نظمت جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة، بقاعة فندق إيدو تيزنيت، الدورة العاشرة لملتقى تزنيت الدولي للثقافات الإفريقية، أيام الخامس والسادس والسابع (5/6/7) من شهر نونبر الماضي احتفاء بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة. وقد اختير لندوة هذه الدورة موضوع: “الرحلة والرحالة بين المغرب ومحيطه الإفريقي”، نظرا لما لتراث الرحلة من أهمية تاريخية وحضارية وثقافية. ونظرا لمكانة هذا الحدث الوطني ولموضوع الندوة الدولية، فقد حضر في هذه الدورة نخبة من الباحثين والباحثات من المغرب ومن الدول الإفريقية والعربية والأوروبية (من نيجيريا والنيجر ومالي وبنين وغينيا وكوت ديفوار وموريتانيا وغامبيا والسنغال ومصر والأردن وهنغاريا). الذين شاركوا بفعالية كبيرة في أشغاله إلى جانب شخصيات ثقافية وازنة مثل مدير “الخزانة الملكية بالقصر الملكي بالرباط”، العلامة أحمد شوقي بنبين، والأستاذة المستشرقة الدكتورة ديفيني مارياكينكا عن جامعة كورفينوس في بودابست بهنغاريا، والأستاذ المستشرق الدكتور تماس إيفاني عن جامعة إلت ELTE في بودابست بهنغاريا كذلك.
ففي صبيحة يوم الثلاثاء الخامس من شهر نونبر انطلقت أشغال الجلسة الافتتاحية ابتداء من الساعة التاسعة والنصف صباحا حتى الساعة الثانية عشرة والنصف زوالا، حيث ترأسها الكاتب العام لجمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة الأستاذ عبد الكريم شعوري، الذي رحب في البداية بالسيد عامل إقليم تزنيت والوفد المرافق له وبالمشاركين والمشاركات في أشغال هذا الملتقى والحضور الكرام. وبعد قراءة ما تيسر من آيات بينات من الذكر الحكيم، انطلقت أشغال هذا الملتقى بإلقاء الكلمات الافتتاحية، التي ألقاها كل من السيد رئيس جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة الدكتور ماء العينين النعمة علي، الذي رحب في كلمته بالسيد عامل إقليم تزنيت والوفد المرافق له وبجميع المشاركين وبالحضور الكرام. كما عبر عن سعادته بتنظيم الجمعية التي يترأسها لهذا الملتقى الدولي الكبير متمنيا أن تمر أشغاله في جو من الاستفادة والإفادة التي تعود بالنفع على الجميع. والسيد محمد الشيخ بلا رئيس المجلس الإقليمي لتزنيت الذي عبر عن سعادته بتنظيم هذا الملتقى مؤكدا على أن الانتماء الإفريقي يشكل أحد أعمدة الهوية الوطنية المغربية. والسيدة السعدية كردوس نائبة رئيس جهة سوس ماسة التي عبرت عن شكرها لجمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة المنظمة لهذه التظاهرة الهامة، تزامنا مع احتفال الشعب المغربي بذكرى المسيرة الخضراء المجيدة، مشيرة إلى البعد الوطني والإفريقي والعربي لهذه الدورة العاشرة لأشغال هذا الملتقى الكبير. والسيدة وسيلة الشاطبي، نائبة رئيس المجلس الجماعي لتزنيت، التي عبرت عن أهمية هذا الموضوع الذي يتناول الرحلة والرحالة بين المغرب ومحيطه الإفريقي، وأهميته في رصد الوقائع والأحداث التاريخية. والسيد العميد حسن بن حليمة رئيس مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية، الذي أشاد بهذا الملتقى الدولي الذي أسهم ولازال يسهم في توطيد العلاقات المغربية الإفريقية على المستوى التاريخي والديني والثقافي والاجتماعي. والسيد عبد الرحمن ميغا، نائب رئيس الجامعة الإسلامية في النيجر، باسم الوفود المشاركة، الذي عبر عن سعادته لحضور هذا الملتقى وهذه الندوة العلمية الهامة التي يشارك فيها ثلة من الباحثات والباحثين من المغرب ومن مختلف الدول الإفريقية والعربية والأجنبية. والسيدة كينكا ماريا ديفيني، الأستاذة بجامعة كورفينوس في بودابست بهنغاريا، باسم العلاقات بين المجر والدول الإسلامية والعربية.
