التحول

يعمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب على بلورة خطة عمل مشتركة للفترة (2010 – 2012)، ينخرط بموجبها المقاولون المغاربة في المسؤولية الاجتماعية وفي برامج جبر الضرر الجماعي، وفي مسلسل النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي الإدماج الاجتماعي ورفع قدرات طالبي الشغل. وأعلن رئيس الباطرونا، بالمناسبة، أن اتحاد المقاولات عازم على مواصلة التزامه الاجتماعي والمجتمعي، مبرزا حرصه على مواصلة تعزيز حقوق الإنسان، من خلال إدراج هذا البعد ضمن مختلف أوراش الاتحاد.
الخطوة، برغم أنها مرت شبه عابرة في التغطيات الصحفية للأيام الأخيرة، فهي تستحق الانتباه، لكونها تجسد تحولا فعليا لدى رجال الأعمال المغاربة ومنظمتهم، وتحمل لخطابهم العلني مفردات ديمقراطية وحقوقية، فضلا عن انخراط فعلي كذلك في ورش التأهيل الديمقراطي للبلاد.
في تجارب العديد من البلدان عبر العالم، كانت لفئة رجال الأعمال وللبورجوازية الوطنية أدوار تاريخية في الدفاع عن حقوق الإنسان، وانخرطت في إنجاح المراحل الانتقالية لبلدانها وفي صنع  تحولها الديمقراطي.
اليوم، ضمن كل ما يشهده العالم من تحولات ومن عولمة الاقتصاد، صارت  قناعات المقاولين الجديين تتزايد بشأن أهمية الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبشأن ضرورة التطوير السياسي، وإعلاء حكم القانون والمحاسبة والشفافية، وبالتالي القضاء على دولة الريع أيضا في المجال الاقتصادي والمقاولاتي…
وانعكاسا لهذه القناعة، باتت لعدد من المقاولين في بلدان مختلفة أدوار سياسية ومجتمعية في بلدانهم، وصار خطابهم يقترب من الموضوع السياسي والديمقراطي.
وفي بلادنا، لا شك أن الباطرونا تشهد بدورها تحولات هيكلية ببروز مقاولين جدد بعقليات ومرجعيات مختلفة، هي التي تؤسس اليوم للتحول في الخطاب وفي العقلية وفي المسلكيات.
الخطوة المشتركة بين المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والاتحاد العام لمقاولات المغرب تستحق التنويه، وأيضا التشجيع، واستثمارها لجعل هذا التحول ممتدا في المستقبل، وشاملا لمجالات أخرى في السياسة وفي المجتمع المدني وفي مخططات التنمية المستدامة، وفي اليقظة للدفاع عن الديمقراطية وعن حقوق الإنسان ورفض الريع والفساد والرشوة، وبالتالي مساندة كل ما يتيح لبلادنا التقدم  في مسارات الدمقرطة والتحديث والعدالة الاجتماعية.
الخطوة المشار إليها، لا تخلو أيضا من دلالة وطنية مهمة، حيث أن إفصاح المقاولين بشكل علني عن معجم بهذا المضمون الديمقراطي، لم يكن متخيلا في عهد سابق، وهذا يعني أن شيئا ما يتحرك في البلد، ويستحق التفاعل معه بتفاؤل.
التحول عنوان الخطوة، والإشارة تستحق التشجيع، والبداية لا بد من استثمارها في امتداد المستقبل وشمولية الورش الوطني.

Top