مباراة ربع نهائي كأس العرب بين المنتخبين المغربي والجزائري، أول أمس السبت، لم تكن مباراة عادية، أو هكذا أريد لها، ولم تكن مجريات الملعب ووقائعه هي التي حكمتها، ولكن السياقات الخارجة عن الكرة هي التي لفتها تماما ورهنتها.
كان اللعب عصبيا، وساد التوتر وكل أشكال الضغط وسط مربع الملعب وفي المدرجات ولدى المتابعين في كل مكان، وتبعا لذلك فاز من نجح في هزم الضغط النفسي.
لقد ارتكب لاعبونا العديد من الأخطاء، وحتى المدرب لم يفهم ما وقع للاعبيه داخل الملعب، وبدت التشكيلة مرتبكة وخائفة، وتصطدم بأخطاء بدائية أحيانًا.
ولكل هذا، يجب أن تنسى المباراة وتطوى صفحتها، وأن يدرك الجميع أن أي مباراة كرة القدم فيها رابح وخاسر، وقد فاز من استحق ذلك، وانتهى الأمر.
منتخبنا الرديف، مع ذلك، لا يخلو من مهارات، والعمل التقني والتأطيري الذي أنجز أسس لمكتسبات، ويجب اليوم استثمار كامل المجهود وتثمينه، وتصحيح النواقص، وتطوير الجهد الذي بذل.
إلى جانب مجريات المقابلة ونتيجتها النهائية، سجلنا تنافسا نديا حادا بين لاعبي المنتخبين، وحضورا جماهيريا حاشدا، وتابع الكل صراعا رياضيا خلا من السباب والتهجمات، وبدل ذلك حضر العناق بين اللاعبين وتبادل التحايا والابتسامات، وسادت الأجواء نفسها بين الجمهورين في مدرجات ملعب الدوحة، وهذه الصورة هي الدرس الحقيقي والبليغ الذي قدمه هذا الديربي المغربي الجزائري على أرض قطر…
برغم كل التجييش البدائي الذي سبق المباراة، فقد ناب لاعبو الفريقين عن شعبي المغرب والجزائر، وعبروا للجميع عن المحبة المتبادلة بينهما، وأكدوا للعالم أن اللعب كان بين أشقاء يعرفون بعضهم البعض، ويشبهون بعضهم البعض في كل شيء، وليست بينهما أحقاد أو كراهية، واندرجت الرسالة المعبرة ضمن طريق اليد الممدودة، وضمن أفق الأخوة الراسخة، وليس في منطق العداء المرضي.
لقد كان الأمر مجرد مباراة لكرة القدم، وهي انتهت وعرفت نتيجتها، ولكن بقيت منها رسالة رمزية دالة صنعها اللاعبون، وأيضا الجمهور في المدرجات، وهذه الرسالة يجب أن يلتقطها من يهمه الأمر في قصر المرادية، وأن يستوعبها جيدا، ويفهم بلاغتها.
لننتقل إذن نحو شيء آخر…
محتات الرقاص