مهرجان خطابي حاشد بالسمارة للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير

بعد مدينة العيون، كانت مدينة السمارة العاصمة العلمية للأقاليم الجنوبية للمملكة، أول أمس الأربعاء، على موعد مع مهرجان خطابي حاشد، أشرفت عليه المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وعشرات من المواطنين، في إطار برنامج خاص بمناسبة تخليد الذكرى الـ 65 لمعركة الدشيرة، والـ 47 لجلاء أخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو البرنامج الممتد من يوم الثلاثاء 28 فبراير إلى  يوم أمس الخميس 2 مارس 2023، ويهم أقاليم العيون والسمارة وبوجدور.

وافتتح المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، هذا المهرجان الخطابي، بالتأكيد على أن هذين الحدثين، يجسدان معا محطتين بارزتين ووازنتين ووارفتين في سجل تاريخنا الوطني الزاخر بالأمجاد وروائع الكفاح الوطني والنضال المستميت، الذي خاض غماره العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي بالتحام وثيق وترابط متين من أجل استكمال حلقات مسلسل الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية المقدسة.

وأضاف، أن تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة، يتميز بصفحات مشرقة عديدة وأياما خالدة مشهودة زاخرة بالقيم والمعاني والعبر التي يجدر بالناشئة والأجيال الحاضرة والصاعدة الاغتراف من معينها لما ترمز إليه من دلالات عميقة تجسد انتصار إرادة العرش والشعب والتحامهما الوثيق دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.

وأوضح المندوب السامي للمقاومة، أن تاريخ الكفاح الوطني حافل بأمجاد وروائع بالنسبة للأقاليم الصحراوية المغربية على وجه عام ولحاضرة السمارة العريقة على وجه خاص، بمعالم ومنارات وضاءة وصفحات مشعة في كتب التاريخ  الشاهدة على قوة الصمود والاستماتة التي أبان عنها أبناء  هذه الربوع الأبية، حينما هبوا فرادى وجماعات لمواجهة وصد أولى محاولات التغلغل الاستعماري في السواحل المغربية.

 فمنذ ذلك الحين، يضيف المندوب السامي للمقاومة، اصطف أبطال ومجاهدو الأقاليم الجنوبية خلف الشيخ ماء العينين الذي أسس رباطا للجهاد والمقاومة بحاضرة السمارة الشامخة لمواجهة المد الاستعماري الغاشم المتربص بأرض المغرب، برا وبحرا، بعد أن بسط نفوذه على إمارتي الترارزة والبراكنة في الشمال الموريتاني.

كما أكد أيضا، أن أبناء هذه الربوع الأبية من آل الشيخ ماء العينين والركيبات والعروسيين وآيت يوسى وغيرهم من أحرار وحرائر المنطقة، تفاعلوا  مع جل الملاحم البطولية والانتفاضات الشَّعبية التي قادتها الحركة الوطنية منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، والانتفاضات العارمة والمظاهرات الحاشدة والعمليات الفدائية التي اجتاحت سائر ربوع الوطن بعد إقدام سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب على نفي رمز الأمة والسيادة الوطنية جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف وإبعاده عن عرشه وشعبه ووطنه في 20 غشت 1953م.

 وأشار في هذا الصدد، أن هذه العمليات البطولية التي اتسع مجالها وتقوى إيقاعها وتأثيرها تعززت بانطلاقة عمليات جيش التحرير ليلة فاتح وثاني أكتوبر من سنة 1955م بمناطق الشمال وبالجهة الشرقية من الوطن، وتكللت ملحمة ثورة الملك والشعب المباركة بعودة بطل التحرير والاستقلال والوحدة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955م، لتليها ملحمة الجهاد الأكبر في أفق بناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال والوجود الأجنبي.

وعرج المندوب السامي للمقاومة في كلمته، على انطلاقة عمليات جيش التحرير بالجنوب المغربي سنة 1956م لاستكمال تحرير ما تبقى من الأجزاء المغتصبة من التراب الوطني، حيث أشار في هذا الإطار، أن جيش التحرير خاضت فرقه معارك ومواجهات ضارية ضد قوات المستعمر الغاشم المدججة بأحدث الأسلحة المتطورة والفتاكة والمعززة بسلاح الطيران والمدافع الثقيلة، وأن هذا الجيش الجرار بمعداته المتطورة، لم ينل من العزيمة الراسخة والإرادة الصلبة  لرجال ونساء وهبوا أنفسهم وأموالهم في سبيل عزة الوطن وكرامته.

واعتبر المندوب السامي، أن هذه المواقف الثابتة ثبوت الجبال الراسيات والايمان القوي والراسخ بعدالة قضيتهم، هو السلاح الذي واجه به هؤلاء الصادقين المخلصين قوات الاحتلال،  فكان النصر حليفهم في مواطن ومواقع كثيرة، كمعركة أم العشار ومركالة والسويحات سنة 1956 والروضة والرغيوة ووادي الصفا والسمارة سنة 1957م، ومعركة سيدي أحمد العروسي سنة 1958م، ومعركة الدشيرة في مستهل سنة 1958م، والتي وقعت بعد أيام قلائل من زيارة الوحدة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان في 25 فبراير 1958م، والتي أكّد جلالته في خطابه التاريخي بها على حق المغرب في كل شبر من أراضيه بحكم المشروعية والروابط التّاريخية التي تجمع  ملوك الدوحة العلوية برعاياهم في الأقاليم الصحراوية المغربية. وبفضل ذلك، يضيف المتحدث،  تمكن المغرب من استرجاع منطقة طرفاية إلى حضن الوطن في 15 أبريل 1958م، واستعادة مدينة سيدي افني في 30 يونيو 1969م بدبلوماسية متبصرة ومتزنة من العاهل المغربي المغفور له الملك الحسن الثاني.

