“كنت كنجيب القفة عامرة دبا وليت كنجيب غير النص ديالها”، هكذا جاء رد فاطمة ربة بيت وأم لثلاثة أطفال، عن سؤال جريدة بيان اليوم، حول أحوالها مع مهمة تدبر غذاء العائلة، معبرة عن استيائها وقلقها اثر الزيادات الصاروخية لأثمنة الخضر والفواكه ومعظم المواد الغذائية.
وقالت فاطمة، إن ميزانية الأمس لم تعد تكفي لسد احتياجاتها العائلية من المواد الغذائية، فأصبحت تكتفي بنصف ما يخصها من متطلبات المعيشة، مؤكدة أن قدرتها الشرائية لم تعد تتوافق مع لهيب الأثمان في الأسواق المغربية.
وأضافت فاطمة في تصريح للجريدة، أن ربات البيوت هن أكثر المتضررات من هذه الزيادات، التي أضحت تشكل معاناة كبيرة لهن، إذ أن هذه الفئة غالبا ما تنسى ويسدل عليها الستار، بدون صوت يغيثها، لاسيما وأن هذا الوضع تزامن مع تنفس الصعداء بعد سنتين من الأزمة بسبب الجائحة، التي أدخلت القلق الاجتماعي إلى بيوت هذه الفئة.
من جهته، أوضح عزيز، رب أسرة، أن ميزانية المعيشة التي كانت توفر منها زوجته القليل، لم تعد تكفيها حتى في الأساسيات من خضر ومواد غذائية ضرورية، وأضاف أن قدرته الشرائية كمواطن أجير من ذوي الدخل المحدود، ضعفت كثيرا أمام “جنون الأسعار”، الذي شهدته مجموعة من المواد الأساسية.
وأضاف عزيز بحرقة في تصريح لبيان اليوم، أن المواطن البسيط أصبح مقهورا من هذا الوضع الذي أثقل كاهله المادي والمعنوي، معبرا عن غضبه بالقول: “إذا لم تنخفض الأثمنة ستعم الفوضى في البلاد، وستعلن حرب الطعام والعياذ بالله”.
ويرى عزيز أن الحكومة عاجزة عن التواصل مع المواطنين واتخاذ قرارات جريئة أمام هذا الوضع المزري، الذي أثر بشكل سيء على المواطن الضعيف وعلى قدرته الشرائية، مشيرا إلى وجوب التحرك العاجل لإيجاد الحلول تخفيفا من معاناة المواطنين.
وقامت جريدة بيان اليوم، بجولة في أسواق مدينة الدار البيضاء، للاطلاع على أسعار الخضر والفواكه والأسمك والدجاج، الذي يعتبر المغرب من منتجيه، في حين تظل أثمنتها مرتفعة بشكل كبير داخل الأسواق.
ويبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد من الطماطم 10 دراهم في مختلف الأسواق، وثمن البطاطس للكيلوغرام الواحد يناهز 5 دراهم، أما الفلفل الأخضر فيتراوح ثمنه ما بين 8 إلى 15 درهما، فيما الفلفل الأصفر، يتعدى ثمنه 20 درهما.
إلى جانب ذلك، يتراوح ثمن البيضة الواحدة بين 1 و1.30 درهما، أما الدواجن فقفز سعرها إلى 22 درهما للكيلو، فيما يتراوح ثمن اللحم الأحمر بين 70 إلى 90 درهم للكيلو، وتأتي هذه الزيادات في شهر رمضان الذي يعرف إقبالا من قبل المغاربة.
وتعزو المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة إخبارية لها، هذه الزيادة بشكل أساسي إلى ارتفاع واردات منتجات الطاقة بنسبة 88.8 بالمائة تحت تأثير الارتفاع الكبير في المنتجات المكررة لا سيما الغازوال وزيت الوقود.
وقال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن “المغرب يعيش أزمة حقيقية على غرار جميع دول العالم، طالت جميع القطاعات وتسببت في ارتفاع الأسعار وخاصة الغذائية والطاقية والصناعية، مما أثر سلبا بكثير على القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي ظل المستهلك ينتظر تدخل الحكومة لاتخاذ إجراءات شجاعة وبناءة من أجل حماية قدرته الشرائية”.
وأوضح بوعزة الخراطي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن “الحكومة غير مسؤولة عن ارتفاع الأسعار المسجلة في الخارج، لكنها مسؤولة عن تنظيم السوق وحمايته من تكاثر “المضاربين” مما يساهم بكثرة في زيادة ارتفاع الأسعار”.
ودعا الخراطي الحكومة إلى “تدبير الأزمة بطرق علمية لصون القدرة الشرائية للمواطن”، واقفا عند مشكل غياب التواصل من قبلها في تدبير الأزمات الداخلية، و”أصبح صمت الحكومة مقلقا إلى حد خلق حالة هلع ورعب من المستقبل القريب” وفق تعبيره.
وقدمت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، مقترحا للمفاهمة في حل الأزمة، من خلال تخفيض 50 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة لفترة وجيزة، والتراجع عن الزيادات المتعلقة بالضريبة على الرسوم الداخلية للاستهلاك TIC، وإن اقتضى الحال اللجوء إلى المادة 4 من قانون حرية الأسعار والمنافسة بتحديد أسعار المحروقات لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد.
وأشار بوعزة الخراطي أن “الزيادات ستعرف انخفاضا مع تأثير العوامل الداخلية بعد انخفاض الطلب، ولكن لاحول ولا قوة بالله في ما يتعلق بالأسعار المستوردة، وهذا يتطلب تدخلا عاجلا من قبل الحكومة”.
يذكر، أن مجلس النواب سيخصص الجلسة الشهرية ليوم 18 أبريل الجاري، لمساءلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات.
< سلمى شادي (صحافية متدربة)
< تصوير: أحمد عقيل مكاو