هؤلاء العباقرة الذين ننظر لهم من بعيد كأنهم كائنات خارقة، وهبت قوة غير عادية تجعلهم يشقون طريقهم للنجاح والإبداع بكل سلاسة، تحوطهم نظرات التقدير من الجميع ولا يعرفون الإحباط أو الفشل.
عندما تبحث في سير ذاتية للعظماء والمبدعين، ستجد أنها مليئة بالتحديات، لم يولد أحدهم وهو يحمل جينات في رأسه تختلف عن باقي البشر.. كانت ميزتهم فقط الفضول والمثابرة.. منهم ظل يبحث ويجرب، ومنهم من كانت إعاقة مثل العمى والصمم دافعًا له نحو تحقيق المستحيل… لكل منهم قصة وحكاية، تعالوا بنا نتعرف عليها ونستلهم منها.
*جورج برنارد شو George Bernard Shaw
آرثر آشر ميلر هو واحدٌ من أعظم الكتّاب المسرحيين الأمريكيين في القرن العشرين. حظي عمله باحترامٍ شديد في الدائرة الأدبية لشفافيته وصرامته.
نبذة عن آرثر ميلر
وُلد ميلر وترعرع في نيويورك في عائلةٍ غنية، ولكن سرعان ما فقد والده أمواله أيام انهيار وول ستريت عام 1929، فكان على ميلر النضال من أجل إعالة أسرته وإكمال دراسته كذلك.
ارتاد جامعة ميشيغان حيث كوفئ على عبقريته الأدبية بجائزة أفري هوبوود. بدأ إنتاج وتجسيد مسرحياته منذ أربعينيات القرن الماضي حتى عام 2010. وكانت المسرحية الأكثر نجاحا في حياته هي “موت بائع متجول The Death of a Salesman” والتي منحته جائزة توني وجائزة بوليتزر.
تزوج ثلاث مرات، زواجٌ من هذه الزيجات كان من الممثلة مارلين مونرو. حيث كانت علاقتهما مضطربة طوال فترة زواجهما بسبب نمط حياة مونرو. بعد وفاتها اتضح أن الكثير من أعماله مستوحاةٌ من تجاربه معها مثل “ما بعد السقوط After The Fall”.
بعض مسرحيات ميلر مثل “موت بائع متجول” و “البوتقات” عُرض على الشاشة. توفي ميلر وهو على علاقةٍ مع امرأة بنصف عمره وهي أغنس بيرلي.
بدايات آرثر ميلر
وُلد آرثر ميلر في هارلم، نيويورك. والداه هما إيزيدور وأوغستا ميلر. كانت عائلته عائلةً مهاجرة يهودية بولندية، ووالده رجل أعمال غني يتمتع باحترامٍ كبيرٍ في المجتمع. لكن سرعان ما فقد والده كل شيء خلال انهيار وول ستريت في عام 1929 وكان على الأسرة الانتقال من مانهاتن إلى بروكلين. فتوجب على ميلر القيام بما يستطيع للتكفل بتكاليف الدراسة في الكلية.
ارتاد ميلر جامعة ميشيغان لدراسة الصحافة، وعمل خلال دراسته كمراسلٍ ومحررٍ ليلي في جريدة ميشيغان اليومية. لكن سرعان ما حوّل تخصصه إلى الأدب الإنجليزي.
كتب أول مسرحية له “لا شرير No Villain” بينما كان لا يزال في الجامعة. وفاز بجائزة أفري هوبوود عنها، وهذا ما جعله يتوجه في مسيرته إلى كاتبٍ المسرحي.
تخرج من كلية اللغة الإنجليزية، وبعد الجامعة مباشرةً التحق بمشروع المسرح الاتحادي من أجل الحصول على وظيفةٍ في المسرح. انضم إلى ساحة بروكلين البحرية واستمر في كتابة مسرحيات الراديو لإذاعة CBS.
إنجازات آرثر ميلر
في عام 1940، نشر مسرحيته “الرجل الذي ملك كل الحظ The Man Who Had All the Luck” وعُرضت في ولاية نيو جيرسي. حصلت المسرحية على جائزة نقابة المسرح الوطنية. لم تُمثل المسرحية لفترةٍ طويلة وتم التوقف عن عرضها بعد عدة عروض.
في عام 1946، لاقت مسرحية “كل أبنائي All of My Sons” نجاحًا في برودواي. وحصل ميلر على جائزة توني عن فئة أفضل مؤلف عن هذه المسرحية، وهي ما جعله كاتبًا مسرحيًا معروفًا. وفي عام 1948، شيّد ميلر استوديو صغير لنفسه في كونيتيكت. بدأ بكتابة “موت بائع متجول Death of a Salesman” هناك، وانتهى منها بشكلٍ نهائي في غضون بضعة أسابيع، لتصبح هذه المسرحية واحدةً من كلاسيكيات الأدب.
