التضمين العروضي.. تحولات البنية في الشعر العربي المعاصر

ضمن سلسلة “نقد”، صدر للباحث الدكتور محمد الطحناوي كتاب نقدي جديد موسوم ب”التضمين العروضي” تحولات البنية في الشعر العربي المعاصر”(2022)، عن منشورات دائرة الثقافة بالشارقة. ويأتي هذا الإصدار الجديد، ضمن مبادرة التعاون المشترك بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تسعى من خلالها دار الشعر بمراكش إطلاق سلسلة من الإصدارات النوعية، في أبواب (ترجمات، نقد، إبداع، أنطولوجيات) لإغناء المكتبة المغربية والعربية بالعناوين الإبداعية وترجمات ونقد، تستقصي أسئلة الشعر وقضاياه، وتنفتح من خلاله على جغرافيات شعرية كونية من مراكش، مهد الحداثة الشعرية المغربية.
يأتي إصدار الباحث محمد الطحناوي ضمن انشغال دار الشعر بمراكش بأسئلة النقد الشعري المغربي وقضاياه. واختار الباحث الدكتور محمد الطحناوي لكتابه، أحد القضايا الاستشكالية في سياق الحضور النصي وتحولات البنية والدلالة في الشعر العربي المعاصر، عبر استقراء شعرية التضمين العروضي. من خلال تجاوز الكثير من التضمينات، والتي لم تستحضر القافية، ضمن امتدادات الدلالة والتركيب، وفي غياب الوعي النقدي بفهم الظاهرة الشعرية المعاصرة.
رؤية جديدة، يقترحها هنا الناقد الطحناوي، في استحضار لحاجة معرفية تطلبتها “الفاعلية الشعرية، التي كانت محكومة بمعايير ترفض استمرار الدلالة في التدفّق”. لكن معطيات تتعلق بالجدة، فيما تطرحه بنيات الإيقاع في الشعر المعاصر، وما أسست له على مستويات تتعلق بالنسق النحوي، وتحريره من كيانه المغلق، وأيضا الأسئلة الجديدة التي أمست تسائل بلاغات الخطاب، جميعها أضحت تطرح دعوة لتجديد “الواقع النصي الجديد للتضمين”. فتأمل هذه الظواهر الأخرى الجديدة، كالقافية والتدوير، والتركيز على محورية القافية في ضوء مستجداتها في المتن الشعري المعاصر، وإعادة النظر في شعرنا العربي القديم، من كوة ما تفتحه سياقات بلاغة الخطاب المحدثة.
إن اختيار هذا الكتاب النقدي للباحث محمد الطحناوي، جزء من انشغال عميق بقضايا وأسئلة الشعر المغربي والعربي، ضمن منظورات مختلفة، تحاول جاهدة أن تلامس صلب الأسئلة، والإشكالات العميقة لخطابنا الشعري.
ولعل المتتبع للنقاش النقدي الدائر، حول شعرية التضمين العروضي، يؤسس لهذا الأفق من خلال حلحلة العديد من اليقينيات والبديهيات، التي تحكمت في مقارباتنا لهذه الظاهرة، في المنجز الشعري العربي القديم والمعاصر.
وحين اختار الباحث الطحناوي خوض غمار هذه المغامرة النقدية، فهو يستحضر أن ظاهرة التضمين قد شغلت حيزا مهما من النقاش النقدي القديم والمعاصر، لارتباطها بوحدة البيت في النقد القديم، والوحدة العضوية في النقد الحديث، إلى جانب القصور في الدراسة النصية لها، وفي فهم الحضور المعاصر لها داخل المنجز الشعري المعاصر.
اختار كتاب الناقد محمد الطحناوي “شعرية التضمين العروضي: الحضور النصي وتحولات البنية والدلالة في الشعر العربي المعاصر”، ضمن ما يمارسه من “نقد النقد في النقاش النظري القديم والمعاصر حول التضمين العروضي”، محاولة لإعادة قراءة “بعض نماذج حضوره النصي باستدعاء الأسلوبية وبلاغة الخطاب المحدثة”. لكن مع استحضار لشكل الحضور النصي المعاصر لظاهرة التضمين، وعلى هذا الأساس، أصبح فهم التضمين العروضي، يستلزم ضبط الحضور المعاصر للقافية والتدوير كما يطرحهما هذا الكتاب، والذي نأمل أن يؤسس لنقاش نقدي يفيد أفق شعريتنا العربية وأسئلتها.

Related posts

Top