وبعد هذه الكلمات الافتتاحية ألقى الأستاذ العلامة أحمد شوقي بنبين مدير الخزانة الملكية بالرباط؛ محاضرة افتتاحية أكاديمية ركز فيها على دور الرحلة والرحلات وأهميتها في إبراز التراث الإفريقي والعربي الإسلامي؛ داعيا في نهايتها إلى العناية بكتب ومنشورات أدب الرحلات. واختتمت أشغال هذه الجلسة الافتتاحية بإلقاء قصيدة شعرية، عنوانها “يوم جديد صنع السعد” تناولت موضوع مغربية الصحراء والوحدة الوطنية والإفريقية. بعد ذلك دعا رئيس الجلسة جميع الحاضرين إلى حفل شاي وزيارة معرض الكتب والمنشورات، التي أصدرتها جمعية الشيخ ماء العينيين للتنمية والثقافة.
وعلى الساعة الثانية عشرة والنصف ابتدأت أشغال الجلسة العلمية الأولى التي استمرت حتى الساعة الثانية والنصف زوالا، والتي ترأسها عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير الأسبق الأستاذ حسن بنحليمة، وشارك فيها كل من: الأستاذ الدكتور سليمان بحاري، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية باكادير بمحاضرة علمية عنوانها: “صورة أفريقيا لدى الرحالة المغاربة”، تتبع فيها ملامح هذه الصورة من خلال قراءة متون تناولت كلا من رحلة الشريف الإدريسي ورحلة ابن بطوطة ورحلة ابن خلدون. والأستاذ الدكتور عبد الله عثمان بيتي، الأستاذ بكلية غامبيا ببانجول في غامبيا، بمحاضرة علمية عنوانها: “الرحلات المغربية ودورها في ازدهار الحركة الثقافية بين المغرب والدول الإفريقية”، بين فيها دور الرحلات المغربية في ازدهار الحركية الثقافية بين المغرب وبين الدول الإفريقية. والأستاذ الدكتورعبد النبي محمد أحمد عبيد، الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الوادي الجديد في القاهرة بمصر، بمحاضرة علمية عنوانها: “أدب الرحلات وحوار الثقافات الإفريقية”، بين فيها العمق الثقافي في الرحلة العبدرية؛ حيث تم رصد الثقافي السياسي، والثقافي العمراني، والثقافي الديني، والثقافي الاجتماعي؛ مما جعل رحلته تعطي تصورا كاملا وشاملا لصراع الثقافات المتنوعة والمختلفة، التي تمثل صورة واضحة للآثار الثقافية في أدب الرحلات. والأستاذة الدكتورة لطيفة شراس الأستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية باكادير، بمحاضرة علمية عنوانها: “النص الرحلي مصدر التواصل الحضاري بين المغرب وبلدان غرب إفريقيا”، بينت فيها أن النص الرحلي، يعتبر مصدرا لتاريخ التواصل الحضاري بين المغرب وبلدان غرب إفريقيا، من خلال مجموعة من النماذج والنصوص، وفق مقاربة تركيبية هدفها إبراز القيمة العلمية والمعرفية والمنهجية لهذا النص في التأريخ للتفاعل والتثاقف الحضاري العام. والأستاذ الدكتور إبراهيم أزوغ، الأستاذ بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الأول بسطات، بمحاضرة علمية عنوانها: “دور الرحلة المعاصرة في تشكيل صور جديدة للمشترك الثقافي والحضاري، قراءة في الرحلة البهية إلى الجوهرة الإفريقية أيام مشرقة في وطن نيلسون مانديلا لمحمد محمد المعلمي”، حيث ابتدأ بقراءة في النصوص الرحلية لهذا الرحالة، مستأنفا التفكير في مقدمتها بسؤال قدرة هذا الشكل التعبيري على ملاحقة تحولات الإنسان في الزمان والمكان ونقل التمثلات عن الآخر والبحث في المشترك الثقافي والحضاري ومقاربة البنيات الجمالية للشكل الرحلي المعاصر وما يميزه عن التقليدي. والأستاذ الدكتور محمد جوف رئيس قسم التعليم بالمعهد الإسلامي بدكار في السنغال، بمحاضرة علمية عنوانها: “الرحلات المغربية إلى السنغال: دراسة في توجيه التأصيل الديني والثقافي والتجاري”؛ حيث قدم نبذة عن الرحلات المغربية وطرقها إلى السنغال وتأثير المغاربة في التوجه الديني والثقافي والتجاري في هذا البلد. وبهذه المحاضرة ختمت هذه الجلسة العلمية الأولى من جلسات هذا الملتقى العلمي والفكري.