في عام 1949، تم تجسيدها في مسرح موسكو، ولاقت نجاحًا سريعًا. حصل ميلر على جائزة توني، جائزة بوليتزر وجائزة نقاد الدراما في نيويورك. وفي عام 1953، عُرضت مسرحية ميلر “البوتقة The Crucible”، والتي حملت فكرة أن لجنة الأنشطة غير الأمريكية مرتبطة بصيد السحرة في مدينة سالم، تم تمثيلها على مسرح Neck. وحُوِّلت أيضًا إلى عرض أوبرا.
في عام 1956، تم تنفيذ “منظر من الجسر A View from the Bridge” على مسرح برودواي، وهي مسرحيةٌ شعريةٌ عُرضت مع واحدةٍ من مسرحياته الأخرى والتي تحمل اسم “ذكرى يوميّ إثنين A Memory of Two Mondays”.
في عام 1961 أُطلقت مسرحية “المختلون The Misfits” من بطولة زوجته السابقة والممثلة المعروفة مارلين مونرو. وكتب ميلر النص للفيلم الذي يحمل نفس الاسم. وقد قال ميلر أن تجربة تصوير الفيلم بأكملها كانت مرحلةً سيئةً في حياته.
في عام 1964، أُنتجت مسرحيته “بعد السقوط After the Fall”، ويُقال أن المسرحية تنطوي على تجارب ميلر الشخصية خلال زواجه من الممثلة مارلين مونرو. وفي عام 1965، أسّس ميلر الاتحاد الدولي للكتاب المسجونين، وانتُخب رئيسُا له عام 1965، واستمر في المنصب لأربعة أعوام، وقام بتنظيم مؤتمرٍ له في مدينة نيويورك.
في عام 1968، إضافةً لعمله لصالح الاتحاد، كتب مسرحيةً بعنوان “الثمن The Price” والتي عُدّت أنجح مسرحياته بعد فترةٍ طويلةٍ جدًا. وفي عام 1970، بدأ ميلر في اختبار إبداعه وأنتج مسرحيات مختلفة عن كتاباته السابقة، فكتب مسرحيات مثل “الشهرة والسبب Fame and The Reason Why” “في الريف” و”صدامات صينية” و”الصعود من الجنة”…
في عام 1978، خرج ميلر بمجموعةٍ من الأعمال سماها “مقالات المسرح” والتي شرحها بنفسه، وقام بتحريرها روبرت أ. مارتن. الذي قدّم مسرحياته بتفسيره الخاص. وفي عام 1983، عُرضت مسرحية “موت بائع متجول” في مسرح الفنون الشعبية في الصين. فكتب عملًا آخر يسمى “بائع في بكين”، يستذكر تجاربه فيها وثقافتها.
في عام 1987، أصدر سيرةً ذاتيةً بعنوان “Timebeds”، وفيه تحدث عن مارلين مونرو وزواجه منها وكل المشاكل بينهما بالتفصيل.
خلال فترة التسعينيات كتب ميلر جملةً من الأعمال الجديدة مثل “الكل رابحون” عام 1990 و”السنوات الذهبية” عام 1990 و”الزجاج المكسور” عام 1994 و”اتصالات مستر بيتر”. وفي تلك الفترة تم تقديم مسرحيته “البوتقة” على الشاشة.
في عام 2004، افتتح ميلر مسرحيته “إنهاء الصورة Finishing the Picture'”في مسرح غودمان، شيكاغو. كانت المسرحية تقوم على علاقته مع زوجته أغنس بيرلي وتجاربه في العمل مع مارلين مونرو.
في عام 1940، تزوج من ماري غريس سلاتيري وحظيا بطفلين، جين وروبرت. استمر الزواج لستة عشر عامًا، ليهجر زوجته بسبب علاقته بالممثلة مارلين مونرو.
في عام 1962، تزوج ميلر المصورة المحترفة إنجي موراث وأنجبا طفلان، ريبيكا ودانيال. وبقيا متزوجين حتى وفاتها.
في عام 2004، أعلن ميلر للعامة حبه لرسامةٍ عمرها 34 عامًا واسمها أغنيس بيرلي. وكان هو بعمر 89 سنة في ذلك الوقت. كانا ينويان الزواج، ولكن الأمر لم يتحقق بسبب معارضة ابنته ريبيكا لعلاقتهما.
وفاة آرثر ميلر
في عام 2005، توفي ميلر بعد معاناةٍ من السرطان، في كونيتيكت. كان سبب الوفاة فشل القلب والتهابٍ رئوي. دُفن رفاته في مقبرة مركز روكسبوري بروكسوري.