فاجأ القادة الخليجيون الكل بترحيبهم بانضمام مملكتي الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون، حيث جرى التأكيد بالنسبة للمغرب أنه «وبناء على اتصال مع المملكة المغربية ودعوتها للانضمام، فقد فوض المجلس الأعلى المجلس الوزاري لدعوة وزير خارجية المملكة المغربية للدخول في مفاوضات لاستكمال الإجراءات اللازمة لذلك».
وتأتي الخطوة الخليجية اللافتة، متجاوزة الركائز التي تقوم عليها التكتلات الإقليمية لحد الآن، مثل عامل القرب الجغرافي، والصيرورة التاريخية، ما يفتح المنطقة العربية برمتها على تطورات مهمة في المستقبل، إن على الصعيدين السياسي والاقتصادي أو على الصعيد الأمني والاستراتيجي.
وبالرغم من استمرار وجود العراق مثلا خارج منظومة التعاون الخليجي «بسبب طبيعة نظامه السياسي الحالي»، وبالرغم من كون اليمن الذي يتربع في محاذاة الفضاء الخليجي، لم يستجب لطلبه بالانضمام الكامل منذ التسعينات، فان الانتقال اليوم إلى الترحيب بانضمام المغرب «البعيد جغرافيا على كل حال»، يجعل الخطوة تطلعا من قادة البلدان الخليجية لإكساب اتحادهم طابع التكتل السياسي والاقتصادي القادر على القيام بدور أكبر على الصعيد الدولي، والتفاعل مع التطورات المتسارعة في المنطقة وفي العالم.
لا بد هنا من الإشارة إلى أن القمم الخليجية على الأقل حافظت على انتظامية انعقاد دوراتها، كما أن مجلس التعاون نجح في البقاء والاستمرار منذ تأسيسه في 1981، لكن اليوم جميع المراقبين ينبهون إلى أن التهديدات الخارجية (إيران مثلا)، والديناميات الشعبية المطالبة بالدمقرطة والانفتاح والإصلاح، جعلت هذه الدول الغنية بمواردها الطاقية أمام تحدي التغيير الداخلي، وبذلك، فان القرار المعلن عنه أول أمس قد يؤسس لتحول عربي مهم، ويمنح التكتل الخليجي فرصة لعب دور دولي أكبر، وربما يفتح له مخارج إقليمية تساعده على تدارك بعض القصور المسجل على مستوى المبادرات التنموية والاقتصادية الموحدة، والتي طالما شكلت موضوع انتقادات بداخل المجتمعات الخليجية نفسها.
بالنسبة للمغرب، الذي حافظ باستمرار على علاقات متينة مع بلدان الخليج وقطع علاقاته مع إيران منذ حوالي سنتين، فإن الانضمام، في حال نجاح المفاوضات بشأنه، سيمثل أفقا جديدا لخدمة مصالحه الاقتصادية وأوراشه التنموية وقضاياه الوطنية والسياسية، كما أنه سيمنح لمجلس التعاون أرضية لتقوية انفتاحه الاقتصادي والسياسي على أقطاب دولية أخرى (إفريقيا والاتحاد الأوروبي بالخصوص)، وبالتالي سيساهم في جعل الامتداد الاقتصادي والاستثماري الخليجي يقوم على مناطق (مغاربية، مشرقية وخليجية…).
القرار الخليجي الجديد يفرض على المغرب استثمار مختلف الجبهات لخدمة مصالحه الاقتصادية والإستراتيجية، مع استمرار السعي لتقوية باقي الجبهات (جامعة الدول العربية، اتحاد المغرب العربي، العمل على الواجهة الإفريقية والمتوسطية ومع الاتحاد الأوروبي…)، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الفعل والتأثير الدوليين للمملكة.
[email protected]