وفي صبيحة يوم الأربعاء السادس نونبر، انطلقت أشغال الجلسة العلمية الثانية على الساعة التاسعة والنصف واستمرت حتى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، والتي ترأسها الدكتور ماء العينين النعمة علي، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير؛ وشارك فيها كل من: الأستاذ الدكتور عبد الرحمن محمد ميغا نائب رئيس الجامعة الإسلامية بنيامي في النيجر، بمحاضرة عنوانها: “السودان الغربي من خلال بعض كتب الرحلات المغربية والمصادر التاريخية السودانية”؛ ركز فيها على المصادر التاريخية التي تطرقت للسودان الغربي بالدراسة، وكذا بعض العادات والتقاليد من خلال كتب الرحلات في هذه المنطقة؛ مبينا في الأخير بعض الجوانب المشتركة الدينية والعلمية بين المغرب والسودان الغربي. والأستاذ الدكتور بوشعيب الساوري، الأستاذ بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الأول في سطات بمحاضرة عنوانها: “مظاهر التشابه والاختلاف بين تمبكتو والمغرب في القرن 18 من خلال رحلة التاجر المغربي عبد السلام الشباني؛ تناولت اشتغال المقارنة في رحلة هذا التاجر، انطلاقا من مبدأ تقريب المجهول بالمعلوم، وبين كيف اشتغلت المقارنة من خلال مستويين: المقارنة بالتشابه والاختلاف على عدة مستويات اقتصادية وإدارية ومعمارية وثقافية. والأستاذ محمد الحضرامي المعلوم الباحث بنواكشوط في موريتانيا بمحاضرة عنوانها: “المعطيات الجغرافية والبيئية في رحلة الشيخ الطالب أخيار للساقية الحمراء” توقف فيها عند المعطيات الجغرافية والبيئية في هذه الرحلة من خلال رصد حديثها عن التضاريس والمناخ والمياه والنباتات والمعادن. والأستاذ الدكتور لانسي حسن عثمان، الأستاذ بجامعة أبوجا الفدرالية في نيجيريا، بمحاضرة عنوانها: (البعد الاجتماعي في الأدب الرحلي، قراءات في رحلة “من الورن إلى تمبكتو”) للدكتور مشهود محمود جمبا؛ تحدث فيها عن الأبعاد الاجتماعية المختلفة في المناطق التي مر بها هذا الرحالة وهو يجوب تلك المناطق. والأستاذ الدكتور محمد آيت جمال، الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين سوس ماسة بأكادير بمحاضرة عنوانها: “الجنوب المغربي من خلال رحلة ليبولدياني”، هذا الرحالة، الذي أنهى رحلته سنة 1850م وقطع المسافة ما بين سان لوي وموكادور، فجمع الكثير من المعلومات مكنت فرنسا من التعرف على الخصائص الاجتماعية والطبيعية للمنطقة. وأشار إلى أن نص الرحلة تضمن الكثير من أحكام القيمة التي فضحت الخلفية السياسية للرحلة مما يستدعي الاحتراز عند اعتمادها في التأريخ. أما المحاضرة الأخيرة في هذه الجلسة فكانت للدكتورة إيمان محمد أحمد ربيع، الأستاذة بكلية الآداب في جامعة جرش بالأردن بمحاضرة عنوانها: «صورة المدن الأردنية والفلسطينية في رحلة ابن بطوطة”؛ ركزت فيها على صورة هذه المدن في رحلة هذا الرحالة المغربي، باعتماد منهج يجمع بين الوصف والتحليل.
