضات التي حددتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتي قدرت أن الحد من الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية يتطلب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 أو خفض بنسبة 25٪ بحلول عام 2030 للحد من الاحترار إلى 2 درجة مئوية، بينما من بين مجموعة الأطراف البالغ عددها 113 طرفا حدد 70 بلدا أهدافا لحياد الكربون بحلول منتصف القرن، حيث يمكن أن يؤدي هذا الهدف إلى تخفيضات أكبر للانبعاثات تصل إلى حوالي 26٪ بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2010، باتريشيا إسبينوزا الأمينة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ تهنئ جميع الأطراف التي قدمت مساهمات محددة على المستوى الوطني محدثة أو جديدة، وتؤكد على أن: “يُظهر التجميع أن البلدان تحرز تقدما نحو أهداف درجة الحرارة الواردة في اتفاقية باريس، وهذا يعني أن الآلية المتكاملة التي حددتها اتفاقية باريس للسماح بزيادة تدريجية في الطموح تعمل”. ويحتوي عدد كبير من المساهمات المحددة وطنيا في البلدان النامية على التزامات خفض الانبعاثات المشروط، والتي لا يمكن تنفيذها إلا من خلال الوصول إلى موارد مالية محسنة وأشكال أخرى من الدعم، يشير التقرير إلى أن التنفيذ الكامل لهذه المكونات يمكن أن يسمح للانبعاثات العالمية بأن تصل إلى ذروتها بحلول عام 2030، وفيما يتعلق بإجراءات التكيف، والتي يتم تناولها أيضا في العديد من المساهمات المحددة وطنيا المتاحة، يعد الدعم أمرا بالغ الأهمية بشكل خاص، إنه يوضح مدى أهمية قضية المساعدة للبلدان النامية، “نحن بحاجة إلى الوصول إلى ذروة في الانبعاثات في أقرب وقت ممكن قبل عام 2030 ومساعدة البلدان النامية على بناء قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، كان الالتزام بتعبئة 100 مليار دولار أمريكي سنويا بحلول عام 2020 ضروريا لتعزيز العمل المناخي في البلدان النامية، هذا الالتزام الذي تم التعهد به كجزء من عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ منذ أكثر من 10 سنوات لم يتم الوفاء به بعد، فقدحان وقت التسليم – وقمة المناخ المقبلة هو المكان المناسب للقيام بذلك” كما أكدت إسبينوزا، مضيفة أن: ” البلدان النامية بحاجة إلى هذا الدعم للعمل بأكبر قدر ممكن من الطموح”. وتشير المساهمات المحددة وطنيا المتاحة من 191 طرفا مجتمعة إلى زيادة كبيرة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية في عام 2030 مقارنة بعام 2010 ، بحوالي 16٪ وفقا لأحدث النتائج التي توصلت إليها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن مثل هذه الزيادة ما لم يتم اتخاذ إجراء فوري يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، “إن الزيادة البالغة 16٪ سبب كبير للقلق”، كما قالت إسبينوزا مضيفة: “إن هذا يتناقض بشكل حاد مع دعوات العلم لخفض سريع ومستدام وواسع النطاق للانبعاثات لمنع أكثر العواقب المناخية خطورة والمعاناة، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا في جميع أنحاء العالم. وأضافت: “يظهر التقرير بوضوح أن إطار المساهمات المحددة وطنيا سيساعد الأطراف على المضي قدما نحو الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاقية باريس”، وأوضحت إسبينوزا أنه: “يمكن للأطراف تقديم المساهمات المحددة وطنيا أو تحديث المساهمات المحددة وطنيًا التي تم تقديمها بالفعل في أي وقت، بما في ذلك في الفترة التي تسبق الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف، في هذه الحالة ومن أجل ضمان حصول مؤتمر الأطراف على أحدث المعلومات، تغير المناخ التابع للأمم المتحدة” مضيفة: “أدعو مرة أخرى جميع الأطراف التي لم تفعل ذلك بعد إلى تقديم مساهمات جديدة أو محدثة، لكن الأطراف التي قدمت بالفعل مساهمات لديها الفرصة أيضا لمراجعة المساهمات المحددة وطنيا لزيادة مستوى طموحها”. وقالت إسبينوزا: “الوقت المتبقي قبل قمة المناخ قصير جدا لكنني آمل أن نتمكن من رؤية المزيد من المساهمات المحددة وطنيا”، وقال ألوك شارما الرئيس الجديد لمؤتمر الأطراف للمناخ بغلاسكو: “هذا التقرير واضح يمكن للعمل المناخي الطموح تجنب الآثار الأكثر تدميرا لتغير المناخ، ولكن فقط إذا عملت جميع الدول معا، البلدان التي قدمت خططا مناخية جديدة وطموحة تعمل بالفعل على الانحناء في منحنى الانبعاثات بحلول عام 2030، ولكن بدون اتخاذ إجراءات من قبل جميع البلدان، وخاصة الاقتصادات الأكبر، من المرجح أن تذهب هذه الجهود سدى، يمكننا تغيير مجرى التاريخ للأفضل، يمكننا ويجب علينا العمل، لأنفسنا من أجل المجتمعات الضعيفة والأجيال القادمة. وقالت كارولينا شميدت رئيسة قمة المناخ في نسختها الخامسة والعشرين الشيلي والتي احتضنت أشغالها العاصمة الاسبانية مدريد: “أهنئ تلك البلدان التي بذلت جهدا لجعل المساهمات المحددة وطنيا الجديدة متوافقة مع ما يطلبه العلم منا، لكن هذا الجهد يجب أن يبذل من قبل جميع الأطراف، إنني أوجه نداء صريحا على وجه الخصوص للجهات الباعثة للانبعاثات الكبيرة للحفاظ على التزاماتها حتى نتمكن معا من منع ارتفاع درجة الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية”.
< بقلم: محمد بن عبو