ترامب أمام احتمال عدم تأكيد التزام إيران بالاتفاق النووي

غالبا ما يبدي الرئيس دونالد ترامب معارضته للاتفاق الهادف إلى كبح برنامج إيران النووي لكن مسؤولين يقولون إنه بعيدا عن إلغاء الاتفاق فإن ترامب يعتزم إعادة القرار بشأنه إلى الكونغرس.
ومع اقتراب الموعد الحاسم في 15 أكتوبر، قال العديد من المسؤولين المطلعين على مشاورات البيت الأبيض لوكالة فرانس برس أن ترامب أوضح بأنه لا يعتزم تأكيد التزام إيران بالاتفاق.
والاتفاق الموقع عام 2015 خلال فترة حكم سلفه باراك أوباما يعفي طهران من عقوبات اقتصادية، مقابل وضع حد لعمليات تخصيب اليورانيوم والسماح بعمليات تفتيش للمواقع.
ويجبر القانون الرئيس الأميركي على إبلاغ الكونغرس كل 90 يوما عما إذا كانت إيران تحترم الاتفاق، الأمر الذي أدى إلى متاعب سياسية للرئيس في مناسبتين.
فقد اتهمت إدارة ترامب علنا إيران بانتهاك “روحية” الاتفاق — المعروف باسم “خطة التحرك الشاملة المشتركة” — رغم أن بعض المسؤولين يقرون في مجالس خاصة أن هناك خط رفيع يفصل بين اختبار القدرة والانتهاك الفعلي.
وأعلن أكبر مستشاري ترامب العسكريين، قائد أركان الجيوش الأميركية الجنرال جيمس دانفورد أمام الكونغرس أن المعلومات التي وصلته “تشير إلى أن إيران تلتزم خطة التحرك الشاملة المشتركة”.
لكن الجمهوريين يتعرضون لضغوط سياسية داخلية لتنفيذ وعود الحملات الانتخابية بإلغاء الاتفاق.
وصف ترامب الاتفاق بأنه “معيب للولايات المتحدة” وحض الحلفاء والأطراف الموقعة عليه في لندن وباريس وبرلين على اعادة التفاوض عليه، وهو ما قالوا إنهم لا يرغبون القيام به.
ولكن الآن يتم النظر في مسار وسطي، يجعل معارضة ترامب للاتفاق واضحة لكنه لا يلغي الاتفاق صراحة بل ربما يوقف إجراءات مراجعته كل 90 يوما من قبل الرئيس.
ومن الممكن أن يعتبر ترامب أن إيران انتهكت الاتفاق — وبشكل أقل استفزازا — يرفض تأكيد التزامها به ما يمنح الكونغرس 60 يوما لاتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات.
وأثارت المسألة جدلا حادا داخل إدارته، ومع رئيس لا يمكن التنبؤ بخطواته، فإن أي شيء ممكن حدوثه قبل الموعد الحاسم.
لكن “يبدو أنه يسير نحو ذلك الاتجاه” بحسب أحد المسؤولين الذي يتوافق مع آراء آخرين رفضوا تسجيل أقوالهم نظرا لحساسية الموضوع.
ويرغب المتشددون في مواجهة مع إيران، فيما يحذر آخرون من مغبة اشعال الشرق الأوسط والأضرار بشكل كبير بالعلاقات مع حلفاء أوروبيين يعتبرون الاتفاقية في مصلحتهم الوطنية.
ويحذر بعض المساعدين من مغبة تصعيد التوتر وسط تفاقم الأزمة النووية مع كوريا الشمالية.
خرج الجدل إلى العلن الثلاثاء عندما عارض وزير الدفاع جيم ماتيس موقف ترامب القائل بأن الاتفاق “يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي”.
وقال ماتيس أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس “في الوقت الحالي، وفي غياب أي مؤشر خلافا لذلك، فإنه أمر ينبغي على الرئيس أن ينظر في الحفاظ عليه”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان الاتفاق مع ايران يصب في المصلحة الوطنية أجاب ماتيس “نعم سناتور، اعتقد ذلك”.
وبإعادة الكرة إلى ملعب الكونغرس، فإن ترامب لا يزال بإمكانه فتح الباب أمام إلغاء الاتفاق.
ويمكن أن يقرر المشرعون فرض عقوبات من شأنها، في حال تطبيقها، أن تخرق بنود الاتفاقية وتجعل الولايات المتحدة تبدو في دور المنتهك لها.
لكن في المجالس الخاصة، يواجه الاقتراح ببرودة من قبل بعض الجمهوريين في الكابيتول هيل حيث العلاقات متوترة مع الرئيس.
وقال مصدر في الكونغرس إنه “من المبكر جدا” معرفة ما إذا سيكون هناك تأييد كاف لفرض عقوبات.
ويتوقف الكثير على الطريقة التي سيؤثر فيها ترامب على قرارهم، إذا طالب ترامب الكونغرس بالقيام بواجبه وفرض عقوبات على إيران فإن الضغوط ستتزايد.
وتقول كوري شيك العضو السابق في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض وتعمل حاليا في معهد هوفر “أرى جيدا لماذا يريد البيت الأبيض إعادة الاتفاق إلى الكونغرس: يستفيد الرئيس من عدم تأكيد (الالتزام الايراني) لكن على الكونغرس أن يتحمل مسؤولية ما يعنيه ذلك”.
وتضيف “يبدو أنها استراتيجية مريبة للبيت الأبيض تتيح للرئيس أن يتصرف بتهور وأن يعتمد على الكونغرس للقيام بتصرف بطولي وتجنب كارثة”.
ويأمل البيت الأبيض في استخدام التهديد بفرض عقوبات لحشد التأييد لنهج أكثر تشددا حيال إيران.
ويرغب البيت الأبيض في كبح برنامج الصواريخ البالستية لطهران، وإنهاء دعمها مجموعات مسلحة في الشرق الأوسط ومراجعة “شروط انتهاء فترة سريان الاتفاق” ما من شأنه الغاء العقوبات بشكل دائم دون توقف البرنامج النووي بشكل نهائي.
وتلك مسائل يعتقد الحلفاء أنه يتعين مناقشتها بشكل منفصل أو في اتفاقية لاحقة. وهناك أيضا مخاوف متزايدة أنه في حال الابقاء على الاتفاق، إلا يعود النقاش نفسه كل 90 يوما.
ويطالب بعض المؤيدين المترددين داخل البيت الأبيض بإزالة شرط تأكيد الالتزام الايراني من أي قرار للكونغرس، ما سيسهل الأمور أكثر على ترامب.

Related posts

Top