وبعد استراحة قصيرة، انعقدت الجلسة العلمية الثالثة على الساعة الثانية عشرة والنصف واستمرت حتى الساعة الثانية والنصف زوالا، ترأستها الدكتورة كينكا ماريا ديفيني، الأستاذة بجامعة كورفينوس في بودابست بهنغاريا؛ وشارك فيها كل من الدكتورة لارا خالد، الأستاذة بالجامعة اللبنانية في بيروت، بمحاضرة عنوانها: “جدلية الإبداع بين أدب الرحلة والخريطة الأدبية”، تحدثت فيها عن العلم الحديث وأدب الرحلات والذكاء الاصطناعي، انطلاقا من نقل بعض الرحلات من كتاب “ليون الإفريقي” إلى البرنامج التكنولوجي Mapping the lake district 2011، ثم طرحت السؤال الإشكالي التالي: هل تغني الخريطة الأدبية في اللغة العربية وإبداع أدب الرحلات أم تفقد جزءا منه؟ وإذا كانت تغنيه فهل هذه الخريطة تقرب لوحة رسالة نص ليون الإفريقي المتكاملة أم لا؟. والأستاذة الدكتورة أماني محمد ربيع، الأستاذة بكلية الآداب في جامعة جرش بالأردن، بمحاضرة عنوانها: “الأندلس في عين ابن بطوطة”، أشارت فيها إلى أن للرحلة أهمية عظيمة عند القدماء امتدت حتى هذا العصر. وكان لها أثر في جميع جوانب حياة الإنسان، لتنتقل بعد ذلك إلى وصف الأندلس كما جاءت في رحلة ابن بطوطة. والأستاذة نزهة بنسعدون أستاذة باحثة بالرباط بمحاضرة عنوانها: “رحالة الغرب الإسلامي من خلال الكتب المخطوطة”؛ بينت فيها أنواع الرحلة من رحلة جغرافية وحجازية وسفارية وعامة. والأستاذ الدكتور مولاي علي السليماني، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال بمحاضرة عنوانها: “عجيب الارتشاف من غريب الاستكشاف في رحلة الحضيكي للحج والطواف – مناولة ثقافية “، قارن فيها بين رحلة ماء الموائد للعياشي ورحلة الحضيكي. والأستاذ عبد الله أمبي، الباحث بجامعة منسوتا – فرع السينغال بدكار، بمحاضرة عنوانها: “رحلات العلماء المغاربة وأثرها الديني والسياسي في المشرق العربي، رحلة ابن بطوطة نموذجا”، بين فيها تأثير ابن بطوطة السياسي والديني في بلدان المشرق العربي. والأستاذ الدكتور حسن كبوس، الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين – فرع الصويرة، بمحاضرة عنوانها: «صورة الآخر ونقل التحديث الأوروبي إلى إفريقيا، الرحلة الأندلسية الفيشية للحجوي الثعالبي أنموذجا” حلل فيها كيفية انتقال ذلك التحديث وصورة الآخر.
