الفنانة حسناء الشرتي.. سيدة الألوان التي ترسم أحلامها بأنامل الإبداع

في عالم الفن التشكيلي، حيث تتراقص الألوان على نسيج الإبداع لتروي حكايات تتجاوز حدود الزمن والمكان، تبرز الفنانة المغربية حسناء الشرتي كصوت بصري متفرد، يفيض بالعاطفة والخيال، ليست لوحاتها مجرد ضربات فرشاة، بل هي نوافذ مشرعة على عوالم من الأحاسيس العميقة، تأخذ المشاهد في رحلة تأملية، حيث تمتزج الألوان لتخلق تناغما بصريا يبهر العين ويسحر الروح.
وُلدت الفنانة حسناء الشرتي في الرباط، وسط بيئة تحتضن الفن وتزخر بالإبداع، منذ صغرها، أظهرت شغفا فطريا بالألوان والتصاميم، حيث بدأ عشقها للفن من بوابة التطريز، الذي لم يكن مجرد حرفة تقليدية، بل نافذة فتحت لها آفاق التعبير الفني، قبل أن تتعمق أكثر في عالم الرسم والتشكيل، لم يكن الطريق مفروشا بالورود، لكن إصرارها وشغفها دفعاها لاستكشاف تقنيات وأساليب جديدة، حتى أصبحت ريشتها سلاحها الأقوى في ترجمة مشاعرها وأفكارها على القماش.
ورغم التحديات، وجدت في والدها، رحمه الله، السند الأكبر والداعم الأول لمسيرتها.. لم يكن حضوره مجرد تشجيع، بل كان رفيقا لرحلتها، يساعدها في تحضير أدواتها، يناقش أفكارها، ويدفعها لاكتشاف إمكانياتها دون خوف، كان يؤمن بموهبتها إيمانا راسخا، ما جعل أثره في حياتها لا يمحى، لتظل روحه رفيقا لها في كل لوحة ترسمها، كأنها ترد له الجميل بفيض من الألوان التي تروي قصص الحب والامتنان.
ما يميز أعمال حسناء الشرتي هو علاقتها العميقة مع الألوان، حيث تتعامل معها كما يتعامل الموسيقي مع نوتاته، فتخلق من تدرجاتها سمفونية بصرية تنبض بالحياة.. الأحمر في لوحاتها يحكي عن الشغف والقوة، الأزرق يعكس التأمل والسكينة، أما الأصفر فهو شعاع من الأمل والتفاؤل.
عبر مزيج من التجريد وشبه التجريد، تقدم حسناء الشرتي رؤية فنية متفردة، حيث تتحول الأحاسيس إلى أشكال، وتذوب الحدود بين الواقع والخيال، لتخلق أعمالا تحتفي بالحياة بكل تناقضاتها.
لا تنحصر لوحات حسناء الشرتي في كونها انعكاسا لذاتها، بل تتعدى ذلك لتصبح مرآة للقيم الإنسانية المشتركة، حيث تسلط الضوء على قضايا المرأة، الهوية، الطبيعة، وحتى الصراعات الداخلية التي يعيشها الإنسان، إنها تجعل من كل لوحة رسالة، ومن كل معرض منصة للحوار الثقافي، مؤكدة أن الفن لغة عالمية قادرة على تجاوز الحدود الجغرافية والثقافية.
لا تتوقف طموحات الفنانة حسناء الشرتي عند حدود المشهد المحلي، بل تسعى إلى ترك بصمتها في الساحة الدولية، مشاركتها الأخيرة في معرض living 4 art في الدار البيضاء كانت خطوة أولى في مسيرة مليئة بالتحديات والإنجازات، تسعى من خلالها إلى نشر فنها في أروقة المعارض العالمية، حيث تؤمن بأن للفن قدرة على بناء جسور التواصل بين الشعوب.
لوحات حسناء الشرتي ليست مجرد أعمال تعلق على الجدران، بل هي قصائد بصرية تخاطب الروح وتحفز الخيال، تدعو المشاهد لاكتشاف عوالمها السحرية، حيث يصبح الفن وسيلة لفهم الذات وإعادة اكتشاف الجمال المختبئ في تفاصيل الحياة، هي ليست مجرد فنانة، بل هي روح حالمة، تسافر عبر ألوانها، وتمنح كل من يتأمل أعمالها تذكرة دخول إلى عالم مفعم بالمشاعر، حيث تتجسد الأحلام وتحكى الحكايات بلغة الريشة والإبداع.
حسناء الشرتي، هي فنانة ترسم ليس فقط بالألوان، بل بالروح، في كل ضربة فرشاة، وفي كل لون يمتزج بآخر، تحكي قصة شغف لا ينطفئ، وإرادة ترفض أن تحَد بحدود، هي ليست مجرد فنانة تشكل الألوان، بل هي روح تنبض بالإبداع، تحول اللوحة إلى مرآة تعكس أحلامها، وتفتح نوافذ جديدة للتأمل والتساؤل، مع كل عمل تضيفه إلى رصيدها، ترسخ مكانتها كواحدة من أبرز الأسماء الصاعدة في عالم الفن التشكيلي، لتؤكد أن الإبداع الحقيقي هو ذاك الذي ينبع من القلب، ويصل إلى قلوب الآخرين.
والفنانة حسناء الشرتي، دون شك، تملك مفاتيح القلوب بألوانها التي تتحدث لغة لا يفهمها سوى عشاق الجمال.

>بقلم: عبد المجيد رشيدي‎

Top