الأقرع .. خرج لسد رمق أطفاله فعاد شهيدا

بكلمات ممزوجة بالبكاء، تقول الطفلة ميس الأقرع «7 أعوام» إنها لم تر والدها منذ أربعة أيام بعد خروجه ليجلب لها ملابس جديدة للمدرسة، كما وعدها.
تلك الكلمات البسيطة وقعت كالنار في قلب المجتمعين بمنزل عائلة الأقرع بعد سماعهم خبر استشهاده بقصف استهدف نفقًا تجاريًا على الحدود مع مصر، فأجهشوا بالبكاء.
وتمكنت الطفلة أخيرًا من رؤية والدها، لكنه كان ممددًا بلا حراك، فقد نُقل إلى منزله بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة لإلقاء نظرة الوداع عليه قبيل دفنه، وكأنه يعتذر من طفلته على عدم تلبية طلبها.
واستشهد محمد الأقرع (38عامًا) برفقة زميله حسام الصوفي (24عامًا) وأصيب آخرون، فجر الخميس، بقصف جوي إسرائيلي، لنفق تجاري في الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة.
وأفاد شهود عيان، بقصف طائرة دون طيار فوهة نفق تجاري يختص بإدخال البضائع إلى غزة، يمتد بين رفح الفلسطينية والمصرية، ما تسبب باستشهاد العاملين وإصابة آخرين.
سعيًا للرزق
وأصرّ الشهيد الأقرع على مواصلة عمله بالنفق التجاري منذ أربعة أيام رغبة منه في تأمين قوت أسرته التي نهشها الفقر والبرد؛ لكنه لم يكن يعلم أن وعده بتناول طعام غداء الجمعة مع أسرته لن يُنفذ.
وبدموع حارقة تقول زوجته «نجلاء»، التي كانت محاطة بنسوة يبكين، إن زوجها الشهيد قرر عدم ترك عمله؛ حتى يحصل على أجرة تُمكنه من توفير متطلبات بيته.
واستأجر الأقرع لعائلته بيتًا في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، للسكن فيه بشكل مؤقت، نظرًا لعمله في تلك المحافظة، ولتوفير نفقات المواصلات اليومية، إذ كان مضطرًا لقطع نحو 40 كيلومترًا في كل مرة يود فيها الذهاب إلى عمله.
وتضيف «رحل زوجي عن هذه الحياة في وقت أنا وأطفالي بأمسّ الحاجة إليه. لا معيل لنا إلا هو، ونعيش بظروف قاهرة ببيتنا في غزة».
ولدى الشهيد الأقرع أربعة أطفال، يعيشون مع أمهم في بيت من «الصفيح» يفتقد أدنى مقومات الحياة، ولا تبدو معالم للمطبخ أو دورة المياه داخله، ولا يوجد به فرش.
وتتابع «قررت وزوجي استئجار بيت برفح ليكون أقرب على عمله، ويقينا من البرد، وفور تكوين المبلغ المطلوب نرمم بيتنا في غزة».
ظروف قاهرة
ويلفت شقيقه محمود الاقرع (27عامًا) إلى أن السبب الرئيس الذي دفع شقيقه للعمل بأنفاق البضائع هو الظروف القاهرة، وعدم حصوله على أي فرصة عمل توفر له الدخل الكريم.
ويضيف بحسرة «شقيقي طرق جميع الأبواب، لم يساعده أحد. كنا نساعده بما تيسر بين الفينة والأخرى، لكن حياته كانت بالنسبة له كالجحيم».
ويذكر الأقرع أن منزل شقيقه غير صالح للحياة الآدمية، بينما لا تستره وأسرته مساعدات الجمعيات الخيرية.
ويعمل الشهيد الأقرع في الأنفاق التجارية منذ 4 أعوام، على فترات متقطعة وفق رغبة صاحب العمل.
ويشير الأقرع إلى أن شقيقه كان يبيع السجائر قبل لجوئه للعمل بالأنفاق؛ لكنها لم تكن توفر له دخلًا يسد رمق أطفاله.
واستشهد عدد من الفلسطينيين العاملين بالأنفاق التجارية على مدار سنوات الحصار التي تخطت 11 عامًا، أثناء سعيهم في توفير قوت أطفالهم، فيما أصيب العشرات بإصابات مزمنة.
غزة –وليد أبو سرحان

Related posts

Top