أكد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي، الاثنين بالرباط، أن المغرب راكم تجربة هامة في مجال الحوار الاجتماعي، داعيا إلى تعزيزه بإطار وطني حتى “لا يبقى هذا الحوار رهينا برغبة الحكومة او الفرقاء الاجتماعين”.
وشدد الصديقي في مداخلة ألقاها في الجلسة الأولى للمنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية، الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار “مأسسة الحوار الاجتماعي: مدخل أساسي للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية”، على أن الحوار الاجتماعي يتعين أن يصبح عملية ملزمة للجميع وفقا لآليات مضبوطة، مشيرا إلى أهمية العمل من أجل بذل جهود مشتركة في سبيل تحقيق هذا المبتغى تلتئم في إطارها كل من الحكومة والفرقاء الاجتماعيين وأرباب العمل.
ودعا الوزير خلال هذه الجلسة التي تمحورت حول “مكونات الحوار الاجتماعي”، الى دعم النقابات بما يكفي من الامكانيات المادية والبشرية لتصبح قوة اقتراحية، مشيرا في ذات الصدد إلى ضرورة أن تضطلع المقاولات أكثر بمسؤولياتها الاجتماعية، على اعتبار أن العديد منها لا تفي بواجبها الاكمل تجاه عمالها ومستخدميها.
من جهة أخرى، أبرز الوزير أن 90 في المائة من السكان النشيطين يشتغلون في القطاع الخاص، وهو ما يحيل، برأيه، على ضرورة الارتقاء بهذا القطاع وتمكينه من كل أوجه الدعم اللازم.
من جانبه، أكد وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بالنيابة، إدريس مرون، أن تجربة الحوار الاجتماعي في المغرب تندرج في إطار انخراط المملكة في دينامية الديموقراطية التي تتوخى تعزيز منظومة حقوق الانسان في شموليتها.
واعتبر أن احترام منظومة حقوق الانسان، كما هي متعارف عليها دوليا، يشكل دعامة أساسية لإرساء السلم الاجتماعي وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والوعي بأهمية مواصلة تحديث أليات التدبير العمومي وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة كخيار استراتيجي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
في سياق ذلك، أكد مرون أن مأسسة الحوار الاجتماعي ظلت، على مدى عدة سنوات، من المواضيع المطروحة للنقاش بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، مستعرضا بالمناسبة أهم المكاسب التي تحققت لفائدة العمل في القطاعين العام والخاص في إطار هذه الآلية.
أما الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي مخارق، فقد أبرز من جهته أن موضوع المنتدى والمتعلق بمقاربة الحوار الاجتماعي يقع في صلب الملف المطلبي للحركة النقابية، وأنه يعد رافعة أساسية للتنمية وتجسيدا راقيا وحضاريا لتدبير الصراع والخلاف.
وأشار مخارق إلى أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية هامة ذات الصلة بالحوار الاجتماعي، معتبرا أن تعثر هذا الحوار يرجع أساسا إلى “غياب الإرادة السياسية للحكومة”، الأمر الذي جعل، برأيه، هذا الحوار يبقى “موسميا وصوريا” في كثير من الأحيان.
وسجل ذات المصدر أن السلم الاجتماعي لن يتحقق إلا عبر بوابة الحوار الاجتماعي، لافتا إلى ان الحكومة مررت، في غياب تشاور حقيقي مع النقابات، عدة قوانين لها آثار بعيدة المدى على وضعية الطبقة الشغيلة، من قبيل إصلاح نظام التقاعد والتوظيف بالعقدة في أسلاك الوظيفة العمومية.
من جهة أخرى، أبرز الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغالين بالمغرب، عبد الإله الحلوطي، أن الحوار الاجتماعي يعد من العوامل الأساسية التي تفضي إلى التنمية الاجتماعية، مشددا على أن الحوار يعد ثمرة نضال خاضته على مدى عدة سنين الحركة النقابية.
وأقر بأن الحصيلة الحالية لجولات هذا الحوار تكشف بأن حجم المطالب النقابية التي تحققت يبقى ضعيفا، لافتا إلى أن الحوار الاجتماعي الحقيقي هو الذي يقوم على التفاوض والنضج النقابي حتى لا يتحول إلى مجرد “جلسات للاستماع” لا تفضي إلى نتائج ملموسة.
أما كافي الشراط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، فقد شدد على أن الارتقاء بآلية الحوار الاجتماعي يستوجب بالضرورة توفر إرادة سياسية، مبرزا أن جلسات هذا الحوار ظلت في كثير من الاحيان تتسم بالموسمية “لا يدعى إليها إلا بفعل التحرك والضغط المجتمعي”.
واعتبر أن مكاسب الحوار الاجتماعي تتأتى أساسا بفضل نهج توجه اقتصادي ناجع وإرادة سياسية، موضحا أن الإكراهات المالية والتنظيمية غالبا ما تحول دون أجرأة بعض المطالب النقابية.
وعن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أبرز علال بلعربي، أن الحديث عن مأسسة الحوار الاجتماعي هو حديث عن المستقبل، معتبرا أن هذه الآلية تبقى هي الخيار الأسلم لحل جميع الصراعات في مجال الشغل.
وأوضح ان ثقافة الحوار الاجتماعي وبناء تعاقدات بين الدولة والمقاولات وأرباب العمل يساهم في تأمين التماسك والاستقرار المجتمعي، محذرا في ذات السياق من مغبة الانفراد في اتخاذ القرارات التي تهم الطبقة الشغيلة في غياب أي تشاور مع الهيئات والمركزيات النقابية الممثلة لها.
أما عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، فقد أكد عبد الإله حفظي أنه “لا يوجد أي خلاف بشأن الأهمية التي يكتسيها الحوار الاجتماعي في الحفاظ على السلم الاجتماعي”، موضحا أن هذا الحوار يظل “طموحا وطنيا مشتركا” بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة وأرباب العمل.
وأشار إلى أن المقاولة تعد محركا أساسيا في تحقيق السلم الاجتماعي، معتبرا، على خلفية ذلك، أن الحكومة مطالبة بدعم المقاولات والنقابات من خلال برامج ومبادرات ذات الصلة بالتشغيل والاستثمار والارتقاء بالحوار الاجتماعي.
والجدير بالذكر أن المنتدى البرلماني الدولي الثاني للعدالة الاجتماعية يهدف إلى تكريس تقليد الاحتفال المنتظم باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، كمناسبة سنوية لخلق التراكم في النقاش العمومي حول مواضيع مجتمعية ذات طابع استراتيجي، كما يتوخى إبراز النموذج المغربي في مجال الحوار الاجتماعي.
وتضمن برنامج المنتدى ثلاث جلسات تتناول ثلاثة محاور تهم “مكونات الحوار الاجتماعي”، و”الحوار الاجتماعي: المعايير والممارسات الفضلى”، و”مأسسة الحوار الاجتماعي: أية آفاق”.
الصديقي يدعو إلى إطار وطني لتعزيز الحوار الاجتماعي بالبلاد
الوسوم