السؤال الاجتماعي

يطرح المواطنون والمواطنات من مختلف مناطق البلاد، سواء في التصريحات التي تبثها القنوات التلفزيونية بمناسبة الحملة الانتخابية الجارية، أو أثناء الأحاديث المباشرة مع المرشحين، العديد من مشاكلهم الاجتماعية والمعيشية مثل: الصحة، الطرق، الماء والكهرباء، البنيات التحتية، غلاء الأسمدة والبذور على صغار الفلاحين، التمدرس، الفقر، البطالة، بطء المعاملات الإدارية وانتشار الفساد الإداري… ولئن كان من الأولى طرح معظم هذه المشاكل في انتخابات جماعية، فإن ما يستحق الانتباه إليه هنا هو حجم هذه المطالب الاجتماعية المعبر عنها من طرف الساكنة، وخصوصا في المناطق الجبلية والنائية، وفي الأحياء المهمشة والمدن الصغيرة والمتوسطة، وهذا يطرح مرة أخرى الحاجة إلى الرفع من وتيرة إنجاز الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا، كما يعتبر ذلك أيضا رسالة من شعبنا إلى المؤسسة التشريعية المقبلة، وإلى الحكومة التي ستنبثق عنها، أي محورا جوهريا في سلم أولويات البلاد للمرحلة القادمة.
وعندما يبرز شعار «الكرامة الآن» عاليا في فضاء حملاتنا الانتخابية، فلأنه الشعار الذي يجسد تحديات المرحلة، ويلخص مطالب فئات واسعة من شعبنا، والتي لم يعد في وسعها اليوم تحمل المزيد من المعاناة مع الفقر والهشاشة والعطالة وشظف العيش.
إن هواجس المستضعفين من شعبنا اليوم تدور حول مشاكلهم مع الشغل ومع السكن ومع الصحة ومع التعليم، ومن ثم فإن الجواب الذكي يكمن في وجود نخب سياسية وتدبيرية تتمثل هذا البعد الاجتماعي، وتستحضره بقوة، وتسعى إلى إعمال جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، يكون بمقدورها إيجاد أجوبة لانشغالات الناس، والنزول إلى الميدان لمحاورتهم وإقناعهم بها، وتعبئتهم للمساهمة في إنجاح دينامياتها.
ومن الطبيعي أن نخبا كهذه، تستمد وجودها وتاريخها من النبض النضالي لشعبنا، ستكون قادرة على محاربة الفساد وعلى إبعاد المفسدين وعلى تعزيز دولة القانون في السياسة وفي الاقتصاد، ومن ثم بلورة حكامة جيدة، هي نفسها قادرة على تمكين بلادنا من نقاط إضافية في سلم تنميتها وتقدمها.
ومن جهة أخرى، فإن إعادة إنتاج عقلية الفساد التي عانت منها البلاد لعقود، وإرجاع كائنات انتخابوية بمسميات جديدة إلى المسؤولية، من شأنه أن يفاقم القلق وسط شعبنا وشبابنا، ويزيد من حنق الشباب  ومن منسوب اليأس بداخله، خاصة عندما يستحيل على مثل هذه الكائنات الريعية  النزول للحوار مع الشباب ومع الشارع، وبلورة المخارج السياسية المناسبة لكل المآزق.
إن محطة 25 نونبر لحظة حاسمة في مسارنا المغربي، والرهان هو في قدرتها على صنع الأجوبة السياسية لسياقنا المجتمعي المتفاعل مع محيطه المغاربي والعربي، وفي إنتاج نخبة وطنية ديمقراطية ذات مصداقية وخبرة للنهوض بمختلف تحديات المرحلة.
[email protected]

Top