بعد هذه الجلسة انعقدت مباشرة الجلسة العلمية الرابعة، التي ترأسها الدكتور رشيد كناني، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، من الساعة الثانية إلى الساعة الثالثة والنصف زوالا، وشارك فيها كل من:الأستاذ الدكتور ماء العينين النعمة علي، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بآكادير بمحاضرة عنوانها: “القضايا العلمية والاجتماعية والدينية في رحلة الشيخ ماء العينين الحجازية”. بين فيها أهمية هذه القضايا مجتمعة في المتن الرحلي التي تدل على موسوعية المؤلف وكيف استثمرها في هذه الرحلة من خلال الوصف والاستشهاد. والأستاذ الدكتور عبد الرحيم عيسى دانتي، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة باماكو في مالي، بمحاضرة عنوانها: “الرحالة العرب في وصف البيئة المغربية الإفريقية، مملكة مالي أنموذجا” الذي أعطى وصفا شاملا لرحلات العرب عامة وابن بطوطة خاصة في كتاباتهم حول البيئة المغربية والإفريقية جنوب الصحراء في القرن الثامن الهجري والرابع عشر الميلادي. والأستاذ الدكتور عبد الحكيم سيد خليل الأستاذ بالمعهد العالي للفنون الشعبية، بأكاديمية الفنون في القاهرة بمحاضرة عنوانها: “عادات وتقاليد المصريين بمرآة الرحالة ابن بطوطة” سعى من خلالها إلى استجلاء عادات وتقاليد المصريين ومعتقداتهم، من خلال ما دونه الرحالة ابن بطوطة في كتابه “تحفة النظار”؛ كما رصد صورة المرأة المصرية، على مستوى خصوصية لباسها وتدينها والأدوار الوظيفية التي تقوم بها للحفاظ على النسيج الاجتماعي. ووصف أيضا العلم والعلماء وأهل التصوف والصلاح والبركة من الأولياء والأقطاب، وأصحاب الطرق ومقدميها. والباحث حسن سكران طالب باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس بمحاضرة عنوانها: “الروابط التاريخية بين المملكة المغربية ونيجيريا الاتحادية” قدم فيها قراءة في كتاب مخطوط حول رحلة وزير صكتو ورئيس وزراء نيجيريا الشمالية إلى المغرب سنة 1963م؛ وسعى إلى إبراز جوانب من تلك العلاقة التي جاءت في صورة رحلة رسمية لوفد نيجيري إلى المغرب ولقائه بجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله موضحا فيها رمزية تلك الرحلة التي أتت في سياق استقلال الدول الإفريقية وسعيها إلى إنشاء تكتل إفريقي وتعميق أواصر العلاقات بين البلدين. وبهذه المحاضرة ختمت الجلسات العلمية لهذا اليوم.
وعلى الساعة السادسة مساء توجه جميع المشاركين في الملتقى إلى زاوية الشيخ ماء العينين بمدينة تيزنيت واستمعوا إلى كلمات تعرف بهذه الزاوية وبمؤسسها الكبير العلامة الشيخ ماء العينين وبدوره الطلائعي في ازدهار الحركة العلمية والفكرية في المنطقة الجنوبية والمغرب عامة من خلال مؤلفاته في مختلف الفنون العلمية. كما عرف بجهاده ضد المستعمر الأجنبي الذي امتد لسنوات طويلة وبعلاقاته مع مختلف علماء وأدباء وشعراء مناطق المغرب والعالم العربي والإسلامي والإفريقي. وبعد نهاية هذه الزيارة وعلى الساعة الثامنة التحقت وفود ملتقى تزنيت الدولي للثقافات الإفريقية بمقر عمالة إقليم تزنيت للاستماع إلى الخطاب السامي، الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة؛ بعدها نظم عامل صاحب الجلالة على الإقليم حفل شاي على شرف المدعوين ومأدبة عشاء فاخرة بمقر إقامته.