وأكد المندوب السامي للمقاومة، أن  تخليد الذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن أقاليمنا الجنوبية المسترجعة،  هو مناسبة  للتأمل والتدبر وفسحة لتنوير أذهان الناشئة والأجيال الجديدة بما تطفح به من دروسٍ بليغةٍ وعبرٍ ثمينةٍ تدعو للتحلي بقيم المواطنة الايجابية وشمائل الوطنية الصَّادقة، حتى يَشِبَّ الخلفُ على هَدْي السّلف، ويضطلع رجالُ ونساءُ اليوم والغد بأدوارهم على الوجه المطلوب والمأمول في ملاحم الجهاد الأكبر ومسيرة العهد الجديد الَّتي يحملُ مشعلها بكلِ عزمٍ وإيمان وحنكةٍ واقتدار وبعد نظر جلالة الملك محمد السادس الذي لا يألو جهداً ولا يدّخرُ وسعاً في سبيل الارتقاء بالمغرب وإعلاء صروحه بين الشُّعوب والأمم، وإنجاز المشروع المجتمعي الحداثي والدِّيموقراطي والتَّنموي وتأهيل البلاد لمواجهة ورفع تحديات الألفية الثّالثة وكسب رهانات التّنمية الشّاملة والمستدامة والمندمجة.

وذكر  بالمناسبة، بأن أسرة المقاومة وجيش التحرير تجدد موقفها الثابت من المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصّحراوية في ظل السيادة الوطنية، وهو المقترح الحكيم والوجيه والواقعي، في نظره الّذي يحظى بدعـم واسع من المنتظم الأممي وينسجم مع القانون الدُّولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة، وثمن عاليا الاختصاص الحصري لهذه الأخيرة ولمجلس الأمن الدولي في رعاية المسار السِّياسي لملف وحدتنا التُّرابية.

 وعرج بالمناسبة، على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة المقدم إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، الذي صرح فيه أن جبهة البوليساريو الانفصالية لا تتمتع بأي صفة قانونية لدى منظمة الأمم المتحدة وأن الجمهورية الجزائرية الداعمة لهذه الجبهة الانفصالية طرف أساسي في النزاع المفتعل.

كما ثمن المندوب السامي عالياً ما ورد في الخِطاب الملكي السَّامي بمناسبة الذِّكرى 47 للمسيرة الخضراء المظفرة والّذي حمل إشارات قوية ورسائلَ بليغة حول قضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة التُّرابية,

وعن حديثه عن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، قال مصطفى الكثيري، أن هذه الأخيرة لا تدخر جهدا ولا تألو وسعا، من أجل التعريف بأمجادنا التاريخية وتسليط الأضواء على ملحمة الاستقلال ونضالاتها وبطولاتها، وتوثيق وتدوين مضامينها وإبراز دلالاتها وتكريم رموزها وأعلامها، وإشاعة رسائل وقيم الوطنية الحقة والمواطنة الإيجابية، في صفوف الناشئة والأجيال الجديدة لتتمسك بأقباس هذه الملحمة الخالدة والذود عن ثوابت الأمة ومقدساتها.

وفي إطار الوفاء والبرور والعرفان برجالات المغرب الأبرار الذين أخلصوا للوطن وأسدوا وضحوا ذودا عن حريته واستقلاله، أعلن المندوب السامي عن تكريم 08 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وهم من صفوة أبناء هذه الربوع المجاهدة، والذين قال فيهم ” يحق لنا اليوم أن نقف لهم وقفة إكبار واعتزاز لما برهنوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والإيثار ونكران الذات سيحفظها لهم التاريخ بمداد من الفخر والإعجاب”، ويتعلق الأمر ب،المقاومين المرحومين، يحضيه أصكام، عبيد فركيت، أمبارك باكي،محمد فاضل الحمودي،مولاي الحبيب توتاي، سيدي محمد ابعي،مولاي أحمد الشرقي، و حمة شرمهة.

وإلى جانب التكريم المعنوي، أشار المندوب السامي، إلى  أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تحرص على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم، عرفانا بما أسدوه خدمة للوطن، وتعدادها 71 إعانة بغلاف مالي إجمالي قدره 197.997 درهم، موزعة على الشكل التالي:

*(02) إعانتان ماليتان على السكن، بمبلغ اجمالي قدره 30.000 درهم؛

*(01) إعانة مالية على إحداث مشروع اقتصادي، بمبلغ اجمالي قدره 29.997 درهم؛

*(03) إعانات مالية برسم واجب العزاء، بمبلغ مالي اجمالي قدره 8.000 درهم؛

*(65) إعانة مالية كإسعاف اجتماعي، بمبلغ اجمالي قدره 130.000 درهم.

وفي ذات السياق، وتفعيلا لاتفاقية التعاون والشراكة  بين المندوبية السامية لقدماء وأعضاء جيش التحرير ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية للمملكة استفاد تسعة مشاريع لأبناء وبنات المقاومين بالسمارة، بغلاف مالي إجمالي قدره  590 398 00 درهم كدفعة ثالثة.

مبعوث بيان اليوم إلى العيون: حسن عربي

 تصوير: حكيم مغراوي

Top