أصحاب المقاطعة

والمغرب على بعد أسابيع قليلة من احتضان النسخة الخامسة لكأس أفريقيا للمحليين في كرة القدم، خرجت دعوات مقاطعة هذا الحدث الرياضي الذي كرس بالفعل ريادة كرة القدم الوطنية على الصعيد القاري، تنظيميا، وتقنيا، وحضورا جماهيريا.

صدرت دعوات مقاطعة من بعض الالترات ونفذت، وغاب صوت الجمهور الذي تعودنا عليه في المباريات الكبيرة، يحضر بكثافة، يشجع بلا هوادة، يشعل المدرجات، ويضفي أجواء احتفالية على المباريات، هذا الجمهور المثالي كنا نتمنى أن يحضر كالعادة، إلا أن حسابات خاصة جعلته يتخلف للأسف عن الموعد. 

تخلف عن موعد لا يتكرردائما، وأضاع بالتالي فرصة كبيرة لإظهار قيمة هذا الجمهور الذي تعودنا على حضوره، وكثيرا ما نال منا كل عبارات التقدير والإعجاب، وكان من الممكن أن يساهم من جانبه في نجاح حدث تستضيفه بلادنا، لكن كانت المقاطعة السلبية لحدث قاري بإبعاد دولية.

موقف الالترات غير المبرر، قوبل باجتهاد من طرف المنظمين، وكانوا على حق ونجحوا في التعويض، إذ كانت المدرجات مملوؤة في كل مباريات المنتخب المغربي المتوج، كما أن مدينة طنجة،وهى تحتضن مباريات المجموعة الثانية اجتهدت في ضمان حضور جمهور نوعي مشكل من الطلبة الأفارقة ورواد النوادي والمنتمين للجمعيات، وغيرها من الحلول التي أعطت أكلها. 

نجاح المنظمين في إفشال قرار المقاطعة أشادت به الكاف نفسها، بعد أن حطمت المباريات أرقام النسخ السابقة، فلم يظهر هناك التأثير، مع أننا كنا صراحة ننتظر أن يبرز جمهور الكرة حضوره وقيمة تنظيمه وتشجيعه المثالي.

موقف مسؤولي الالترات ليس له ما يبرره، وغير مستساغ نهائيا، خاصة بعد دخول المواقف مجال المساومة، ومحاولة فرض الأمر الواقع والنظرة الأحادية الجانب، وعدم الاكتراث بالمصلحة العامة.

مثل هذا السلوك غير مقبول تماما في الثقافة الرياضية أساسا، فوجود الالترات مرتبط أصلا بالفعل الرياضي وقيمة المنتوج، والجميع يعرف أن هناك موارد مالية مهمة تقدر بالملايين يستفيد منها مباشرة أصحاب الالترات من وراء عمليات تجارية تمر بالسوق السوداء، إلا أنه من غير المقبول أن “تأكل النعمة وتسب الملة”.

فتواجد الالترات مرتبط بالفعل الرياضي أساسا، وهذه الكيانات تحولت إلى وسيلة للكسب السريع، كسب تأتي بفضل تواجد أندية ولاعبين ومجموعة من المكونات لها ارتباط ودور أساسي في المعادلة، من هذا المنطلق يجب أن نتعامل ويجب احترام دور كل جهة بما في ذلك الهاجس الأمني وأهمية الحفاظ على أمن واستقرار المواطن.

فالجانب الأمني لا خلاف عليه، حتى ولو تم توقيف النشاط الرياضي بالمرة، إذا كان الأمر يهدد سلامة المواطنين، ومسؤولي الالترات يجب أن يستوعبوا هذا الأمر، دون مزايدة ولا مبالغة في الحسابات الخاصة.

نعم، للجمهور الرياضي الذي يحضر ليشجع، ويحتج بطرق حضارية ويساهم في تنمية القطاع، لكن لا لكل من يسعى لتحويل الجمهور إلى وسيلة للمساومة المزايدة والمنفعة الخاصة.

محمد الروحلي

Related posts

Top