بعد أن تركوا بلدانهم وقرروا الهجرة نحو المغرب بغية تحسين وضعيتهم، اختار عدد من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الاندماج داخل المجتمع وربط علاقة مع المواطنين عن طريق التجارة.
في الشوارع والساحات والحافلات كما المحطات، يعرض مجموعة من الباعة سواء المتجولين أو القارين، ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء، سلع وخدمات خاصة، تعكس وتعبر عن ثقافات بلدانهم.
ساحة باب مراكش بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء، أصبحت معرضا لطاولات و”فراشات” مكتظة بسلع معروضة للبيع، كالمراهم وكريمات الوجه إضافة إلى إكسسوارات ومنتجات غذائية تعكس أسلوب العيش والتنوع الثقافي الذي تعرفه القارة الإفريقية.
منتجات فريدة متنوعة بكميات مختلفة وبأسعار في المتناول، حسب ما قاله إبراهيم مهاجر من السنغال، لبيان اليوم، والذي يملك طاولة لبيع مراهم وحلي وإكسسوارات محلية مستوردة من بلده، وتختلف حسب قوله على التي توجد بالأسواق المغربية، وأضاف أنه يقوم بشراء هذه السلع من بعض الأصدقاء ممن يبيعونها بالجملة سواء بالمغرب أو السنغال.
وأوضح إبراهيم البالغ من العمر 27 سنة، أنه استقر بالمغرب قبل قرابة السنتين، وحاول البحث عن عمل بمجالات مختلفة إلى أنه وجد ضالته في التجارة لتصبح وسيلة لكسب لقمة العيش له، ولأسرته الصغيرة المتواجدة بالسنغال.
وأكد المتحدث ذاته أن المغاربة والسنغاليين ومهاجرون من بلدان أخرى، يشترون هذه السلع ومنهم من يوصي بسلع أخرى حيث لم يعد هنالك فرق بين الزبناء، فالكل أصبح يعشق المنتوجات السنغالية.
في السوق الخاص بهم بمنطقة باب مراكش، تتعالى أصوات الباعة وحوارات هؤلاء المهاجرين بمختلف لغاتهم الخاصة والمتنوعة، حيث يمكنك ملاحظة مدى تنوع المنتجات الخاصة المعروضة للبيع، ويمكنك كذلك شم رائحة المواد الغذائية والأكلات من على بعد أمتار.
خلال تواجدنا بهذه المنطقة، التقينا أحمد باري وزوجته، وهم مهاجران من غينيا كوناكري يبيعان مأكولات شعبية محلية منذ أربع سنوات، يقول الزوجان أن أبرز ما يقدمانه هو الفلفل الحار المجفف وقطع السمك “المقددة” واللحم بالتوابل، بالإضافة لأشهر أكلة بغينيا، والتي تأتي على رأس قائمة الأطباق الأساسية التقليدية وهي الدجاج المجفف والمحشو بالفول السوداني، وهو طبق مميز يضاف له الكثير من التوابل والنكهات.
وأضاف باري أن بعض المغاربة يقتنون بشكل متكرر التوابل والصلصات التقليدية، سواء لغينيا أو لبلدان أخرى، لأنهم يستخدمونها أيضا في الطهي، وارتفع خلال السنوات الأخيرة إقبال المغاربة على هذه المنتوجات، كما أكدت زوجته أن المغربيات تطلبن في الغالب بعض المساحيق والمنتجات التجميلية.
وأضاف المتحدث ذاته، أن هذا النشاط التجاري يعد فرصة للعديد من المهاجرين الذين يمتهنون تجارتها في أماكن مختلفة، لكسب دخل مادي باعتبار، أن هناك إقبال كبير على هذه المواد من طرف المغاربة وباقي الجنسيات.
في المقابل هذا النشاط يجعل بعض المواطنين وخصوصا المتواجدين قرب الأماكن التي تعرض فيها هذه المواد، يعبرون عن انزعاجهم من بعض الروائح حيث يقول أحد سائقي سيارات الأجرة الكبيرة والذي يشتغل في الموقف الذي يتواجد أمام السوق، أن بعض الأكلات وخصوصا الأسماك المجففة أو “المقددة”، وكذلك الدجاج “المقدد”، يبعث رائحة مزعجة، ناهيك عن رائحة بعض المساحيق والمواد التجميلية الأخرى.
نفس الأمر تعاني منه ساكنة منطقة فرح السلام بالحي الحسني (الدار البيضاء)، حيث تحول المجمع السكني لقبلة لمختلف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء ممن اختاروا الاستقرار بالعاصمة الاقتصادية، حيث أصبح عددهم يفوق المغاربة بتلك المنطقة، هذه الأقلية من المواطنين المغاربة تعاني حسب ما استقته جريدة بيان اليوم، من مجموعة من الانزعاجات الناجمة عن هؤلاء المهاجرين، بسبب الضجيج المستمر إلى ساعات متأخرة من الليل والرائحة المنبعثة من بعض المأكولات التي يطهونها، كما أكد عدد من الساكنة أن تواجد هؤلاء المهاجرين بأعداد كبيرة يمكنه أن يشكل خطر على الأطفال الصغار نظرا لكون بعضهم من مروجي المخدرات والخارجين عن القانون.
إلياس ديلالي (صحافي متدرب)