وفي صبيحة يوم الخميس السابع من شهر نونبر، افتتحت أشغال الجلسة العلمية الخامسة والأخيرة، على الساعة التاسعة والنصف واستمرت حتى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا التي ترأسها الدكتور مولاي على السليماني الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال، وشارك فيها كل من: الأستاذ الدكتور محمد الرابع أول سعد، أستاذ بجامعة بايرو بكنو في نيجيريا بمحاضرة عنوانها: “تنقل العلماء التاريخي وكيفية استخدامه في تنمية العلاقة الثقافية المغربية الأفريقية حديثا”، تحدث فيها عن تنقلات العلماء الأفارقة والمغاربة وآثارها الثقافية والعلمية وكيفية استخدامه في تنمية العلاقة العلمية بين الجامعات في المغرب ونيجيريا وإفريقيا جنوب الصحراء. والدكتورة ميساء يوسف محمد، باحثة بكلية الدراسات الإنسانية، في جامعة الأزهر – فرع القاهرة بمحاضرة عنوانها: “مصر في ذهنية الرحالة المغاربة خلال القرن السادس للهجرة والثاني عشر للميلاد، المتخيل والواقع”؛ التي استكنهت من خلالها غوامض الأوضاع الحضارية وقتئذ. والأستاذ الدكتور عبد الوهاب شعيب موري أستاذ بجامعة العلوم والتربية في كتونو ببنين، بمحاضرة عنوانها: “رحلة الطلبة الأفارقة نحو جامعة القرويين في مواجهة تحديات العولمة الثقافية وتعزيز الحضارة الإسلامية” بين فيها دور جامعة القرويين على مر العصور في خلق إشعاع ثقافي له استمراريته في الوجود الإسلامي في القارة الإفريقية. والدكتور الباحث أحمد سمير حامد مليك، طبيب باحث بالقاهرة، بمحاضرة عنوانها: “الاضطرابات الدموية في المشرق الإسلامي خلال العصور الوسطى، تحليل تاريخي وطبي من خلال روايات الرحالة المغاربة”، وضح فيها الأمراض الخاصة بالدم في العصور الوسطى.
وبعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال الجلسة الختامية، على الساعة الثانية عشرة واستمرت حتى الساعة الواحدة والنصف زوالا، التي ترأسها الدكتور مولاي علي السليماني، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال، الذي شكر كل من أسهم في إنجاح هذا المحفل وهذا العرس العلمي البهيج، ثم ألقى بعده الدكتور عبد الوهاب شعيب موري الأستاذ بجامعة العلوم والتربية في كتونو ببنين كلمة باسم الباحثات والباحثين، بمناسبة اختتام هذا الملتقى وجه فيها الشكر إلى الجهات المنظمة لهذه التظاهرة العلمية الفريدة. ثم ألقى الدكتور ماء العينين النعمة علي كلمة باسم إدارة الملتقى وإدارة جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة؛ وجه فيها الشكر إلى كل المساهمين والداعمين في إنجاح هذا الملتقى العلمي الدولي الكبير المتميز. بعد ذلك قرأ الشاعر عبد الرحيم عيسى دانتي قصيدة شعرية من نظمه عنوانها “صفحة الترحيب”؛ وقرأ الشاعر المعلوم الحضرام قصيدة شعرية شكر فيها كل من أسهم في تنظيم هذا الملتقى. وختمت هذه الجلسة الأخيرة بقراءة نص البرقية المرفوعة إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده؛ تلاها الدكتور ماء العينين النعمة علي رئيس جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة. تم بعدها توزيع شهادات المشاركة على الأساتذة والباحثين المشاركين في الدورة العاشرة لهذا الملتقى. ثم تم الإعلان عن انتهاء أشغال هذا الملتقى العلمي البهيج بالتقاط صور تذكارية جماعية في مقر قاعة العروض بفندق إدو تيزنيت.
تقرير من إعداد: الأستاذ عبد الجبار الغراز